دعا الحرس الثوري الإيراني السلطة القضائية في البلاد اليوم الخميس إلى محاكمة “الذين ينشرون أخبارا كاذبة وشائعات” في محاولة على ما يبدو للسيطرة على الاحتجاجات في أنحاء البلاد بعد مقتل شابة في الحجز لدى الشرطة. كان التحذير مؤشرا واضحا على أن قوات النخبة مستعدة لتصعيد حملة القمع على المظاهرات. وأضرم محتجون في طهران وعدة مدن إيرانية النار في مركزين ومركبات للشرطة في وقت سابق اليوم الخميس مع تواصل الاضطرابات لليوم السادس، ووردت أنباء عن تعرض قوات الأمن لهجمات. وتوفيت مهسا أميني (22 عاما) الأسبوع الماضي بعدما ألقت شرطة الأخلاق في طهران القبض عليها بسبب ارتدائها “ملابس غير لائقة”. ودخلت في غيبوبة خلال احتجازها. وقالت السلطات إنها ستفتح تحقيقا للوقوف على سبب الوفاة. وعبر الحرس الثوري في بيان عن تعاطفه مع أسرة أميني وذويها. وقال “طلبنا من السلطة القضائية تحديد من ينشرون أخبارا وشائعات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك في الشارع والذين يعرضون السلامة النفسية للمجتمع للخطر والتعامل معهم بكل حسم”. ولعبت النساء دورا بارزا في الاحتجاجات، إذ يقمن بالتلويح بأغطية رؤوسهن وحرقها، وقامت بعضهن بقص شعرهن في الأماكن العامة. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن من المقرر أن تخرج مظاهرات مؤيدة للحكومة غدا الجمعة ، وخرج البعض في مسيرات بالفعل في الشوارع . وأمر رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني باتخاذ إجراءات عاجلة في قضية مثيري الشغب “للحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم” ، وفق ما أوردته وكالة تسنيم للأنباء. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الولايات المتحدة فرضت اليوم الخميس عقوبات على شرطة الأخلاق في إيران واتهمتها بالإساءة للنساء واستخدام العنف ضدهن وانتهاك حقوق المتظاهرين السلميين. وأطلقت وفاة أميني العنان لغضب عارم بين السكان وأدت لاندلاع أسوأ احتجاجات تشهدها إيران منذ عام 2019. وتركز معظمها في المناطق الشمالية الغربية التي يسكنها الأكراد في إيران، لكنها امتدت أيضا إلى العاصمة وما لا يقل عن 50 مدينة وبلدة في أنحاء إيران. واستخدمت الشرطة القوة لتفريق المتظاهرين. وتنحدر أميني من إقليم كردستان. وقالت مجموعة نتبلوكس، المعنية بمراقبة انقطاع خدمات الإنترنت، على تويتر إنه تم تسجيل تعطل جديد للإنترنت عبر الهاتف المحمول في إيران، في إشارة محتملة إلى أن السلطات تخشى من اشتداد حدة الاحتجاجات. وكتبت شركة “واتساب” على تويتر إنها تعمل على إبقاء المستخدمين الإيرانيين على اتصال، مضيفة أنها لا تحظر الأرقام الإيرانية. وأفادت وكالتان إيرانيتان شبه رسميتان للأنباء اليوم الخميس بأن أحد أعضاء منظمة الباسيج شبه العسكرية الموالية للحكومة قُتل طعنا في مدينة مشهد بشمال شرق البلاد أمس الأربعاء. ولم يصدر تأكيد رسمي للحادث. وقالت تسنيم أيضا إن عضوا آخر من الباسيج قُتل أمس الأربعاء في مدينة قزوين نتيجة إصابته بعيار ناري على أيدي “مثيري الشغب والعصابات”. ونشرت نور نيوز، وهي وسيلة إعلامية تابعة لجهاز أمني رفيع المستوى، مقطع فيديو لضابط بالجيش يؤكد مقتل جندي في الاضطرابات، ليرتفع بذلك إجمالي عدد أفراد قوات الأمن الذين قُتلوا في الاضطرابات إلى خمسة. وقال مسؤول من مازندران إن 76 من أفراد قوات الأمن أصيبوا في الإقليم خلال الاضطرابات، بينما أعلن قائد شرطة كردستان إصابة أكثر من مئة فرد من قوات الأمن. وأظهر مقطع فيديو نشره حساب “تصوير 1500″، الذي يركز على احتجاجات إيران ووصل عدد متابعيه إلى نحو مئة ألف على تويتر، قيام محتجين في شمال شرق البلاد بالهتاف “نموت نموت وتعود إيران” بالقرب من مركز للشرطة تشتعل فيه النيران. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة اللقطات. * الحريات الشخصية أثارت وفاة أميني غضبا في أنحاء إيران بشأن قضايا من بينها تقييد الحريات الشخصية بما يشمل فرض قيود صارمة على ملابس النساء، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الذي يترنح تحت وطأة العقوبات. ويخشى حكام إيران من تجدد الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2019 احتجاجا على ارتفاع أسعار البنزين، والتي كانت الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية. وذكرت رويترز أن تلك الاحتجاجات شهدت سقوط 1500 قتيل. كما أعرب المحتجون عن غضبهم إزاء الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. وشوهد حشد يهتف في طهران “مجتبى، نتمنى أن تموت قبل أن تصبح زعيما أعلى”، في إشارة إلى نجل خامنئي الذي يعتقد البعض أنه قد يخلف والده على رأس المؤسسة السياسية الإيرانية. ولم يتسن لرويترز التحقق من الفيديو. وأفادت تقارير لمنظمة هنجاو الكردية الحقوقية، لم يتسن لرويترز التحقق منها، بأن عدد القتلى في المناطق الكردية ارتفع إلى 15 شخصا كما ارتفع عدد المصابين إلى 733. وينفي المسؤولون أن تكون قوات الأمن هي من قتلت المحتجين، ويقولون إنهم ربما قُتلوا برصاص مسلحين معارضين. وفي شمال إيران، أظهر مقطع فيديو لم تتمكن رويترز من التحقق منه قيام حشود مسلحة بهراوات وحجارة بمهاجمة فردي أمن على دراجة نارية وسط ترديد للهتافات.
مشاركة :