قالَ معَالي الرئيس العام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، في كَلمتِه بمنَاسبَة اليَوم الوطني مبتدئًا بحمدِ اللهِ والثَّناءِ عليه: فإنَّ الإسلامَ قدْ أوْلَى أهميَّةً كبِيرةً للأرْضِ بمعنَاهَا الجُغرَافيّ فجَاءَ الأَمرُ بعمَارتِها والاستخْلافِ فيهَا منهَا نشَأَ مفهومُ الأوْطَانِ وجُبلتِ النُّفوسُ السَّليمةُ علَى حُبِّ بلادِها واستَقرتِ الفِطرُ المستَقيمةُ علَى النُّزوعِ إلَى ديَارِها. وزادَ قائلًا: إنَّ محبةَ الأَوطَانِ ومُؤانَسةَ الخِلَّانِ والتَّمتّع بنِعمِ اللهِ الكريمِ المنَّان، من أمورِ الفِطرةِ التي جُبِلَ عليهَا الإنْسَانُ وتتوقُ إليهَا أفئِدةُ الشُّيوخِ والشَّبابِ والوِلْدَانِ، فَالحنينُ إلَى الأوْطَانِ والشَّوقُ إليهَا في سائرِ الأَزمَانِ ومختَلفِ البُلدانِ حالةٌ مرَّ بهَا النَّبيُّ -علَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- والصَّحابَةُ الكِرام وأمرٌ طَالمَا نَطقَ بهِ البُلغَاءُ وتحدَّث عنهُ الفُصحَاءُ، ونظَّمهُ الشُّعرَاءُ. وأَبَانَ معَالِيه: بأنَّ الانتماء الوطنيّ ليس مُجرَّدَ عاطِفَةٍ غامرةٍ أو مشاعرَ جيَّاشةٍ فحسب بل هو مع ذلك إحساسٌ بالمسؤوليَّة وقيامٌ بالواجبات فالمواطَنة الحقَّة شَرَاكةٌ بينَ أبناءِ الوطنِ في الحياة والمصير والتَّحدِّيات وفي المقدَّراتِ والمكتسَباتِ والمُنْجَزَاتِ وفي الحُقُوقِ والوَاجِبَاتِ وذلك من خلال الرُّؤى المستقبليَّة والخُطط الاستراتيجيَّة والاستثمارات الحضاريَّة والمنشآت الرَّقميَّة التقنيَّة إلى غير ذلك من الفاعليَّة والإيجابيَّة والإسهامات الإنتاجيَّة التي تُحفِّز على التَّنمية القائمة على استثمار التِّقانة والتَّحول الرَّقميّ والذَّكاء الاصطناعيّ لمواكَبة عصر الثَّورة التقانيَّة من خلال التَّنمية المُستَدامة والمواكَبة العِلميَّة للتطوُّر الحضاريّ العالميّ في استمساك بالأصول والكليَّات وسَعةٍ في الفروع والجزئيَّات. وأرْدَفَ قائلًا: ومن أهمِّ ثمار حُبِّ الأوطان الوحدة واللُّحمة ولزوم الجماعة وحُسْن السَّمع للإمام والطَّاعة في وسطيَّة واعتدال فلا غُلوَّ ولا تطرُّفَ ولا جفاءَ ولا انحلالَ في وحدة متألِّقة تتسامى عن الشُّذوذ والفُرْقَةِ والانقسامات وكَيْل التُّهم والتَّصنيفات والخلافات {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}. وأَوضَحَ معَالِيه: إنَّ من شُكرِ النَّعمَاءِ والتَّحدُّثِ بالآلاءِ ما تعيشُهُ هذه البلادُ المباركة لَاتزالُ بحراسةِ اللهِ مُسوَّرةً وبالإسلامِ مُنوَّرةً منِ الْتِئامِ الرَّعية بالرَّاعِي في مظهرٍ فريدٍ ونَسيجٍ مُتميِّز ومنظومةٍ متألقةٍ من اجتماعِ الكلِمةِ ووَحدةِ الصَّفِّ والتفافٍ حولَ القِيادة قلَّ أنْ يشهدَ التَّأريخُ المعاصرُ لها مَثيلًا في عالمٍ يمُوجُ بالتَّحوُّلاتِ والاضْطرَاباتِ وكثرَةِ النَّوازلِ والمتغيِّراتِ والأَزمَاتِ ممَّا جعلَها نمُوذجًا يُحتَذَى به في العالمِ؛ بالأَمنِ والوحدةِ والاستِقرارِ والتَّوازُنِ والاعتِدَالِ والجمْعِ بين الأَصَالةِ والمعاصرَةِ. إنَّه وبكلِّ الإعزازِ والفَخر والحمدُ للهِ والشُّكرِ؛ تذكرُ أنَّه في مثلِ هذَا اليوم كانَ الانطلاقُ إلى توحيدِ القُلوبِ المؤمنةِ بتوحيدِ البَلادِ الغَاليةِ وتوحيدِ الصُّفوف قوةً وعزمًا؛ بجهُودِ المؤَسسِ الملِكِ عبد العَزيزِ بن عبد الرَّحمِن آل سُعود -رحمَه اللهُ- برأب الصَّدعِ بينَ مختَلف الأَفرَادِ والجَمَاعَاتِ والقَبَائل وسارَ علَى نهجِه القَويم أبناؤه البَررَة من بعدِه، إلى عهدِ خادِم الحرَمينِ الشَّريفينِ الملِك سلمَان بن عبدالعَزيز آل سعود -حفظه الله- صاحب القَرارَاتِ الحازمِة والمشروعاتِ العملاقةِ العظِيمةِ وسمُو وليّ عهدِه الأَمين صاحِب السُّمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمَان -حفظه الله- صاحب الرُّؤى السَّديدة، والمبَادراتِ الموفَّقة الرَّشيدَة. وأرْدَفَ معاليه قائلًا: لَقد أثمرتْ هذهِ الُّلحمَة التَّأريخيَّة الفريدَة أُكُلَها، فتَعَاضدَ أبناءُ الوطنِ مع بعضِهم وتَكاتفُوا معَ وُلاةِ أمرِهم، وصَارُوا كَالبُنيانِ يشدُّ بعضُه بعضًا وإنَّ ما نعيشُه اليومَ في هذا العهْد المبَاركِ من تَقدُّمٍ وازدهَارٍ وأمنٍ واستقْرارٍ لهَو أثرٌ عظيمٌ من آثارِ التَّمسُّكِ بالوحدَة والجمَاعةِ حيثُ تأتلفُ الدُّروب وتتواددُ القُلوب وتُدْحرُ الأَراجِيفُ والشَّائعَاتُ والأَبَاطيلُ السَّافرِاتُ ونحنُ في طريقِ المجدِ نبنِي شَامخَ الحضَارَاتِ تحت قيادةٍ حكيمةٍ رشِيدة تُصْلحُ الدُّنيَا بالدِّين معتصَمة بحبلِ اللهِ المتِين. لقدْ أولت حكُومة المملَكة العَربيَّة السُّعوديَّة مُنذ عهد المؤسِس الملِك عبد العَزيز-رحمَه اللهُ- اهتمَامها البَالغ بَالحرَمينِ الشَّريفَينِ توسعةً وعمارةً وصيانةً وتطهيرًا وعناية وتطويرًا وتوجيهًا،ث وإرشادًا وتعليمًا ومن أوائلِ الأعمَالِ التي قَامَ بهَا المؤسِسُ الملِك عبْد العَزيز-طيَّبَ اللهُ ثرَاه- بعد أنْ أتمَّ توحِيد الممْلكة العَربيَّة السُّعوديَّة مُباشرةً؛ الاعتِناء بِالحَرمينِ الشَّريفينِ عنَاية عظَيمَة بإعدادِ تنظِيماتٍ إدَاريَّة، وإصْلاحاتٍ مِعمَاريَّة؛ بالعملِ فِي تحسِينِ وترْميمِ المسْجد الحرَام والمسْجد النَّبويّ وتوسعتهما وأكملتْ بعدَه مسِيرةُ تطوِير الحَرمينِ الشَّريفَينِ، وتَواصَلت قِصةُ العِنايةِ والاهتِمامِ بِهمَا. وبيَّنَ مَعالِيه: بأنَّ مَا يشْهدُه الحرَمانِ الشَّريفانِ في هَذا العهْد الزَّاهرِ عهْد خادِم الحرَمينِ الشَّريفينِ الملِك سلمَان بن عبْدالعَزيز آل سُعود -حفظَه اللهُ- من تَوسعاتٍ جبَّارة، ومشْرُوعاتٍ عِملَاقة تُعدُّ الأكبرُ في تاريخِ عمَارتيهما مرورًا بالتَّطور التقني والتَّحولات الرَّقميَّة والذَّكاء الاصطناعي لتحقيق الرِّيادة في مجال التَّوجيه والإرشاد والتَّوعية والعلم والمعرفة وفي تسخير اللغات العالميَّة وفي المجال الخدمي والتَّشغيلي والفني وفي تطوير منشآتِ ومرافق الرِّئاسة واستحداث كل ما من شأنِه تحقيق أعلَى معايير جودَة الخدمات بالحرمينِ الشَّريفين إنَّها لمن المفَاخرِ العَظيمةِ والمآثِرِ الكَريمةِ لهذهِ الدَّولةِ المبَاركةِ، وهذهِ القِيادَة المسَددةِ. ثمَّ رَفَعَ تهنئتَه للقِيادةِ الرَّشيدة بقَولِهِ: إنَّها واللهِ لمناسبةٌ غاليةٌ، وعزيزةٌ علَى القُلوب نرفعُ فيهَا التهنئة لخادمِ الحرَمينِ الشَّريفينِ الملِك سلمَان بن عبدالعَزيز آل سُعود ولوليّ عهدِه صاحِب السُّمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمَان -حفظَهُما اللهُ- نجددُ فيهَا الحبَّ والولاءَ لهذه القِيادة الكَريمة الموفقَة ونؤكدُ من خلالها من شرقِ البِلادِ وغربِها على اللحمةِ المخلصةِ التي تجمعُ القيادة النَّبيلة بالشَّعب الوفيّ. و خَتَمَ مَعالِيهِ كلمتَه بدُعَاء اللهِ -عزَّ وجلَّ- قائلًا: أسأل اللهَ –عزَّ وجلَّ- بأنْ يديمَ علَى بلادِنا أمنَها واستقرارَها وازدهارَها وخدمتها الرَّائدة للحَرمينِ الشَّريفينِ في ظلِّ القائد المعطاء خادم الحرمينِ الشَّريفينِ الملك سلمَان بن عبد العَزيز آل سعُود -أطالَ اللهُ في عمرِه- خادمًا لِدينِنا ومقدسَاتِنا وأسبغَ عليه لبَاس الصِّحةِ والعَافية وشدّ أزرَه بوليِّ عهدِه الأمير الشَّاب صاحِب السُّمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمَان -حفظه الله ورعاه- أمير النَّهضةِ قائد الرُّؤية الفذّ الهمام وشكرَ اللهُ لأميرنَا الموفَّق خالد الفيصَل بن عبدالعَزيز مستشار خادَم الحرَمينِ الشَّـريفينِ أمير منطَقة مكة المكَرَّمة وصاحب السُّمو الملكيّ الأمير فيصل بن سلمَان أمير منطَقة المدينَة المنوَّرة وسمو نائبيهِمَا الكريمين، حفظَ اللهُ بلادَنا من كلِّ سوءٍ ومكرُوه وزادَها أمنًا وإيمَانًا وسلامًا واستقرَارًا وجعلَها سخاءً رخاءً وحفظَها من كيدِ الكَائِدينَ وعُدوَان المعتَدينَ إنَّه جوادٌ كريمٌ سميعٌ قريبٌ مجيبٌ.
مشاركة :