أولت المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - جلّ اهتمامها وعنايتها بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لاستيعاب الأعداد المتزايدة لضيوف الرحمن، وذلك ابتغاءَ مرضاة الله وأداءً للأمانة العظيمة. وبذلت المملكة الغالي والنفيس في سبيل عمارة وتطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وتقديم أرقى الخدمات العصرية لحجاج بيت الله الحرام والزائرين والمعتمرين، وذلك استشعارًا للمسؤولية والشرف العظيم الذي خصّ الله به المملكة لرعاية الحرمين الشريفين. وتُعدّ خدمة الحرمين الشريفين من أهم أولويات قيادة المملكة التي يتشرف بها ملوك هذه البلاد الطاهرة، وواجب يتفانون في أدائه تقربًا إلى الله وأداءً لدورهم الريادي والقيادي في خدمة الإسلام والمسلمين، وقد سعوا طوال العهود المتعاقبة إلى توفير سبل الراحة وتيسير أمور الحج والزيارة وتسهيل جميع الإجراءات وتقديم أرقى الخدمات ليُؤديَ ضيوفُ الرحمن عباداتهم في روحانية وسهولة ويسر وأمن وأمان. وقد بادر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بكل اهتمام وعزم إلى عمارة الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما، وكان من أبرز ما قام به ترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملاً، وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، وترخيم المسجد الحرام وتجديد الألوان، وكان ذلك في العام 1344هـ، كما أمر بترخيم الواجهات المطلة على المسجد الحرام ورحباته في سنة 1370هـ، ووضع السرادقات في صحن المسجد لتقي المصلين حرّ الشمس سنة 1345هـ، كما أصلح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم، و"شاذوران" الكعبة المشرفة سنة 1346هـ، كما أمر الملك المؤسس بنصب سرادقات بصحن المطاف، وعمل مظلات ثابتة في أطراف الصحن مثبّتة بالأروقة، تنشر وتلف عند الحاجة، وبقيت سنوات عديدة وتُجدّدُ باستمرار. كسوة الكعبة وفي العام 1346هـ أمر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بإنشاء أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يُبنى بالنورة، وكان ذلك أول مرة في التاريخ، كما أمر بإنشاء إدارة الأمن، وجعل مقرها الرئيس بمكة المكرمة تعزيزاً للأمن وتعظيماً للبلد الحرام، كما وجَّه بإزالة نواتئ الدكاكين التي ضيقت المسعى، فصار المسعى في غاية الاستقامة وحسن المنظر، وأمر بعمل سبيلين لماء زمزم مع تجديد السبيل القديم، وأمر بإصلاح الحجر المفروش على مدار المطاف، وإصلاح أرض الأروقة، وفي عام 1354هـ أمر بإزالة الحصباء القديمة واستبدالها بأخرى جديدة، كما أمر في عام 1366هـ بتجديد سقف المسعى، وكانت مظلة السقف ممتدة بطول المسعى من الصفا إلى المروة ما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي رضي الله عنه، وأمر بعمل باب جديد للكعبة مُغطىً بصفائح من الفضة الخالصة، محلاة بآيات قرآنية، نُقِشَت بأحرف من الذهب الخالص. مكتبة الحرم بعد ذلك توالى أبناء الملك عبدالعزيز البررة بالعناية والاهتمام بخدمة الحرمين الشريفين، حيث وجّه الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم في سنة 1373هـ، وإنشاء بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم في سنة 1374هـ، بعد بناء المسعى بطابقيه، وتوسعة المطاف، وصار بئر زمزم في القبو، وقد زود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل، كما أمر بترميم الكعبة المشرفة في عام 1377هـ، حيث غُيّر سقفا الكعبة العلوي والسفلي بالكامل، وعُولجت أحجارُ الكعبة التي تعرضت للشقوق وتراكم التراب عليها. وفِي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - واصل إنجاز توسعة المسجد الحرام التي بدأت في عهد الملك سعود، ومما تم في عهده إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعةً للطائفين، ووضع المقام في غطاء بلوري عام 1387هـ، ووجَّه ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وذلك في عام 1391هـ، وببناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله، كما اُفتُتِحَ مصنعُ الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث، وذلك عام 1397هـ، وتوسعة المطاف سنة 1398هـ، وفرش أرضيته برخام مُقاومٍ للحرارة، ونقل المنبر والمكبرية، وتوسيع قبو زمزم، وجعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى. ذهب صافٍ وفي العام 1399هـ في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - غُيّرَ بابُ الكعبة المشرفة إلى باب من الذهب الصافي، صنعهُ شيخُ الصّاغة آنذاك أحمد بن إبراهيم بدر، وقد استخدم 280 كجم من الذهب الخالص في صناعته، ويَعدُّهُ البعض أكبر كتلة ذهب في العالم، وهو الباب الموجود هذه الأيام، وعُمل باب داخل الكعبة للصعود من داخلها، يُسمى باب التوبة. وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - عام 1417هـ جرى الترميم الشامل والدقيق على أعلى المواصفات العمرانية العصرية للكعبة، حيث مكثت الكعبة نحو 375 عامًا بدون ترميم شامل، وفي العهد السعودي الزاهر عُمر المسجد الحرام ثلاث مرات وَوُسّع توسعات عمرانية تاريخية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً عبر عصوره المتعاقبة. رخام بارد وشهد المسجد الحرام في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - توسعة كبيرة في عام 1403هـ، نُـزِعَ فيها ملكيات عقارات السوق الصغير غرب المسجد الحرام، تهيئةً لتوسعة كبرى للمسجد الحرام، وقد بلغت مساحة أراضي العقارات المنزوع ملكياتها 30 ألف متر مربع، فهُيّئَت كساحات مؤقتة للصلاة قبل البدء بأعمال البناء عليها، وفي عام 1406هـ، وأمر الملك فهد بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، وبإنشاء 5 سلالم كهربائية بالمسجد الحرام؛ وبناء خمسة جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول، وفِي عام 1409هـ وضع الملك فهد حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية وكانت توسعة عظيمة. وأمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - بالتوسعة السعودية الثالثة التي يشهد تنفيذها الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، حيث إن عمارة المسجد الحرام الأولى وجّه بها الملك عبدالعزيز وأمر بتنفيذها وشُرِعَ في تنفيذها بعهد الملك سعود - رحمه الله - وانتهت في عهد الملك فيصل - رحمه الله -، والتوسعة الثانية كانت في عهد الملك فهد - رحمه الله -، فيما بدأت التوسعة السعودية الثالثة في عهد الملك عبدالله - رحمه الله - ولا تزال مستمرة بأمر وتوجيه ومتابعة ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله -، وصدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتغير مسمى مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى مُجمّع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة وذلك في عام 1439هـ. ساحات خارجية وفِي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - بُدِئَ في التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي - التي تُعدّ أكبر توسعة على مرّ العصور والتاريخ، وتتضمن توسعة الحرم المكي، لترتفع الطاقة الاستيعابية بعد إنهاء أعمال التوسعة إلى مليوني مصلّ -، وتشتمل توسعة الساحات الخارجية، على دورات مياه وممرّات وأنفاق ومرافق أخرى مساندة تعمل على انسيابية الحركة في دخول المصلين وخروجهم، وتتضمن منطقة الخدمات المتعلقة بالتوسعة وخدماتها التكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها. كما اهتمّ ملوكُ المملكة بالمشاعر المقدسة، وذلك بعمارة مسجد نمرة في عرفات والمسجد الحرام في مزدلفة ومسجد الخيف في مِنى، وتوفير البنية التحتية والمرافق الخِدْمية الصحية والبيئية والأمنية والمواصلات والاتصالات وشبكة الطرق بين المشاعر المقدسة وإلى مكة المكرمة وعمل الخيام المضادّة للحريق في مِنى وجسر الجمرات العملاق وقطار المشاعر المقدسة. استمرار التطوير وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - تستمر الرعاية والعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ومن ذلك أمرهُ باستكمال التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي والمسجد النبوي ورعايته ومتابعته مشروعات تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة والارتقاء بالخِدْمات المقدمة لأهالي الحرمين وقاصديهما، حيث أولى خادم الحرمين الشريفين المقدسات الإسلامية عنايته والحفاظ على أمنها، كما هو شأن قادة هذه البلاد منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأبنائه الملوك من بعده - رحمهم الله جميعاً - إلى هذا العهد الزاهر الذي وصلت فيه خدمة الحرمين إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل، ومن ذلك الأمر بإنشاء الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وإنشاء شركة المشاعر المقدسة، وتدشين قطار الحرمين، والأمر بإنشاء مطار الطّائف الجديد خدمة لمكة المكرمة وبوابة أخرى للحجاج، والتّوجيه باستكمال جميع مشروعات تطوير المدينتين المقدستين. كما أنّ رئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - للهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتفقُّدَه الكعبة المشرفة ومشروعات المسجد الحرام ومكة المكرمة والمدينة المنورة، يأتي من حرصه واهتمامه وعنايته بتطوير الحرمين الشريفين، والانتقال بمدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ومستوى المرافق والخِدْمات فيهما، وفق أهداف رؤية المملكة 2030. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مُشاركاً في غسل الكعبة أعمال عمرانية على أعلى مستوى رفع الطاقة الاستيعابية من المصلين وضيوف الرحمن استخدام التقنية داخل الحرم التوسعة في المشاعر المقدسة التبريد على ضيوف الرحمن مشروعات ضخمة من أجل راحة الحجاج
مشاركة :