ليكن واضحا في البدء أن هناك فرقا شاسعا بين حرية الرأي والدعوة لرفع السلاح، فالرأي الحر هو الذي يصدح به لتبيان حقيقة أو الترويج لفكرة عبر الحوار والنقاش والحجة بالحجة والإقناع بالمنطق والعقل، أما تجييش الناس لفرض فكرة أو مناهضة أخرى بقوة المواجهة والشغب وتهييج العواطف فهذه دعوة للخروج عن سلمية الرأي لساحة إعلان الحرب. أنا مع حرية الرأي وضد أي محاكمات تقوم على أساس موقف معين من رأي مفكر أو ناشط أو كاتب، ولكني في ذات الوقت أفرق بين ما اختلط على البعض من أمر أوضحته في المقدمة، فنمر النمر ومن على شاكلته ممن قرروا الخروج على الوطن وإعلان الحرب المسلحة عليه لا يمكن أن ينظر إليهم من منطلق أن ما كانوا يدعون إليه لا يتجاوز تعبيرهم الحر عن آرائهم، فمواجهات العوامية مثلا لم تكن لتحدث إلا بالغطاء الفكري والتهييجي الذي نفثه النمر ومن على شاكلته لمحاربة الدولة وقتل رجال الأمن وترويع المواطنين سنة وشيعة ممن ارتضوا العيش في كنف حكم ونظام الدولة القائم. لن أعلق على عنتريات إيران فقد اعتدنا جعجعتها، ولا يهمني كثيرا رأي المنظمات الدولية، فكثير منها مسيس ومؤدلج يتحرك وفق تقديرات أشخاص من عرب وعجم ممن يديرون هذه المؤسسات وفق موقفهم من قضية الإعدام ذاتها، وهذا بطبيعة الحال شأنهم ورأيهم، إلا أنني لا أعتقد أن عاقلا منهم سيعتبر جرمه وعقابه قد بنيا على أساس اختلافه مع السلطة في الرأي، بل كان لعقود طويلة يتطاول على الدولة ونظامها ويقذف باللعنات على الجميع من حسينيته دون أن يسجن أو يعتقل، إلا أن تماديه وتحوله للتحريك المسلح قلبه من صاحب رأي إلى مجرم خارج عن القانون، فهو الوجه الشيعي لسيئ الذكر ابن لادن. أتمنى من كل أحبتي من دعاة حقوق الإنسان أن يعيدوا حساباتهم وألا يخلطوا شعبان في رمضان، فإن كان لديكم موقف من بعض الممارسات الحقوقية في بلادنا فعليكم ألا تنجروا بسذاجة نحو ترديد ما قد يبدو لكم أنه الحق وهو باطل في صميمه، فالنمر ومن على شاكلته لا يمكن مقارنتهم ببعض أصحاب الرأي، فصوت العقل والقلم بناء وصوت القتل والمواجهة هدم.
مشاركة :