مفاعلات صغيرة وسهلة التنفيذ قد تغير معادلة الاعتماد على النفط والغاز

  • 9/13/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نيقوسيا- أعادت البحوث العالمية المتعلقة بالمصادر البديلة للطاقة الروسية أثناء الحرب في أوكرانيا تركيز الانتباه على محطات الطاقة النووية الأصغر والأسهل في عملية البناء. ويقول المؤيدون إنها يمكن أن توفر بديلا أرخص وأكفأ من النماذج الضخمة القديمة. وقالت شركة “رولز رويس أس أم آر” المحدودة ومقرها المملكة المتحدة إن مفاعلاتها المعيارية الصغيرة أرخص بكثير وأسرع في التشغيل من المحطات القياسية، مما يوفر أمن الطاقة الذي تريده الكثير من الدول. وتعتمد فرنسا بالفعل على الطاقة النووية في معظم احتياجاتها من الكهرباء، وبسبب قطع روسيا إمدادات الغاز الطبيعي احتفظت ألمانيا بخيار إعادة تنشيط محطتين نوويتين كان من المقرر غلقهما في نهاية العام. ولئن وقعت “رولز رويس أس أم آر” ومنافسوها صفقات مع دول، منها بريطانيا وبولندا، لبدء بناء محطات فإنها تبقى على بعد سنوات عديدة من تشغيلها ولا يمكنها حل أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا الآن. كما أن للطاقة النووية مخاطر أيضا، بما في ذلك كيفية التخلص من النفايات عالية الإشعاع وإبقاء تلك التكنولوجيا بعيدا عن أيدي الدول المارقة أو الجماعات الخبيثة التي قد تسعى إلى تطوير برامج أسلحة نووية. ◙ بالإمكان بناء مكونات المفاعلات الصغيرة في مصنع ونقلها إلى الموقع المراد، وهو ما يجعل هذه التكنولوجيا أكثر جاذبية واحتدت هذه المخاطر إثر قصف طال أكبر محطة للطاقة النووية بأوروبا في زاباروجيا بأوكرانيا، مما أذكى المخاوف من احتمال أن يشهد العالم كارثة نووية. وقال المتحدث باسم “رولز رويس أس أم آر” دان غولد إن “الاعتماد على واردات الغاز ومصادر الطاقة الروسية جعل الناس يركزون على أمن الطاقة”. وأكد إمكانية بناء مكونات المفاعلات الصغيرة في مصنع ونقلها إلى الموقع المراد وتجميعها فيه. ويرى أن هذا ما يجعل التكنولوجيا أكثر جاذبية للمشترين المقتصدين. وقال غولد “إنه مثل بناء الليغو، والبناء على نطاق أصغر يقلل المخاطر ويجعل المشروع أكثر قابلية للاستثمار”. وكانت هذه المفاعلات في الأساس مائية مضغوطة مماثلة لحوالي 400 مفاعل في جميع أنحاء العالم. ويمثل حجمها الصغير مزيّتها الرئيسية، فهو لا يتجاوز عُشر حجم المفاعل القياسي، ويتسم بسهولة البناء وانخفاض التكلفة. وتتراوح هذه التكلفة التقديرية بين 2.2 و2.8 مليار جنيه إسترليني (2.5 و3.2 مليار دولار)، وتستغرق عملية البناء 5 سنوات ونصف السنة تقريبا. ويعدّ هذا أسرع بعامين مما استغرقه بناء محطة نووية قياسية بين 2016 و2021، وفقا لإحصاءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتشير بعض التقديرات إلى أن تكلفة بناء محطة نووية بقدرة 1100 ميغاواط تتراوح بين 6 و9 مليارات دولار. وقال غولد لأسوشيتد برس “إن شركة رولز رويس تهدف إلى بناء أولى محطاتها في المملكة المتحدة في غضون 5 سنوات ونصف السنة”. ووقعت شركة “نوسكيل باور” التي مقرها أوكلاهوما اتفاقيات خلال العام الماضي مع شركتين بولنديتين (منتج النحاس والفضة “كي جي إتش أم” ومنتج الطاقة “يونيموت”) لبحث إمكانية بناء المفاعلات الصغيرة ودعم الصناعة الثقيلة، حيث تريد بولندا الابتعاد عن توليد الكهرباء الملوثة التي تعمل بالفحم. وقالت رولز رويس في الشهر الماضي إنها وقعت صفقة مع شركة التطوير الهولندية “يو أل سي إينيرجي” للنظر في إمكانية إنشاء المفاعلات الصغيرة في هولندا. ◙ حجم المفاعلات لا يتجاوز عُشر حجم المفاعل القياسي، ويتسم بسهولة البناء وانخفاض التكلفة ◙ حجم المفاعلات لا يتجاوز عُشر حجم المفاعل القياسي، ويتسم بسهولة البناء وانخفاض التكلفة وكانت تركيا شريكة أخرى، حيث تعمل روسيا على بناء محطة أكويو للطاقة النووية على الساحل الجنوبي التركي. ويقول دعاة حماية البيئة إن المنطقة نشطة زلزاليّا ويمكن أن تكون هدفا للإرهابيين. ولا يتوافق إدخال تكنولوجيا الطاقة النووية “غير المثبتة” في شكل المفاعلات الصغيرة جيدا مع دعاة حماية البيئة الذين يجادلون بأن انتشارها سيؤدي إلى احتداد مشكلة كيفية التخلص من النفايات النووية عالية الإشعاع. وقال كوراي دوغان أوربارلي المتحدث باسم حزب الخضر التركي “للأسف، تحكم تركيا إدارة غير كفؤة، وقد حولتها إلى سرير اختبار للشركات، فهي تتخلى عن سيادة منطقة معينة لمدة 100 سنة على الأقل لكي تبني روسيا محطة طاقة نووية”. وذكر أن عدم الكفاءة وقوة الضغط يجعلان تركيا هدفا سهلا للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم”، مضيفا أن حزبه يتجنب التكنولوجيا “ذات المستقبل غير المؤكد”. وقال غولد إن أحد مفاعلات رولز رويس سيولد نفايات نووية بحجم “ملعب تنس مكدس بارتفاع متر واحد” طوال عمر المصنع البالغ 60 عاما. وتابع أنه في البداية ستُخزن النفايات في الموقع في مصانع المملكة المتحدة قبل نقلها في النهاية إلى موقع التخلص طويل الأجل الذي تختاره الحكومة البريطانية. ◙ التكلفة التقديرية تتراوح بين 2.5 و3.2 مليار دولار، وتستغرق عملية البناء 5 سنوات ونصف السنة تقريبا واستشهد م. في. رامانا، أستاذ السياسة العامة والشؤون العالمية في جامعة كولومبيا البريطانية، بالبحث الذي يشير إلى “عدم وجود طريقة مثبتة” لضمان عدم تسرّب النفايات النووية المخزنة في ما تعتبره السلطات مواقع آمنة في المستقبل. وقال رامانا، المتخصص في الأمن الدولي والطاقة النووية، “إن الحرارة المستمرة الناتجة عن النفايات يمكن أن تغير التكوينات الصخرية حيث يتم تخزينها وتسمح بتسرب المياه، في حين أن أنشطة التعدين المستقبلية يمكن أن تعرض سلامة موقع النفايات النووية للخطر”. ويشير المشككون أيضا إلى مخاطر تصدير مثل هذه التكنولوجيا في المناطق المضطربة سياسيا. وقال غولد إن رولز رويس “متوافقة تماما” مع متطلبات المملكة المتحدة في تصدير تكنولوجيا المفاعلات الصغيرة الخاصة بها “فقط في المناطق الموقعة على المعاهدات الدولية الضرورية لاستخدام الطاقة النووية استخداما سلميّا في توليد الطاقة”. لكن رامانا قال إنه لا وجود لما يضمن أن الدول ستتبع القواعد. واعتبر أن “أي دولة تمتلك مفاعلات نووية تعزز تلقائيا قدرتها على صنع أسلحة نووية”، مضيفا أن كل مفاعل صغير يمكن أن ينتج “حوالي 10 قنابل بقيمة البلوتونيوم كل سنة”. ويمكن أن تختار رولز رويس التوقف عن توفير الوقود والخدمات الأخرى لأي طرف يخالف القواعد، لكن رامانا يلفت النظر إلى أنه “إذا اختارت أي دولة القيام بذلك، فيمكنها ببساطة إخبار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوقف عمليات التفتيش، كما فعلت إيران على سبيل المثال”. ورغم أن الوقود المستهلك يخضع عادة لإعادة المعالجة الكيميائية لتوليد نوع البلوتونيوم المستخدم في الأسلحة النووية، إلا أن رامانا قال “إن تقنية إعادة المعالجة هذه معروفة على نطاق واسع وإن مصنعا متطورا للغاية لإعادة المعالجة ليس مطلوبا لإنتاج كمية البلوتونيوم اللازمة للأسلحة”.

مشاركة :