الحريري في روسيا «الآمِر الناهي في سورية» للحدّ من وهج التمدُّد الإيراني في لبنان - خارجيات

  • 9/13/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ليست المرّة الأولى التي يزور فيها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري روسيا. وليست موسكو العاصمة الأولى التي يقصدها منذ توليه رئاسة الحكومة في عهد الرئيس ميشال عون. وليس الحريري الضيف الرفيع الوحيد الذي يحطّ في الكرملين في هذه الأيام... وهذا يعني أن المحادثات التي بدأها مع كبار المسؤولين الروس ويتوّجها اليوم بلقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين تكتسب أهمية «ما فوق عادية» في ظلّ دور «المايسترو» السياسي والعسكري الذي تلعبه موسكو في رسْم مستقبل سورية والتوازنات فيها وما يلفح لبنان جراء «تضخُّم» الأدوار الخارجية لـ «حزب الله» كـ «رأسِ حربةٍ» في المشروع الإيراني، ومجاهرته بانتصاراتٍ «تصنع تاريخ المنطقة وليس تاريخ لبنان». وإذا كانت محادثات الحريري أمس مع كل من نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف ووزير الخارجية سيرغي لافروف ركّزتْ في شكل أساسي على تحييد لبنان عن أي صفقات قد تحصل ويتم بحثها في ما خص إيجاد حلّ سياسي في سورية مع تشديد على وجوب أن لا يغفل أي حلّ ملف النازحين وعلى ضرورة تسليح الجيش اللبناني، فإن الأهمّ في هذه الزيارة هو ما تعبّر عنه من سعيٍ لرئيس الحكومة إلى توفير ضماناتٍ للواقع اللبناني بما يمْنع جعْل بيروت تدْفع أثمان لعبة تقاسُم النفوذ في «سورية الجديدة». وفي رأي أوساط متابعة، ان الحريري الذي يستشعر مخاطر تعاطي المحور الإيراني مع الوقائع الجديدة في سورية خصوصاً على أنها انتصار ذات مفاعيل «متعددة الساحة»، يعتبر أن موسكو وحدها قادرة على «كبْح جماح» أي محاولة استفراد للبنان وجعْله تالياً في دائرة النفوذ الإيراني، خصوصاً في ضوء ما بات «حزب الله» يعبّر عنه بصراحة كما جاء على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي نُقل عنه أمس قوله «اننا انتصرنا في الحرب (في سورية)... وما تبقّى معارك متفرّقة»، مشيراً إلى أن «المشروع الآخر فشل ويريد أن يفاوض ليحصّل بعض المكاسب»، ولافتاً الى أن «البعض في لبنان لن يرضى مهما فعلنا، فلا تعذبوا أنفسكم وليشربوا مليون محيط... والمهزوم والمكسور يمكنه أن يرفع صوته قليلاً». وكان الحريري قبيل بدء محادثاته الرسمية في موسكو غمَزَ من قناة هذا البُعد في زيارته وتحديداً لجهة التعاطي مع روسيا على أنها ضمانة لعدم تعريض لبنان لمخاطر أي «مقايضاتٍ» في المنطقة، من خلال إعلان مكتبه الإعلامي رداً على التخوف من عودة النفوذ السوري الى لبنان «ان الواقع اليوم يشير الى وجود روسيا وإيران وان سورية لن تستطيع فرض شيء، فهذا النظام كان ساقطاً لولا التدخّل الروسي، وإذا نفضتْ روسيا يدَها منه سيَسقط. واليوم هناك دولة كبرى اسمها روسيا تقول (الأمر لي في سورية)». وفي موازاة محاولاتِه توفير «عازِلٍ» للبنان عن «بازار التفاهمات» في المنطقة، يتعاطى الحريري داخلياً على طريقة تفكيك اللغم تلو الآخر، ساعياً إلى احتواء اندفاعة «حزب الله» الذي يعمد إلى «تطويقه» بملفات «تصيبه» داخل بيئته الشعبية (كما مع ملف التحقيقات في أحداث عرسال 2014) ثم لا يتوانى عن توجيه إشارات ايجابية باتجاهه تعكس رغبة في إحراجه لدى الرياض. وبدا الحريري مدركاً هذا «المطبّ»، إذ عمد في ضوء إشادة نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم بأدائه وتأكيد الأخير انه «لا يوجد مانعٌ من الحوار الثنائي مع الحريري» الى الإعلان رداً على إمكان عقد اجتماع بينه وبين نصرالله انه «يقوم بواجباته كرئيس للحكومة اللبنانية، وعندما تنضج الأمور سنرى». ووسط هذه المناخات، جاء لقاء الحريري مع لافروف الذي يُعتبر «واجهة» موسكو في التعاطي مع الملفات الاقليمية ولا سيما الأزمة السورية. وقال رئيس الديبلوماسية الروسية في مستهل الاجتماع: «يسرني ان أرحب بكم في موسكو وهذه المرة الاولى بعدما توليتم مهماتكم كرئيس للوزراء، ونحن نثمّن جهودكم لتنمية التعاون بين روسيا ولبنان وكذلك مساهمتكم الشخصية بتنمية العلاقات الروسية - اللبنانية بالمجالات المختلفة»، مهنئاً لبنان وجيشه «على الانتصار الذي حققه على (داعش)». وبعدها ردّ الحريري مؤكداً «اننا ننظر الى روسيا والى دورها الكبير جداً في المنطقة، ونريد ان يكون التعاون بيننا أكبر اقتصادياً وسياسياً. وأنا مصمم على ان تتطور العلاقات الاقتصادية والعسكرية ايضاً والبحث في شراء بعض الأسلحة من روسيا لتعزيز الجيش اللبناني وهذا أمر مهم جداً بالنسبة للبنان»، ولافتاً الى «اننا نواجه الارهاب كما يواجهه العالم أجمع وقد حقق الجيش اللبناني انتصارات كبيرة ونريد ان نعزز قوة الجيش والقوى الامنية العسكرية لتقوية الدولة». وأضاف: «كما نود ان نناقش الأوضاع في المنطقة التي هي بحاجة الى السلام والاستقرار. وهناك معاناة كبيرة من اللاجئين السوريين. ونعلم انه يجري العمل على حل سياسي بالنسبة لسورية ونأمل ان يشمل ذلك عودة اللاجئين في لبنان وفي كل المنطقة الى سورية وان يكون ذلك ضمن الحل السياسي ايضاً».

مشاركة :