سعت دول أفريقية مؤخرا للاستعانة بالسعودية لمساعدتها في الحد من المد الإيراني تحت غطاء المذهب الشيعي، الذي استهدف خلال الأعوام الماضية التمدد فيها، وهو ما ظهر جليا في مواقف تلك الدول وزياراتها الأخيرة للعاصمة الرياض. وكرست السعودية جهودها الدبلوماسية للوقوف إلى جوار دول القرن الأفريقي بصفة خاصة لمقاومة مخاطر المد الشيعي. وتستغل إيران الفقر الذي يعيشه سكان الدول الأفريقية، في نشر التشيع حيث تستغل حاجتهم للمال وتقوم عبر أنشطة ثقافية وخدمية بنشر التشيع بطريقة غير مباشرة، وتستغل حب الشعب للدين وآل البيت، وهو ما مهد لها الطريق في دول القارة، كما أنها عبر استخدام عدد من التجار الذين ينتشرون في غرب أفريقيا استطاعت تجنيد أتباع لها في البلاد. وبعيد قطع المملكة العلاقات الدبلوماسية وإجلاء مواطنيها من دولة إيران بعد الهجوم على السفارة والقنصلية السعودية في إيران، أعلن السودان أمس الاثنين، طرده السفير الإيراني وكامل البعثة الدبلوماسية، واستدعاء السفير السوداني من إيران، وذلك خلال اتصال هاتفي بين الرئيس عمر البشير والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. ويعمل التجار الإيرانيون وبعض اللبنانيين المنغمسين في المخطط الفارسي على نشر التشيع في الدول الأفريقية، فيما ينشط دور الحرس الثوري الإيراني المتمثل في تقديم مساعدات إنسانية للدول التي تمر بأزمات، كذا دعم بعض الجماعات المسلحة وإثارة القلاقل في البلاد الأفريقية. وبعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، استقبلت الرياض بحفاوة كبيرة زعماء دول إثيوبيا وجيبوتي إضافة للزعيم الإريتري، للإعلان عن تحالف جديد يهدف للحد من انتشار التشيع الإيراني في القارة السمراء. وفي موريتانيا، كانت تحركات إيران تتخفى وراء ستار الصوفية في البلاد، إلا أن الدول الخليجية بقيادة المملكة قامت عام 2008 بتجميد مساعداتها وقروضها المالية للحكومة الموريتانية التي وقفت عاجزة أمام انتشار التشيع في البلاد. وساهمت التحركات السعودية في القرن الأفريقي في تعزيز الأمن الإقليمي والبحري في باب المندب والحد من عمليات القرصنة وتقليص دور المجموعات المسلحة في البحار، فضلا عن التربص لكل محاولات تهريب السلاح إلى اليمن. وأعلنت المخابرات الصومالية العام الماضي أنها ألقت القبض على شخصيات إيرانية وصومالية تنشر المذهب الشيعي في الصومال، وذكرت في بيان لها أن «عناصر جهاز المخابرات تمكنوا من اعتقال شخصيات متورطة في مشروع التشيع بعد تحريات استمرت مدة طويلة». وأوضح البيان أن «مشروع التشيع يشكل تهديدا لاستقرار الصومال وعقيدة مواطنيه، وأن ما اكتشفته المخابرات الحكومية كان عبارة عن مشروع تشيع كانت تنفذه مؤسسة الخميني للإغاثة الإنسانية في مقديشو بغطاء تنظيم عرس جماعي لشبان وشابات صوماليين». وأرفقت المخابرات ببيانها صورا لإيرانيين ذكرت أن اسميهما محسن حسين وروح الله غلام حسين، مضيفة أن تحرياتها تشير إلى أن مشروع التشيع الذي شمل عدة مناطق صومالية، قد أقنع عددا من الصوماليين على التحول إلى المذهب الشيعي، وهو ما يشكل تهديدا للعقيدة المستقيمة ومذهب السنة الذي يتبعه الصوماليون. وذكرت المخابرات الصومالية أن مسؤولين حكوميين يتواطأون مع الإيرانيين المتورطين اللذين قالت: إنهما مرتبطان بالحرس الثوري الإيراني. وكان موقع «عصر إيران» الإلكتروني قد نشر تقريرا له يفيد بأن التشيع ينتشر في دول غرب أفريقيا، ونقل عن موقع «شيعة نيوز» أن عدد الشيعة في غرب أفريقيا يصل الآن إلى نحو 7 ملايين شخص. وذكر الموقع أن محمد دار الحكمة وهو من رجال الدين في غينيا قال: إن التوجه نحو التشيع في تناٍم مطرد في دول غرب أفريقيا. وأضاف دار الحكمة لدى لقائه مع مسؤول ضريح الإمام الحسين في كربلاء بالعراق أن عدد الشيعة في غرب أفريقيا يبلغ الآن أكثر من 7 ملايين شخص. كما أوضح أنه تم تأسيس «مجمع شباب أهل البيت» في غينيا. من ناحيته أعلن زعيم الشيعة في جزر القمر محمود عبد الله إبراهيم أن التوجه نحو التشيع لدى أبناء هذا البلد آخذ في التنامي. وأفاد الموقع أن الشيخ محمود عبد الله إبراهيم التقى مسؤولي الحوزة العلمية في قم وأعطى شرحا عن وضع الشيعة في جزر القمر، وقال: «في عام 2006 عندما بدأنا التبليغ للتشيع لم يكن حتى شخص واحد ينتمي إلى التشيع لكن الآن هناك أكثر من 100 شخص أصحبوا شيعة». ويقوم مجمع «أهل البيت» الذي يتبع المرشد الأعلى لإيران بالإشراف على عملية الإحصاء العددي للشيعة في العالم وفي القارة الأفريقية. وكانت المؤسسة قد أوضحت في تعداد سابق لعام 2008 أن عدد الشيعة في مالي مثلا وهي دولة سنية بالأساس، أصبح 1 في المائة من السكان٬ موضحة أن عدد السنة في مالي يبلغ 12 مليون شخص٬ فيما الشيعة 120 ألفا. وفي السنغال، وهي أحد أهم مراكز النفوذ الإيراني في غرب أفريقيا يبلغ عدد السكان نحو 12 مليون نسمة٬ بينهم أكثر من نصف مليون شيعي (5 في المائة) من السكان وذلك وفقا لإحصاء المجمع العالمي لأهل البيت. أما غينيا بيساو فقد بلغ عدد المسلمين فيها 680 ألف نسمة٬ بينهم أقل من 6800 شيعي (أقل من 1 في المائة). كما عدد إحصاء أهل البيت أعداد الشيعة في زامبيا وليسوتو وسوازيلاند وسيشل والرأس الأخضر وأرمينيا ومالطا٬ موضحا أن نسبة الشيعة في كل بلد من هؤلاء باتت تتراوح بين 1 و2 في المائة.
مشاركة :