بدأت تركيا بإرسال رسائل المصالحة والحوار مع سوريا، وذلك بعد 11 عامًا من العداء للرئيس السوري، بشار الأسد، ودعم المعارضين له. رسائل واعترافات أولى هذه الرسائل كانت اعتراف وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو بلقائه مع نظيره السوري فيصل مقداد على هامش مؤتمر عقد في بلجراد عام 2021. وثم جاءت تصريحات الرئيس التركي في أغسطس الماضي والتي أكد فيها أن بلاده لا تهدف إلى هزيمة بشار الأسد، وأنه يتعين الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا لإفساد المخططات ضد المنطقة. وثم كان الإعلان قبل ايام عن عقد لقاء بين رئيسي المخابرات التركية والسورية هاكان فيدان وعلي مملوك في دمشق خلال الأسابيع الماضية. ووفقا لمصادر تركية فقد بحث القاء احتمال عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين. الموقف التركي المتقدم قابلته الحكومة السورية بدعوة للحوار لكن بلغة أقل حماسة، إذ أكد وزير الخارجية السوري أن بلاده لن تضع أي شروط للحوار مع تركيا، لكنه طالب أنقرة بالانسحاب من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم الجماعات المسلحة. وأدى التحول التركي لغضب بين جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا والتي تسيطر على معظم مناطق شمال غرب البلاد، وخرجوا في مظاهرات رفضا لهذه المصالحة وقاموا بحرق العلم التركي. ورغم كل هذه التصريحات يرى البعض ان تحقيق التقارب لن يكون سهلا لعدة أسباب أبرزها العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري، كما تتهم أنقرة دمشق بدعم حزب العمال الكردستاني. وفي المقابل يرى آخرون أن هذا التقارب يصب في مصلحة أردوغان قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل خاصة في ملف عودة اللاجئين السوريين لبلدهم وتقوية العلاقات مع روسيا خاصة في المجالين الاقتصادي والعسكري. تعديل سياسات من إسطنبول، قال طه عودة أوغلو، الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، إن هناك متغيرات دولية فرضت على تركيا تعديل سياستها الخارجية خاصة تجاه الدول العربية، ومن ضمنهم سوريا. وأضاف أوغلو، في تصريحات لبرنامج (مدار الغد) أن التقارب التركي السوري جاء بعد (قمة سوتشي) بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان. ويرى أوغلو أن الحكومة التركية تحاول استباق المعارضة، متوقعا مغادرة المعارضة السورية من الأراضي التركية على غرار ما جرى مع مصر. صفحة جديدة ومن دمشق، قال الدكتور علاء أصفري، الخبير الاستراتيجي، إن تركيا بدأت تعي أن المشروع الإخواني في منطقة الشرق الأوسط قد فشل، ولذلك فهي استدارت نحو الطريق الصحيح لاستئناف العلاقات مع سوريا. وأضاف أصفري أن دمشق قد تتقارب مع أنقرة ولكن بشرط خروج القوات التركية من الأراضي السورية، والتوقف عند دعم الإرهابيين. كما أوضح أصفري أن التقارب السوري التركي مطلوب كما ذكر الرئيس بشار الأسد. وتابع بالقول:” هذا الفشل دفع تركيا باتجاه بناء علاقات جديدة مع سوريا”. وأوضح أن سوريا تشترط على تركيا عدم دعم الجماعات المسلحة في الشمال، وانسحاب القوات التركية من كل شمال سوريا، وأن تركيا ستوافق على هذه الشروط. المعارضة السورية ومن لندن، قال فايز سارة، الكاتب والسياسي السوري، إن المعارضة السورية لا يقتصر دورها على العلاقة مع الأتراك. وأضاف سارة أنه يرى أن الموقف التركي لا يجسد كارثة للقضية السورية، وأن التقارب السوري التركي سيكون له تأثير كبير لا سيما وأن البلدين تربطهما حدود مشتركة. وأوضح فايز سارة أن الثورة السورية لها مؤيدين ولها معارضين كاي ثورة حدثت في الدول الإقليمية. مصلحة روسية ومن موسكو، قال الدكتور سيرجي فاربيوف، الأكاديمي والدبلوماسي الروسي السابق، إن روسيا يهمها إحداث تقارب بين سوريا وتركيا. وأكد الأكاديمي الروسي أن روسيا يهمها خفض التصعيد بين تركيا وسوريا في الشرق الأوسط. كما أوضح الأكاديمي الروسي أنه حان الوقت لـ(الحوار المباشر) بين الرئيس التركي ونظيره السوري. خطوط حمراء من ناحية أخرى يرى، الدكتور سليمان أوزورين، كبير الباحثين في معهد أورويون للسياسات، أن الإدارة الأمريكية ترى أن هناك خطوطا حمراء لأي مبادرة في سوريا. وأكد أن أي مبادرة قد تؤثر على الأوضاع في سوريا، فمن الممكن أن تتسبب في مشاكل في إشارة إلى التطبيع بين سوريا وتركيا. وأشار إلى أن واشنطن لن تعارض خطوة تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا إذا كان الهدف من الخطوة عودة اللاجئين.
مشاركة :