تجاهل أمس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، مارتن كوبلر، واقعة طرده وإجباره على إنهاء المؤتمر الصحافي الذي عقده مساء أول من أمس قبيل مغادرته العاصمة طرابلس عائدا إلى تونس، المقر المؤقت للبعثة الأممية، حيث أعرب عن تطلعه إلى التقريب بشكل أكبر بين الأطراف خلال الأيام والأسابيع المقبلة بغية العمل على تمهيد الطريق للمضي قدما نحو إحلال السلام والأمن. وبدا أمس أن المبعوث الأممي لم يحقق هدفه بإقناع سلطات طرابلس بدعم الحكومة التي تسعى بعثة الأمم المتحدة لإعلان تشكيلها رسميا في ليبيا خلال أسبوعين، بهدف وضع حد للفوضى في البلاد. وتعرض كوبلر لإهانة بالغة بعدما قوطع في مؤتمره الصحافي قبيل عودته إلى تونس، حيث أجبره جمال زوبية، رئيس هيئة الإعلام الخارجي التابعة للسلطات الحاكمة غير الشرعية في العاصمة، على إنهاء المؤتمر بدعوى أنه لم يحصل على الإذن المسبق لعقده. وأظهرت لقطات فيديو بثها ناشطون على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي المسؤول الليبي وهو يوبخ كوبلر باللغة الإنجليزية، طالبا منه وقف مؤتمره الصحافي. وأمتثل كوبلر للطلب وغادر على الفور دون أن يكمل مؤتمره الذي عقده منفردا من دون أن يرافقه أي من المسؤولين الذين التقاهم في طرابلس، في ثالث زيارة من نوعها يقوم بها إلى ليبيا منذ تعيينه الشهر الماضي خلفا لسلفه الإسباني برناردينو ليون. وغادر كوبلر قاعة المؤتمر الصحافي إلى مدرج المطار محاطا بحراسة شديدة، حيث كانت تحط طائرة تحمل شعار الأمم المتحدة أقلته لاحقا برفقة الوفد المرافق له إلى تونس. من جهتها، اتهمت إدارة الإعلام الخارجي في طرابلس بعثة الأمم المتحدة بتنظيم مؤتمر كوبلر الصحافي داخل مطار معيتيقة الدولي، دون الرجوع إلى الإدارة المختصة بمنح الإذن بإقامة المؤتمرات الصحافية. وقالت الإدارة في بيان لها: «تم التواصل مع إدارة المراسم للمؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ، وتم إبلاغنا بعدم علمهما بالمؤتمر الصحافي، ونفتا علمهما به، فكان من الواجب الوطني الحفاظ على السيادة الوطنية وتطبيق القانون بإبلاغ المبعوث الدولي بضرورة احترام قوانين دولة ذات سيادة وعضو بالأمم المتحدة». وقالت إن كوبلر تدارك الأمر مشكورا عند تنبيهه، وأنهى المؤتمر الصحافي، وطلب عدم تطبيق القانون على المخالفين، على حد تعبيرها. لكن كوبلر تجنب الحديث عن واقعة طرده من العاصمة الليبية، وقال أمس، في بيان وزعه وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه زار ليبيا في إطار جهوده الرامية إلى توسيع نطاق الدعم للاتفاق السياسي الليبي، مشيرا إلى أن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الموجود بمدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، ينوي لقاء فايز السراج، المرشح لرئاسة حكومة الوفاق الوطني لمناقشة القضايا المتبقية التي تتعلق بالجيش الليبي وتشكيل الحكومة الجديدة وموقعها. كما تعمد المبعوث الأممي عدم الإشارة إلى الشروط التي وضعها مشايخ وأعيان برقة، بشأن عدم المساس بقائد الجيش الليبي الفريق خليفة حفتر، وقال في المقابل إنه شعر بوجود درجة جيدة من الدعم للاتفاق السياسي الليبي، معتبرا أن «القبائل تعد عنصرا في غاية الأهمية في البيئة السياسية الليبية ويجب الإصغاء إلى صوتها». وأضاف كوبلر أنه مقتنع بأن الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي تدعم السلام، وأضاف: «لقد تعب الليبيون، وهم يتوقون إلى العيش بسلام وأمن وكرامة». وفي رسالة تهنئة وجهها إلى الليبيين بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد، أعرب كوبلر عن أمله في أن يكون عام الفرص، حيث سيتيح الفرصة لليبيا لإعادة اكتشاف أن السلام يكمن في الوحدة، بوجود حكومة وحدة واحدة ومجموعة واحدة من المؤسسات الشرعية. وناشد جميع الليبيين المحبين للسلام احتضان الاتفاق السياسي الليبي ودعم حكومة الوفاق الوطني، مشيرا إلى أن الباب لا يزال مفتوحا على مصراعيه أمام جميع أولئك الذين قد لا يزالون يرغبون في الانضمام إلى الأغلبية الساحقة من الذين قاموا بذلك فعلا. من جهة أخرى، وصل وفد من المنطقة الشرقية بقيادة رئيس لجنة المصالحة في مجلس النواب إبراهيم عميش إلى العاصمة طرابلس بشكل مفاجئ، في خطوة تعزز من الانقسام الذي يسود مجلس النواب بشأن اتفاق الصخيرات الذي رعته بعثة الأمم المتحدة بالمغرب مؤخرا. ودعا عميش، وهو يتحدث محاطا بمجموعة من السياسيين الذين التقاهم في طرابلس، السلطات المسيطرة على شرق وغرب البلاد إلى الوحدة والتنازل عن الصراع المحتدم بينهما منذ نحو عامين على السلطة. وعارض مجلس النواب الاتفاق المنفرد الذي وقعه عميش في تونس الشهر الماضي مع ممثلين عن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، ووصفه بأنه لا يعني شيئا، فيما التقى رئيس مجلس النواب مع رئيس برلمان طرابلس في اجتماعين منفصلين في مالطا وسلطنة عمان في محاولة للتوصل إلى اتفاق مواز للاتفاق الذي يرفضانه ورعته بعثة الأمم المتحدة.
مشاركة :