حسين من الرحيل إلى حافة اليمامة (2/2) - سعد الحميدين

  • 9/25/2014
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

أما حسين ورفاقه فهم في الساحة حتى اليوم تتوالى نتاجاتهم حسب القدرات والجهد المبذول, وحسين مستمر منذ ذلك الوقت ودخل عالم النشر الكامل من (الرحيل, وترنيمة الرجل المطارد, وطابور المياه الجديدة, وكبير المقام, ورائحة المدينة, والمقهى, ومزيكة, وحافة اليمامة) – الأخيرتان صدرتا هذا العام, ومعنى ذلك استمرار حسين في الكتابة والنشر, والاستمرار ليس الدليل على الجودة, ولكن الجودة تكون في العمل وهذا ما يملكه حسين إذ تطور ونما بنمو الفن القصي وتحركه كمواكبة, فقصص الرحيل ليست كما هي في (مزيكا) الصادرة حديثا وللتأكيد على ما ذهبت إليه أورد نموذجين منها لمعرفة المدى الذي وصل إليه حسين وهي تدل على أنه متابع وقارئ في مجاله. تحت عنوان (صفيحة النقود) كتب حسين: "السيدة العجوز كانت تقف كل صباح منحنية الظهر, لتلتقط مخلفات الجيران, ملابس, أغذية, خردوات, تدخل بما جمعت إلى فناء البيت الكبير. لا أحد يعرف أين تذهب مقتنيات السيدة العجوز الوحيدة. لم يُعرف سرها إلا عندما وجدت ميتة. ثروتها بجوارها – أكل. ملابس. أواني. صفيحة تضم نقودا محلية, وتركية, وهندية, وإيرانية, وعراقية, نقود من الفضة, والنحاس, والذهب, والورق, بعضها انقرض, وبعضها صالح لك زمان. عندما ماتت.. جاء الأسلاف من كل مكان, للوقوف على صفيحة النقود" فهذه القصة الانسانية واقعية وليس للخيال فيها إلا التلميح حيث يحدث أن ينبع من الأرض ورثة لم تكن لهم أي صلة أو تواصل مع المورث, خصوصا إذا كان ليس له ذريَّة, كيف تخرج الأوراق والصكوك وكيف ظهر الأقارب الذين لا يظهرون إلا في مثل هذه المواقف التي فيها (فلوس). والقصة الثانية لحسين, وعنوانها (هطول): "حطت العصفورة الفارهة على جذع الشجرة. كان الجو غائما, وريح لطيفة تحط على المكان. حط العصفور على العصفورة, حينما بدأ الزقزقة, كانت الغيمة قد بدأت تمطر مطرا لطيفا, سكن معه كل شيء في الحديقة! باستثناء العصفورين. كانت نشوتهما تتجدد, كلما استمر هطول المطر!". قصتان تؤكدان أن القاص حسين علي حسين يتابع مع عمره الزمني مسارب القصة التي نذر نفسه لها كعلامة وبرهان وجود ثقافي يمثله ابداعه القصصي المواكب, ومع هذا لم يكتب عن نفسه ولم يلمع ذاته عبر وسائل الإعلام والتواصل وحتى في المجالس حسين هو حسين يعمل وهو صامت وبإتقان لما يعمل, شأنه كمثال القاص سعيد الكفراوي وحبه وتمسكه بالقصة وعدم ركوب موجة إغراء الرواية, وقبلهما (يحيى حقي, يوسف إدريس) ويوسف شرورو, يحيى الطاهر عبدالله, وأبو المعاطي أبو النجا, وسواهم ممن تمسكوا بالقصة دون فكاك. طبعا هناك غيرهم كثير على المستوى العربي والعالمي!!

مشاركة :