هناك إجماع بين علماء المناخ حالياً، على أن العالم يجب أن يكون «متعادل الكربون» بحلول عام 2050 من أجل تفادي وقوع اختلالات بيئية كارثية. لذلك السبب ركزت قمة المناخ، التي عقدت مؤخراً في العاصمة الفرنسية باريس، على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو. لكن ثمة مشكلة رئيسية متشعبة، تتعلق بالاستراتيجية القائمة على التركيز على ثاني أكسيد الكربون دون غيره، وهي أن ثاني أكسيد الكربون يظل في الجو لمدة تصل إلى قرن كامل، أو ربما أكثر، وأننا لن نتخلى عن استخدام أنواع الوقود الأحفوري بين عشية وضحاها، علاوة على أن الوصول إلى مستوى «التعادل الكربوني» بحلول 2050 لا يكفي بحد ذاته للحيلولة دون احترار الكوكب الأرضي بمقدار 2 درجة مئوية (الحد المتفق عليه بشكل عام)، وهو مقدار يقل كثيراً عن الهدف الطموح الذي تدعمه العديد من الدول، وهو ألا يزيد احترار الكوكب قبل الوصول إلى هذا التاريخ، عن 1.5 درجة مئوية. إذا ما كنا جادين في منع التغير المناخي، أو إبطائه على الأقل، فسيتعين علينا أن نوسع من قائمة الأهداف التي نتوخى تحقيقها. فحتى ونحن نتحرك نحو تحقيق التعادل الكربوني، يجب علينا في الآن ذاته أن نحد من انبعاثات غاز الميثان، وسخام الكربون، ومبردات الأوزون، والهيدروفلوروكربونات. فهذه الملوثات تفوق ثاني أكسيد الكربون من حيث قدرتها على التسبب في احترار الأرض، بمقدار يتراوح ما بين 25 و4000 مرة، غير أنها تختلف عن الكربون في أنها تظل في الجو لفترة تتراوح ما بين أيام، كما في حالة سخام الكربون، و15 عاماً كما في حالة الهيدروفلوروكربونات. فالحد من انبعاثات تلك الملوثات المعروفة ب«ملوثات المناخ قصيرة العمر» (SLCPs) -خلافاً للحد من الانبعاثات الكربونية- سيكون لها تأثير فوري، ويمكن أن يؤدي لإبطاء عملية احترار الكوكب على نحو دراماتيكي خلال عقود قليلة. ولترجمة هذا الكلام إلى أرقام حقيقية، نقول إننا إذا ما أنقصنا انبعاثات غاز الميثان بنسبة 50٪، والكربون الأسود بنسبة 90٪، واستبدلنا «ملوثات المناخ قصيرة العمر» كلياً بحلول 2030، فسنتمكن من تخفيض نصف الاحترار العالمي المستهدف خلال خمسة وثلاثين عاماً القادمة. وهذه الخطوات ستؤجل الكارثة المناخية، وتمهلنا وقتاً نحن بمسيس الحاجة إليه، لإحداث تغيير جذري في معدل استهلاكنا للطاقة. والتقنيات القائمة، والبدائل النظيفة، والميكانيزمات التنظيمية مثل بروتوكول مونتريال 1987 التي أثبتت جميعاً فعاليتها في مواجهة ملوثات المناخ الأخرى، يمكن إعادة تحديد أهدافها للتعامل مع «ملوثات المناخ قصيرة العمر». ... المزيد
مشاركة :