جدل كبير داخل الساحة العربية حول بيان حركة المقاومة الإسلامية حماس، وجوهره يتحدث عن عودة العلاقات بين الدولة السورية وحركة حماس بعد قطيعة استمرت ما يقارب العشرة أعوام بسبب تداعيات الثورة السورية. الجدل يدور بين فريقين، الأول يرى أن القرار خاطئ ويستند في ذلك إلى مبررات أهمها: النظام السوري مارس جرائم كبيرة بحق شعبه وقتل وهجر ودمر آلاف البشر والشجر والحجر. نظام الرئيس بشار الأسد في أضعف حالاته الآن ولا يمكن أن يقدم لحركة حماس أي شيء في هذا التوقيت بالذات. المنطق الأخلاقي الذي استندت عليه الحركة في قرارها الأول والمستند إلى إرادة الشعب السوري كان ينبغي أن يستمر لحركة مقاومة إسلامية سنية في الوقت أن الصراع الدائر في سوريا من وجهة نظرهم يأخذ الشكل الطائفي. الفريق الثاني وهو الفريق الداعم لقرار عودة العلاقات بين سوريا وحماس يستند على المبررات التالية: التوجه العربي والإقليمي الدائر الآن هو إعادة العديد من الدول لعلاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، وإعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، وقبل يومين نشرت وكالة رويتر خبراً عن لقاء جرى بين رئيس المخابرات التركي حقان فيدان بالجنرال علي المملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، وهناك حديث عن ترتيب قمة تجمع بين الأسد وأردوغان، بالإضافة إلى معلومة وصلتني بشكل خاص من قلب العاصمة دمشق تفيد أن أعمال تشطيب وبناء تجري داخل السفارة القطرية في دمشق، وسبق كل ذلك تبادل السفراء بين الإمارات وسوريا، وهناك الكثير في هذا الإطار. انقلب الكثيرون على الثورة السورية، وتوزعت قيادة الثورة بين العواصم تحمل للأسف أجندات العواصم المتناقضة بعيداً عن المطالب العادلة للشعب السوري وحقه في حياة كريمة ونظام سياسي ديمقراطي. حركة حماس وحسب إعلان إسماعيل هنية رئيس مكتبها السياسي في خطاب تنصيبه أنه يتبنى استراتيجية الانفتاح على الجميع وهو ما أكده مجدداً خلال لقاء تلفزيوني بأن حركته تسعى لعلاقات مع سوريا والأردن والمملكة العربية السعودية وباقي الأقطار العربية والإسلامية والدولية. جهود محور المقاومة لاسيما أمين عام حزب الله حسن نصر الله في إعادة العلاقة لأن هناك من يرى أن وجود حماس في سوريا في هذه المرحلة قد يشكل للحركة حضوراً في منطقة الجولان بجانب حضور حزب الله وهذا يشكل استنزافا للاحتلال الصهيوني وقد يكون الحضور عنصر قوة في أي معارك مستقبلية. بالإضافة إلى أن عودة العلاقات تزيد من مساحة التحرك لحركة حماس ومكتبها السياسي في ظل سعي إسرائيل المستمر للتضييق على تواجد الحركة في الخارج عبر الضغط على الدول بطرد كوادر وقيادات الحركة. قوة ووحدة التراب السوري تمنح محور الممانعة قوة وتأثيرا لاسيما مع تقاطع مصالح موسكو وربما الصين في قوة ومكانة هذا المحور لمواجهة المشروع القومي لدولة الاحتلال والذي تعمل إسرائيل على تنفيذه عبر سرقة غاز فلسطين ولبنان وتقديمه للقارة الأوروبية كبديل عن الغاز الروسي، وفي حال نجاح هذا المشروع فإن إسرائيل ستصبح دولة مركز في الشرق الأوسط على حساب القضية الفلسطينية وموسكو ومحور المقاومة وهنا تتقاطع المصالح ويبرر بعض المقربين من حركة حماس التقارب مع سوريا والتموضع الجديد. الخلاصة : تختلف زوايا الرؤية نحو التقارب الحمساوي مع سوريا من شخص لآخر والكل محق في رؤيته، ولكن للقضية الفلسطينية خصوصية ينبغي تفهمها، وأن إسرائيل هي الغدة السرطانية في المنطقة، وأن العداء الوحيد ينبغي أن يكون معها. إن استقرار سوريا وعالمنا العربي والإسلامي ضرورة في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ أمتنا، وممكن استغلال المرحلة وتوظيفها نحو الاستقلال والسيادة بعيداً عن الهيمنة من أي طرف على دول وشعوب المنطقة.
مشاركة :