تصطدم معركة كاليفورنيا ضد الاحتباس الحراري بشبكتها المتهالكة، وفي حين تهدف إلى إنهاء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول 2045، ما يجبر القطاعات التي تستهلك الوقود الأحفوري، خاصة السيارات والمصانع والمباني على التحول إلى الكهرباء، فإن الولاية التي تعد خامس أكبر اقتصاد في العالم، تعاني من أجل الإبقاء على الأنوار مضاءة وسط موجات الحر الشديدة المتزايدة. صوّت المجلس التشريعي للولاية مؤخراً لصالح إبقاء تشغيل آخر محطة نووية في كاليفورنيا بعد تحديد إنهاء العمل فيها بحلول 2025 وبعد التوقعات بنقص إمدادات الطاقة لسنوات في المستقبل، لكن حتى مع استمرار تشغيل المحطة، يؤدي تزايد الطلب على الطاقة لزيادة الفجوة مع العرض، وذلك قبل استخدام ملايين السيارات الكهربائية للشبكة. تهدف كاليفورنيا تشغيل معظم السيارات الجديدة بالكهرباء بحلول 2035 وقد تحتاج لبناء منازل جديدة لاحتواء كافة الأجهزة الكهربائية، ربما في أقرب وقت ممكن بحلول 2026. السيارات الكهربائية شكلت السيارات الكهربائية 15% من مبيعات السيارات الجديدة بالولاية هذا العام، رغم أنه من بين 30 مليون سيارة تسير على طرق الولاية يوجد 800 ألف سيارة فقط كهربائية (بالإضافة إلى حوالي 400 ألف سيارة هجينة تعمل بالكهرباء). قال غاري أكرمان، مؤسس منتدى "ويسترن باور تريدينغ" (Western Power Trading Forum)، وهو التحالف الذي يضم أكثر من 100 شركة تدافع عن المنافسة بأسواق الكهرباء في الغرب إن: "طموحات الولاية تفوق الواقع بشكل كبير، وقد تفخر بعالم خالٍ من الكربون، لكن الواقع مختلف بشكل كبير والجدول الزمني يسير بوتيرة أبطأ كثيراً." أشار المعلقون المحافظون بسعادة إلى تزامن انقطاع الكهرباء عن كاليفورنيا هذا الأسبوع عقب وقت قريب جداً من وضع اللمسات الأخيرة لقواعد للتخلص التدريجي من مبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالغاز، حيث يكمن وراء الهدف الكبير مشكلة حقيقية تتمثل في تسبب سياسات المناخ بزيادة الطلب على الكهرباء في كاليفورنيا، ما يتطلب من شبكة كهرباء الولاية تحمل طاقة أكبر بكثير من الوضع الحالي، ربما تكون أكثر بنحو 80% بحلول 2045، وفقاً لتقدير حديث من "مجلس موارد الهواء في كاليفورنيا" (CARB). الطاقة المتجددة يتسارع توصيل مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الجديدة بالإضافة إلى البطاريات واسعة النطاق بالشبكة بوتيرة أسرع مما تسمح به سلاسل التوريد، في الوقت الذي زودت فيه مصادر الطاقة المتجددة العام الماضي بنحو ثلث كهرباء كاليفورنيا، بينما تُظهر نماذج توقعات شركة الأبحاث "إنرجي إنوفيشن" (Energy Innovation) أن الطلب على الكهرباء قد يزداد بحلول 2030 مع كهربة السيارات والمباني بنسبة 18% مقارنة بمستويات 2020. أشار مايكل أوبويل، مدير سياسة الكهرباء بالشركة إلى أن مواكبة ذلك النمو أمر قابل للتحقق بشكل كامل قائلاً: "يمكننا الحفاظ على المصداقية والبدء في تقليص أسطول الغاز لكننا نحتاج حقاً إلى الاحتفاظ بتركيزنا على تنفيذ وبناء مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة النظيفة"، ويتضمن ذلك هدفاً جديداً لـ"لجنة الطاقة في كاليفورنيا" بتركيب 2 غيغاواط إلى 5 غيغاواط من توربينات الرياح البحرية بحلول 2030 في تقنية جديدة لم تنتشر على الساحل الغربي بعد. يمكن أن تصبح السيارات الكهربائية أداة لتعزيز قوة الشبكة بدلاً من سحقها، حيث يمكن لبطارياتها إعادة الطاقة إلى الشبكة وقت الحاجة وإعادة شحنها لاحقاً مع تزايد إمدادات الكهرباء. "بطاريات عملاقة" قالت ليا ستوكس، المدافعة عن المناخ منذ فترة طويلة والعالمة السياسية بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا: "إنها بطاريات عملاقة تجعل الشبكة أكثر مرونة، وليس أقل." تحتاج الولاية ومرافقها الكهربائية إلى التأكد فقط من معرفة السائقين بعدم إعادة شحن سياراتهم عند عودتهم للمنزل في المساء، في نفس وقت تشغيل مكيفات الهواء والأنوار. لا يزال الاندفاع نحو كهربة كل شيء ينطوي على مخاطر، فبينما يمكن شحن السيارات الكهربائية بمنتصف الليل لا يمكن ذلك مع الكثير من الكهرباء اللازمة لتكييف الهواء أو التدفئة. قال سيفيرين بورنستين، خبير اقتصاديات الطاقة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، الذي يعمل بمجلس محكمي تشغيل النظام المستقل في كاليفورنيا، والذي يدير معظم شبكة الولاية إن احتياج سكان كاليفورنيا لاستخدام تلك الأنظمة في نفس الوقت سوف يستمر وتزداد تلك الحاجة أكثر في عصر درجات الحرارة الأعلى. تخزين الطاقة تشير نماذج التوقعات المناخية إلى تراجع كميات هطول الأمطار على الولاية في المستقبل، حتى بعد انتهاء الجفاف الحالي، ما يعني أن سدود الطاقة الكهرومائية، المصدر الرئيسي للطاقة النظيفة بولاية كاليفورنيا قبل ذلك لن يمكنها توليد الكثير من الطاقة. في الوقت نفسه، تزايد اعتماد كاليفورنيا على الطاقة الشمسية يجعلها عرضة للخطر في الليالي الحارة بعد غروب الشمس، لذلك اندفعت الولاية إلى البطاريات كبيرة الحجم لسد الفجوة وتركيب ما يكفي منها في السنوات الأخيرة لتزويد 3.3 غيغاواط من الكهرباء، لكنها عادة ما تستنفد الشحن في 4 ساعات فقط كل مرة، وهو ما لا يكفي لاستبدال محطات توليد الكهرباء باستخدام الغاز لإبقاء الأنوار مضاءة خلال الليل. يشير ذلك إلى أن هناك حاجة لتخزين الطاقة على المدى الطويل، لكن النوع الوحيد المستخدم على نطاق واسع في الولاية هو تخزين الطاقة الكهرومائية، الذي يتطلب بناء أزواج من الخزانات على ارتفاعات مختلفة في التضاريس الجبلية. يقول مايكل وارا، مدير برنامج سياسة المناخ والطاقة في جامعة ستانفورد إن الانتقال لمستقبل أكثر كهربة قد ينجح مع تسارع جهود الولاية، وأضاف وارا: "نغير كافة أجزاء الطائرة أثناء وجودها في الجو ويتعين علينا ألا تتحطم تلك الطائرة".
مشاركة :