هل تعيد اضطرابات إيطاليا أوروبا إلى حافة الهاوية؟ «2 من 2»

  • 9/10/2022
  • 22:50
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أن كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي وخليفة دراجي، تعي جيدا مخاطر تفتت منطقة اليورو، وقد أعلنت أن البنك المركزي الأوروبي "قادر على المضي بقوة" في تنفيذ أداة حماية النقل. غير أن الأداة لا تزال جديدة ولم تختبر بعد ـ وقد ينتهي الأمر بإيطاليا إلى أن تكون عينة الاختبار. بالنسبة إلى منطقة اليورو التي تصارع حربا في أوكرانيا، وأزمة في تكلفة المعيشة، وركودا وشيكا، قد تكون تداعيات أي تجربة فاشلة واسعة النطاق. ومن شأن أي تدهور "أكبر" في وضع ديون إيطاليا أن يعوق عملية إعادة التمويل، بل ربما يفجر أزمة ديون سيادية. لكن هذا ليس استنتاجا حتميا. بداية، لا تزال مقومات إيطاليا قوية نسبيا. ومن المتوقع أن يتباطأ الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 في المائة هذا العام، وأن يكون أشد تباطؤا في 2023، بعد نمو مقداره 6.6 في المائة في 2021. وقد أسهم معدل نمو العام الماضي ـ الذي كان من بين أعلى المعدلات في آخر ثلاثة عقود من الزمن ـ في تمكين الاقتصاد من التعافي من الجائحة، التي تسببت في انكماش الناتج المحلي الإجمالي 9 في المائة في 2020. بعيدا عن النمو الاقتصادي، ستلعب العوائد الحقيقية على السندات والميزانية الأولية المعدلة حسب الدورات، "وتتمثل في الفارق بين الإيرادات والنفقات مع استثناء مدفوعات الدين"، دورا مهما في حسم تعافي إيطاليا ماليا، إذ سيسهم تحقيق فوائض أولية في المحافظة على استقرار الدين، كما سيؤدي انخفاض تكاليف خدمة الدين إلى استدامة هذا الاستقرار. في نهاية الأمر، إذا ظلت الظروف متوازنة نسبيا، ستكون إدارة النسبة الحالية للدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا في حكم الممكن. ومن الأمور التي ستساعد في هذا الصدد، الاستفادة المنتظرة التي قد تحققها الدولة من منح وقروض تقارب قيمتها 160 مليار يورو من صندوق التعافي والمرونة التابع للاتحاد الأوروبي. ورغم إمكانية تسبب عدم الاستقرار السياسي والإخفاق في الوفاء بالأهداف المتفق عليها مع المفوضية الأوروبية في إبطاء، بل منع، صرف المبالغ المتفق عليها، فقد تستغرق مثل تلك التطورات وقتا حتى تتحقق. لكن لا شك أن حدوث أي صدمة "دائمة الأثر"، ولو صغيرة، لأسعار الفائدة الحقيقة، أو النمو الاقتصادي، أو ميزانية إيطاليا الأولية، قد تجعل الدولة عاجزة عن إدارة ديونها. ومهما يكن من أمر، قد يكون من الخطأ الافتراض أن عدم الاستقرار السياسي الحالي في إيطاليا لا بد أن يفجر بالضرورة أزمة كبرى في أوروبا. لكن ينبغي لأوروبا أن تراقب من كثب التطورات السياسية في إيطاليا، لأن تشكيل حكومة إيطالية يمينية بزعامة رئيس وزراء قومي شعبوي يتبنى سياسة متشككة تجاه أوروبا ـ وهي احتمالية واضحة وقابلة للتحقق بعد الانتخابات العامة المقررة في أيلول (سبتمبر) المقبل ـ قد يفضي إلى زعزعة استقرار منطقة اليورو بشدة. ما قد يزيد الوضع سوءا على سوء احتمالية اشتداد أزمة تكاليف المعيشة خلال أشهر الشتاء، مدفوعة بارتفاع التضخم وندرة الطاقة، ويشعل شرارة سخط عام ويفرض ضغوطا على الإنفاق العام، الأمر الذي سيفضي إلى تقويض الوضع المالي العام في إيطاليا. وفي ظل تواصل اتساع الفارق بين السندات الألمانية والإيطالية، ربما تصبح إدارة الدين أيضا أشد صعوبة. لقد شهدنا هذا السيناريو من قبل، وفي آخر مرة اعترف سوبر ماريو بأن مفتاح إنقاذ اليورو يقع في يد البنك المركزي الأوروبي، وعمل على قيام البنك بفعل ذلك تحديدا. ونأمل أن تحذو لاجارد حذوه. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :