ارتفع عدد ضحايا «قارب الموت» الذي انطلق من لبنان، وغرق الخميس، قبالة السواحل السورية، إلى 89 قتيلاً، وسط صدمة دولية، وتحرك أمني لبناني لتوقيف المتورطين بتهريب المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر باتجاه أوروبا. وأعلن الجيش اللبناني أمس، عن توقيف شخص للاشتباه في تورطه بتهريب المهاجرين غير الشرعيين على القارب الذي غرق قبالة السواحل السورية. وقالت قيادة الجيش في بيان صادر عن «مديرية التوجيه»، إن مديرية المخابرات أوقفت لبنانياً يوم الأربعاء الماضي، للاشتباه في تورطه بتهريب مهاجرين غير شرعيين عبر البحر. وأضافت أنه «ثبتت نتيجة التحقيق تورطه بإدارة شبكة تنشط في تهريب مهاجرين غير شرعيين عبر البحر، وذلك انطلاقاً من الشاطئ اللبناني الممتد من العريضة (شمال) حتى المنية (جنوب)». وقالت قيادة الجيش إن الموقوف «اعترف بالإعداد لعملية التهريب الأخيرة من لبنان إلى إيطاليا عبر البحر يوم الأربعاء الماضي، والتي أسفرت عن غرق المركب قبالة الشواطئ السورية الخميس»، لافتة إلى «استمرار التحقيق مع الموقوف ومتابعة الشبكة لتوقيف أفرادها». ومنذ الإعلان عصر الخميس، عن غرق المركب قبالة شواطئ طرطوس، الذي راوحت التقديرات بشأن عدد ركابه بين 100 و150 شخصاً من لبنانيين ولاجئين سوريين وفلسطينيين، ترتفع حصيلة الضحايا تباعاً، مع انتشال جثث جديدة، فيما تم إنقاذ 20 شخصاً فقط. ولم تتضح بعد ملابسات غرق المركب الذي كانت وجهته إيطاليا. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن إسكندر عمار مدير الهيئة العامة في مستشفى الباسل، الذي نقل إليه الضحايا في طرطوس، أنه «في حصيلة غير نهائية بلغ عدد الضحايا 89 شخصاً»، بينما تم إخراج 6 ناجين من المستشفى، وما زال 14 شخصاً يتلقون العلاج بينهم اثنان في العناية المشددة. وأفاد الإعلام الرسمي السوري بأن ارتفاع العدد ناتج عن انتشال مزيد من الضحايا. ولا تزال عمليات البحث عن مفقودين مستمرة. وقد عُثر على غالبية الضحايا قبالة جزيرة أرواد وشواطئ طرطوس. وشيعت عائلات في لبنان الجمعة ضحاياها، وتسلمت أخرى لبنانية وفلسطينية مساء، جثث أقربائها عبر معبر العريضة الحدودي وتم دفنهم أمس (السبت). وتنسق السلطات اللبنانية والسورية لنقل الضحايا والناجين. وأعلنت وزارة الصحة العامة اللبنانية في بيان، أن «اتصالاً هاتفياً حصل بين الوزير فراس الأبيض ونظيره السوري الدكتور حسن محمد الغباش، للبحث في كيفية نقل الجرحى الناجين من مأساة المركب، الذي غرق قبالة طرطوس، إلى لبنان، حيث سيصار إلى تحديد الموعد بناء على التقارير الطبية المتعلقة بحالتهم الصحية، إضافة إلى متابعة نقل جثامين الضحايا». ولفتت الوزارة إلى «تحضير مستشفيي طرابلس وحلبا الحكوميين وسائر المستشفيات الخاصة في الشمال لاستقبال الجثامين ومتابعة علاج الجرحى اللبنانيين على نفقة وزارة الصحة العامة»، فيما يجري تنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني والهلال الأحمر العربي السوري لإنجاز مجمل الترتيبات اللوجيستية المتعلقة بالجرحى، كما نقل جثامين الضحايا إلى لبنان. وأثارت الحادثة صدمة دولية. وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن عشرة أطفال لقوا مصرعهم في الحادثة وفق تقارير أولية. واعتبرت في بيان، أنه «كما الحال في كثير من المناطق بالمنطقة، يعيش الناس في لبنان في ظروف قاسية تؤثر على الجميع، لكنها أكثر قسوة بشكل خاص على الأشخاص الأضعف». وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان: «هذه مأساة مؤلمة أخرى»، داعياً المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة الكاملة لـ«تحسين ظروف النازحين قسراً والمجتمعات المضيفة في الشرق الأوسط». وأضاف في بيان مشترك مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين ومنظمة الهجرة الدولية: «الكثيرون يدفع بهم نحو حافة الهاوية». وقال المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أنطونيو فيتورينو: «لا يجدر بالأشخاص الباحثين عن الأمان أن يجدوا أنفسهم مضطرين لخوض رحلات هجرة محفوفة بالمخاطر ومميتة». واعتبر المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني، أن «لا أحد يصعد على مراكب الموت بسهولة. يتخذ الأشخاص هذه القرارات الخطيرة، ويخاطرون بحياتهم بحثاً عن العيش بكرامة». وأضاف: «علينا أن نفعل المزيد (...) لمعالجة الشعور باليأس في لبنان والمنطقة».
مشاركة :