تزخر دارة الملك عبدالعزيز بمجموعة ضخمة من قواعد المعلومات المتعلقة بالمملكة العربية السعودية خاصة، والجزيرة العربية والعالم بصورة عامة، وفي إطار دور "الدارة" في جمع مصادر تاريخ المملكة وتوثيقه، تبرز صحيفة "صوت الحجاز" كإحدى العلامات التي سطّرت معالم فترات بالغة الأهمية في تاريخ المملكة. وبنظرة فاحصة لما تحتفظ به "الدارة" من نُسخ حيّة ورقمية لصحيفة "صوت الحجاز"، تبرز بعض النصوص الخبرية التي يمكن إلقاء الضوء عليها لتكشف بعضًا من صور الحياة الاجتماعية والقرارات واللوائح على مدار سنوات متعاقبة. ففي العدد الصادر من صحيفة "صوت الحجاز" في يوم الاثنين 7 صفر سنة 1353هـ الموافق 21 مايو سنة 1934م، كشف أحد النصوص عن إعلان الحكومة عن شروط فتح العيادات الخصوصية. وفيها بعض النصوص الأدبية؛ منها ما يلي: "الأدب النسوي في الحجاز" أطلعني صديق لي على كراسة أدبية بقلم آنسة حجازية عاشت في هذا القرن وماتت لبضع سنين خلت، تاركةً بعدها آثارًا تدُل على رجاحة عقلها وعلوّ نفسها، ونحن هنا ننقل شذرات من تلك الآثار، هي مذكرات كأنها كانت تكتبها تصف فيها تربيتها وتعلقها بالأدب. قالت في صفحة منها: "كنت منصرفة بنشاط إلى كتاب فقيهتي تعلمت فيه القراءة، ولا أنكر أن ذلك كان على طريقة ملتوية طويلة كثيرة، لكنني لا أنسى إخلاصها، وأعتقد أن لها دخلًا كبيرًا في نجاحي". وقالت في صفحة أخرى: "ولا أدري لِمَ كانت تعنى فقيهتي بي لأتقن القراءة، لقد كنت أتأفف، ولكن فقيهتي كانت شخصية محبوبة! تلجئني إلى الطاعة، أو كنت في داري أبتهج لمرأى مكتبة أخي، ويبهرني تنسيقها وألوان مجلداتها، ولَكمْ جلستُ أتمتع بالنظر إليها فقط". "ولاحظ أخي مني ذلك فاستخرج منها كتيبًا مشكولًا في حروف كبيرة لا عنوان له، وبدأ يعتني بي حتى درجت في القراءة، وعلمني مبادئ الكتابة، فتقدمت فيها، ثم كتبت وكتبت وكتبت.. كتبت ما أحسسته ثم ما استفدته من مطالعاتي". وقالت في صفحة أخرى: "لا أدري ماذا يقول عني بنو وبنات جنسي! أيرينني شاذة ويصمونني بالخروج ما دمت أحتفظ برأي الحجاب على أن تتعلم المرأة، ولا بأس من أن تكتب، ولا بأس من أن ترفع صوتها برأيها في المجتمع من وراء ما يصونها"، هذه نفثات قليلة آثرنا نشرها وعسانا نستطيع نشر غيرها في فرصة مواتية.. سباعي". يُشار إلى أن العدد الأول من صحيفة "صوت الحجاز" التي تحتفظ "دارة الملك عبدالعزيز" بإرث كبير من صفحات تاريخها كان قد صدر في قبل 90 عامًا، وتحديدًا في عام "1350هـ - 1932م".
مشاركة :