واشنطن - (د ب ا): يرى المحلل الأمريكي مجيد رفيع زاده أن إدارة الرئيس الأمريكي لا تغضّ الطرف عن الأنشطة والمؤامرات الإرهابية للنظام الإيراني فحسب، بل إنها التزمت أيضا الصمت المطبق تماما إزاء الهجمات السيبرانية المتصاعدة من جانب حكامه. وقال رفيع زاده، رئيس المجلس الدولي الأمريكي للشرق الأوسط، في تقرير نشره «معهد جيتستون» الأمريكي، إن دولة ألبانيا الصغيرة بدت أن لديها شجاعة أكثر وقيادة أقوى من إدارة بايدن، حيث أرسلت مؤخرا رسالة قوية إلى النظام الإيراني بعد هجمات سيبرانية من جانب طهران ضد تيرانا في شهر يوليو الماضي، مشيرا إلى أن ألبانيا قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران وأمرت الدبلوماسيين والعاملين في سفارتها بمغادرة البلاد في غضون 24 ساعة. ولم تتخذ إدارة بايدن، فضلا عن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أي إجراءات ضد النظام الإيراني، حتى على الرغم من أن ألبانيا عضو بالحلف. وفي عام 2014، أقرت الدول الأعضاء في الناتو بالدفاع السيبراني كجزء من المهمة الأساسية للدفاع الجماعي للناتو التي تعني أن هجوما سيبرانيا يمكن أن يكون سببا لتفعيل المادة الخامسة لتأسيس الناتو. ووفقا للمادة الخامسة «يعني الدفاع الجماعي أن أي هجوم على حليف يعتبر هجوما على كل الحلفاء». وأضاف رفيع زاده، عضو مجلس إدارة مجلة «هارفارد إنترناشيونال ريفيو» بجامعة هارفارد، أنه إذا ظلت إدارة بايدن ملتزمة الصمت وتواصل التفاوض مع النظام الإيراني لإحياء الاتفاق النووي وتسترضي الزعماء الإيرانيين وترفع العقوبات المفروضة على طهران، فإن هذا النهج سوف يشجعهم ويؤدي إلى تمكينهم من استهداف المزيد والمزيد من الحكومات الغربية بهجمات سيبرانية. وأوضح رفيع زاده أن وقف المفاوضات مع هذا النظام وفرض عقوبات على اقتصاده تعد خطوات في الاتجاه الصحيح. ومن المرجح أن برنامج إيران الخاص بالحرب السيبرانية يتولى أمره الحرس الثوري الإيراني، الذي سيكون مع حكام إيران المستفيدين الوحيدين من أي اتفاق نووي إيراني جديد. وقال معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل إن «الحرس الثوري يجعل بوضوح البلاد واحدة من الدول الأفضل والأكثر تقدما عندما يتعلق الأمر بالحرب السيبرانية». وأضاف: «في حالة حدوث تصعيد بين إيران والغرب، من المحتمل أن تهدف إيران إلى شن هجوم سيبراني ضد البنى التحتية المهمة في الولايات المتحدة والدول الحليفة، وبشكل أساسي البنية التحتية للطاقة والمؤسسات المالية ونظم النقل». وتابع: «لا يتعين علينا التقليل من شأن الهجمات السيبرانية التي يشنها النظام الإيراني. الحرب السيبرانية يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة مثل الأعمال العسكرية». واستطرد: «الهجمات السيبرانية يمكن ان تسيطر على كل البنية التحتية لأي دولة أو تتسبب في اضطرابها، ويشمل ذلك الخدمات العامة، والمستشفيات، والنقل، والإنترنت، والمؤسسات البلدية أو الحكومية، وقطاع الطاقة، وسرقة المعلومات الخاصة بالأفراد، والسيطرة على صواريخ دولة أخرى، والطائرات المسيرة وحتى مراكز الاستخبارات، والقيادة، والتحكم، والاتصالات الخاصة بالقوات المسلحة». وأكد دانييال كوتس، الذي عمل مديرا للاستخبارات الوطنية الأمريكية في جلسة استماع في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ: «نواجه بيئة تهديد معقدة ومتقلبة وتمثل تحديا. أعداؤنا واللاعبون الأشرار الآخرون يستخدمون الفضاء السيبراني وأدوات قوة أخرى لتشكيل المجتمعات والأسواق والقواعد الدولية والمؤسسات وبؤر التوترات الدولية لخدمة مصالحهم». ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي شن فيها النظام الإيراني هجوما سيبرانيا كبيرا ضد دولة أخرى. ففي شهر نوفمبر عام 2018، تم اتهام شخصين في إيران بأنهما وراء سلسلة من الهجمات السيبرانية داخل الولايات المتحدة. وشملت الهجمات إصابة الإدارة المحلية لأتلانتا بولاية جورجيا بالشلل من خلال استهداف المستشفيات والمدارس ووكالات الولاية ومؤسساتها الأخرى. وتم احتجاز بيانات من هذه المؤسسات الكبرى رهينة مقابل دفع مبالغ فدية. وأصدرت وزارة العدل الأمريكية لائحة اتهام بحق سبعة مواطنين إيرانيين لقيامهم بشن هجمات ضد 46 شركة، أساسا في القطاعات المصرفية والمالية. وكشفت العديد من أجهزة ومسؤولي الاستخبارات في عام 2017 النقاب عن أن مجموعة من القراصنة الإيرانيين معروفة باسم «كاديل وشافير» نفذت هجمات سيبرانية ضد السعودية تسببت في حدوث أضرار. وبفضل سياسة الاسترضاء التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي وإدارة بايدن تجاه النظام الإيراني، تم تشجيع حكام إيران لدرجة أنهم شنوا هجوما سيبرانيا كبيرا ضد البنية التحتية والعامة لدولة عضو في الناتو، ويقومون بمحاولات لقتل مواطنين ومسؤولين أمريكيين على الأراضي الأمريكية. وقال رفيع زادة متهكما إن هذا ما يحتاج إليه الغرب بالضبط امتلاك أكبر دولة راعية للإرهاب والتي تشن هجمات سيبرانية كمية غير محدودة من الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية الدقيقة التوجيه لحملها إلى أهدافها وما يصل إلى تريليون دولار في اتفاق يتم التفاوض بشأنه. واختتم رفيع زاده تقريره قائلا: «دعنا نحذُ حذو ألبانيا الشجاعة ونعاقب سوء السلوك بدلا من مكافأته، ونتأكد من أن اتفاق إيران الجديد المروع، الذي تسعى إليه إدارة بايدن والذي ترددت تقارير أنه غير مطروح على الطاولة على الأقل في الوقت الحالي سيظل غير مطروح على الطاولة إلى الأبد».
مشاركة :