نيويورك – اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري أن أزمة الغذاء العالمية تعكس إخفاق المجتمع الدولي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، معلنا استعداد بلاده للتعاون مع المجتمع الدولي لإنشاء مركز لتخزين وتوزيع المواد الغذائية والحبوب في أفريقيا. وقال شكري في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ77، المنعقدة بمقر المنظمة الدولية في نيويورك، "في أفريقيا يواجه واحد من كل 5 أشخاص خطر الجوع، وأفريقيا تستورد بـ43 مليارا مواد غذائية سنويا". وأكد أن "أزمة الأمن الغذائي من أخطر الأزمات التي تواجه أفريقيا والعالم، وحدثت بسبب إخفاق المجتمع الدولي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة". وأضاف "أعلن استعداد مصر، بحكم موقعها الجغرافي المميز، للتعاون مع المجتمع الدولي لإنشاء مركز لتخزين وتوزيع المواد الغذائية والحبوب في أفريقيا، للمساهمة في التخفيف من أزمة الغذاء العالمي". وتابع "يجب التعامل مع تلك الأزمة من خلال تطوير نظم الزراعة المستدامة، وضمان مشاركة منتجاتها في سلاسل الإمدادات دون عوائق، ونؤكد دعم أهمية الإنذار المبكر للأمن الغذائي". وسبق أن وجه المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي، في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس الخميس الماضي نداء للمانحين، ولاسيما دول الخليج والمليارديرات، لمنح بضعة أيام من أرباحهم بغية معالجة أزمة توريد الأسمدة، مشيرا إلى أن من بين 276 مليون شخص يوجد 50 مليون في 45 دولة يطرقون باب المجاعة. وشدد شكري في كلمته على أن "اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية فاقم من معاناة العالم بعد جائحة كورونا، وزادت الأعباء المتنامية الملقاة على عاتق الدول". ومنذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، تشن روسيا هجوما عسكريا على أوكرانيا، تبعه رفض دولي وفرض عقوبات اقتصادية على موسكو، ما أدى إلى أزمة غذاء عالمية نتيجة تعذّر نقل الحبوب من روسيا وأوكرانيا بصفتهما أكبر مصدّرين للحبوب في العالم. ولفت شكري إلى أن "الأزمات الجيوسياسية جاءت متلاحقة في وقت يعاني فيه العالم من تداعيات جائحة كورونا". وقال إن "الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، تنعقد في مرحلة تاريخية دقيقة، تشهد فيها الساحة الدولية أزمات بالغة التعقيد والتشابك، تتطلب مواجهتها عملا جادا، يتم فيه تفعيل الدبلوماسية متعددة الأطراف". ودعا شكري إلى "احترام المنظومة الأممية وتفعيل عملية تجديدها وإصلاحها، وأن تتم بجدية وموضوعية وإنصاف، حتى تصبح الأمم المتحدة أكثر قدرة على التجاوب مع التحديات التي نواجهها وأكثر مرونة في تلبية مطالب واحتياجات شعوبنا". كما أكد أنه "أصبح من الضروري أن تتجاوب الدول المتقدمة مع مطلب إطلاق مبادرة عالمية بين الدول الدائنة والمدينة، تهدف إلى مبادلة الديون وتحويل الجزء الأكبر منها إلى مشروعات استثمارية مشتركة". وقال إن "المضي على أهداف باريس، وخاصة وقف الارتفاع في معدل درجات الحرارة عالميا، يرتبط على نحو وثيق بالخروج بنتائج ملموسة في مؤتمر شرم الشيخ، بما يؤكد لشعوبنا أن مواجهة تغير المناخ لا تزال تحتل موقع الصدارة على قائمة الأولويات الدولية، رغم كافة التحديات التي يواجهها عالمنا". وأضاف "نتطلع من خلال مؤتمر المناخ (الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر القادم)، إلى الخروج بنتائج جيدة لخفض الانبعاثات والتعامل مع التكيف ورفع طموح تمويل المناخ، وتوفير 100 مليار دولار سنويا، والانتقال العادل إلى الطاقة الجديدة". وأكد أن "مواجهة تغيّر المناخ لا تزال تحتلّ الصدارة، ويظل الأمن المائي يواجه تحديات إلى اليوم، والمؤسف أن هذه المعاناة الإنسانية الجسيمة، تعود إلى عدم الالتزام بأحكام القانون الدولي، ويخطئ البعض الذي يتصور من يستخدم الوسائل السلمية لتسوية المنازعات أنه يأتي من الضعف". وبالنسبة لملف سد النهضة الإثيوبي، أوضح شكري أن "مصر التي تقر حتى بحق الشعب الإثيوبي للتنمية، تؤكد أن ذلك لن يعني أبدا التهاون في حق الشعب المصري في الوجود الذي ارتبط بنهر النيل شريان الحياة". وتابع "مصر تدعو المجتمع الدولي إلى العمل على تطبيق القانون الدولي للمحافظة على حقوق 250 مليون مواطن مصري وإثيوبي وسوداني، وتقليل أي إجراءات تغيّر الحقائق على الأرض". وتتمسك دولتا مصب نهر النيل مصر والسودان بالاتفاق لضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل، غير أن إثيوبيا ترفض ذلك وتؤكد أن سدها الذي بدأت تشييده قبل نحو عقد لا يستهدف الإضرار بأحد. وفي أغسطس الماضي، أكملت إثيوبيا، وهي دولة منبع نهر النيل، الملء الثالث للسد، بعد عمليتي ملء مماثلتين العامين الماضيين دون تنسيق في المراحل الثلاث مع مصر والسودان.
مشاركة :