أنس جابر.. «رائدة» بدرجة «محاربة»

  • 9/9/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تدرّبت أنس جابر في ملاعب الفنادق خلال طفولتها، ثم مع الفتيان، قبل أن تحطّم الحواجز وتقف على بعد خطوة تاريخية «السبت» في فلاشينج ميدوز الأميركية، حيث تسعى أن تصبح أول لاعبة أفريقية وعربية تحرز لقب بطولة كبرى في التنس. أوّل لاعبة عربية في ربع نهائي بطولة كبرى في أستراليا 2020، أول عربية متوّجة بدورة احترافية في برمنجهام 2021، الأولى عربياً بين العشرة الأوائل في التصنيف العالمي وصولاً إلى «الوصافة»، وأول متوّجة بلقب إحدى دورات الألف في مدريد في مايو الماضين، قبل إنجازيها في ويمبلدون في يوليو الماضي عندما خسرت النهائي، ثم فلاشينج ميدوز راهناً عندما تلاقي البولندية الأولى عالمياً إيجا شفيونتيك في النهائي. يذكر أن الجنوب إفريقيات أيرين باودر بيكوك «فرنسا 1927»، رينيه شورمان «أستراليا 1959»، وسارة رينولدز «ويمبلدون 1960»، هن الوحيدات من أفريقيا بلغن نهائي البطولات الأربع الكبرى، في حقبة الهواة التي باتت احترافية في العام 1968. تسلقت جابر المصنفة خامسة عالمياً القمة بسرعة في غضون عامين، وتبقى فخورة بتونس، وطنها وبلد نشأتها «حيث تدرّبت بين الثالثة والسادسة عشرة او السابعة عشرة». وفي مبادرة منها قامت خلال شهر يوليو 2021، ببيع مضربيها في المزاد العلني لشراء معدات طبية ومساعدة المستشفيات في بلادها التي شهدت موجة «تسونامي» من جائحة كوفيد-19، وساهمت بترميم وإعادة تهيئة مدارس ومعاهد في محافظات مهمّشة في شمال غرب تونس. يُعرف عنها جرأة وصرامة في اللعب ولا تتردّد في أن تتوقف لتطلب من أحد المشجعين التزام الصمت لتتمكن من التركيز. وصمّمت شركة المستلزمات الرياضية «لوتو» قميصا خاصا بها كُتب عليه «يلّا حبيبي»، في إشارة إلى أن اللاعبة «مصدر إلهام للآخرين». مرحة وتسعى دائماً إلى التعليق بطريقتها الخاصة، حيث تملك جرأة لطلب الاستماع إلى إيقاعات وأغان تونسية بعد كل مباراة انتصرت فيها خلال دورة برلين التي أحرزت لقبها هذه السنة، وتفاعل معها المسؤول عن التنشيط في الملعب وبث لها خصيصاً مقطعاً من أغنية لفنان الراب التونسي «بلطي». كثيرة النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي وتنشر مقاطع فيديو وصوراً لجزء من حياتها العائلية الخاصة مع زوجها المعد البدني كريم كمّون وكذلك باحتفالها بانتصاراتها بعد كل دورة. وُلدت أنس أو «وزيرة السعادة» كما يلقّبها التونسيون في مدينة قصر هلال الساحلية (شرق)، في 28 أغسطس 1994، في عائلة تتكوّن من شابين وفتاتين هي أصغرهم. عن الدور الكبير الذي لعبته والدتها سميرة في إطلاق مسيرتها، تقول «والدتي كانت ملهمتي، هي عاشقة كبيرة للتنس وأخذتني إلى نادٍ للتنس عندما كنت بعمر الثالثة، كانت تمارس اللعبة مع أصدقائها وأقوم أنا بالتعليق». تابعت «كنت امضي كل النهار سعيدة في نادي التنس لدرجة أني كنت أنسى تناول الطعام». قالت لوالدتها «يوما ما سأجعلك تشربين القهوة في رولان جاروس». كانت بداية أنس في محافظة سوسة الساحلية شرق البلاد، في ملاعب على ملك فنادق في المنطقة السياحية، ثم انتقلت إلى ملعب «نادي حمّام سوسة» في ذات المحافظة «بدأت في نادٍ صغير في بلدتي في المنستير ثم انتقلنا إلى حمام سوسة «شرق»، لعبت هناك في الفنادق لعدم تواجد أندية التنس». أردفت جابر التي بدأت خطواتها الأولى بمركز النهوض بلعبة التنس في المدرسة مع مدربها آنذاك نبيل مليكة، انه «بعد خوض دورات محلية وتحقيق نتائج جيدة، خضت أول دورة دولية في باريس عندما كنت بعمر العاشرة، بعمر الثالثة عشرة ذهبت إلى تونس العاصمة للتدرب والدراسة في الوقت عينه». مدرّبها مليكة الذي رافقها طوال عشر سنوات، اكتشف موهبة فريدة بشخصية «تحاول ان تكون المتميزة» على بقية رفاقها من البنات والأولاد كذلك. -يشرح مليكة الذي رافقها حتى بلوغها الثالثة عشرة «كانت لها قدرات تحكم كبيرة في الكرة، حتى أن مدربين آخرين حاولوا استقطابها لكرة اليد، وفعلا فكّرت أنس بجدية في تغيير اختصاصها لكن تمسّكت ببقائها في رياضة التنس». يقول زميلها السابق عمر العبيدي من أمام ملعب للتنس يحمل اسمها تكريماً لها في «نادي حمّام سوسة» حيث أمسكت البطلة المضرب لأوّل مرة «أتذكر أننا كنا نلقبها روجيه فيدرر» نسبة إلى أسطورة التنس السويسري. تابع «واجهتها خلال التمارين، فرمت كرة ساقطة حاولت اللحاق بها لكني سقطت وكُسرت يدي»، منذ ذلك التاريخ «تلقبني بالخبيزة باللهجة التونسية تعني المغلوب». انتقلت إلى المعهد الرياضي بالمنزه «حكومي يضم نخبة الرياضيين»، لتبدأ مشواراً جديداً في «مدرسة رياضة متخصّصة للأطفال الموهوبين وساعدني هذا الأمر للتدرب أكثر والتطور». أوّل نجاح دولي لجابر كان في بطولة الناشئات في رولان جاروس، عندما أحرزت اللقب حيث «توجت في 2011 برولان جاروس للناشئات بعمر السادسة عشرة، لكني عانيت كثيرا للانتقال من فئة الناشئات إلى دورات المحترفات». عاشقة كرة القدم وناديي النجم الساحلي التونسي وريال مدريد الإسباني، قال عنها مدربها السابق الفرنسي برتران بيريه عام 2020 «لو كان بمقدورها استبدال تمارين التنس بكرة القدم ستكون الأكثر سعادة». بدأت تشدّ الأنظار نحوها خلال بطولة أستراليا المفتوحة في العام 2020 «78 عالمياً»، وكانت أوّل لاعبة عربية تتأهل لربع النهائي في بطولة «جراند سلام». وفي يونيو 2021 «24 عالمياً»، فازت بدورة برمنجهام لتكون تبعاً لذلك أوّل لاعبة مغاربية تحقق هذا الإنجاز. قدمت هذا الموسم مستويات مميزة، محرزة لقب دورة مدريد الألف على ملاعب ترابية ووصلت إلى نهائي دورة روما الألف أيضاً، حيث خسرت أمام شفيونتيك الأولى عالمياً، كما أنها رفعت كأس دورة برلين «500» على الملاعب العشبية حيث حققت إنجازاً رائعاً ببلوغ نهائي ويمبلدون وخسرت أمام الكازاخستانية إيلينا ريباكينا. كشفت خلال مشاركتها في ويمبلدون أن التتويج هناك لم يكن حلمها «لن أكذب عليكم، الفوز في ويمبلدون لم يكن حلم طفولتي، كان حلمي دوماً الفوز في بطولة فرنسا المفتوحة «على ارض ترابية في رولان جاروس». يبلغ طولها 1.67 م وترتكز في لعبها على يدها اليمنى، هي متزوجة منذ عام 2015 من لاعب المبارزة السابق ومعدها البدني حالياً كريم كمّون ويدرّبها اللاعب السابق عصام جلالي. يُعرف عن أنس أن لديها أسلوب لعب خاص في طريقة التعامل مع منافساتها خلال المباراة، وتبحث عن تقديم العروض الجميلة «هي تكره اللعب بنسق واحد، تبحث دائماً على صنع الفرجة بتنويع اللعب بضربات تفاجئ بها الخصم، وخصوصاً منها عبر الكرات الساقطة»، حسب مليكة الذي يؤكد أنها «فعلا ملكة «الدروب شوت» منذ زمن». لم تتغيّر أنس كثيراً «مرحة وتتأقلم بسرعة حتى مع من لا تعرفهم» مثلما كانت من قبل «مستفزة وتجادل في كل المواضيع بمنافسة كبيرة»، لكنها في المقابل «محاربة وتلعب لآخر لحظة وصعبة المراس، حتى أنها تواصل اللعب وهي مصابة»، حسب العبيدي.

مشاركة :