عودة إلى ملف الشهادات المزورة..!

  • 9/27/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا يتوقف الحديث عن الشهادات الوهمية والمزورة، عاد مؤخرًا الى دائرة الضوء مرة أخرى وهو الذي كان قد فرض نفسه بقوة قبل سنوات قليلة في البحرين وفي أكثر من بلد خليجي، وكأن هناك من يريد أن يؤكد بأن هذا الملف لم يغلق بعد، ولم يدخل دائرة النسيان، حيث وجدنا من يبشر بإجراءات ومواجهات صريحة وجريئة مع هذا الملف ومعالجة تداعياته، وهو الملف الذى شكّل ادانة لكل المتورطين فيه ممن تحايلوا وتلاعبوا وزوّروا وتبؤوا على أساس هذه النوعية من الشهادات الوظائف والمناصب وكذلك من تقاعسوا في مواجهة هذا الوضع رغم كل التصريحات والشعارات التي شنفت آذاننا في فترة مضت وبشرتنا باتخاذ اللازم، ولازلنا بانتظار هذا اللازم، ننتظره بفارغ من الصبر مع كثير من الشفافية والحسم والردع..!  هذه المرة يعود هذا الملف بشكل يعطي على ذمة ما ذهب اليه البعض جرعة من التفاؤل بأن ثمة جدية غير مسبوقة في التعامل مع هذا الملف المثير لكثير من الأسئلة والتساؤلات، وما أعلن مؤخرًا في كل من البحرين والكويت بخصوص الشهادات الوهمية والمزورة يستحق التوقف، ففي البحرين اتخذ مجلس الوزراء قرارًا بشأن التحديث الشامل لعملية التدقيق على الشهادات الجامعية والمؤهلات العلمية، وعلى إثر ذلك أعلن رئيس جهاز الخدمة المدنية عن مجموعة من الإجراءات التطويرية فى عملية التحقق من دقة الشهادات الجامعية والمؤهلات العلمية عبر الاستعانة بشركات متخصصة ومعتمدة. (الأيام 1 سبتمبر 2022 )  أما في الكويت فقد أصدر رئيس مجلس الوزراء توجيهات بفحص الشهادات الدراسية لموظفي الدولة والتصدى بحزم لملف الشهادات المثيرة للشبهات، وفي ضوء ذلك أعلنت العديد من الجهات الحكومية حالة استنفار تنفيذًا لتلك التوجيهات واتخاذ الإجراءات العملية لغربلة تلك الشهادات والتحقق من صحتها، وتم التأكيد بأنه في حالة كشف تزوير شهادة لأي موظف بالدولة،  «كويتي وغير كويتي» سوف تتخذ بحقه الإجراءات القانونية وسحب الرواتب والامتيازات والعلاوات التى حصل عليها بموجب هذه الشهادات المزورة مع التأكيد بأنه لن يكون هناك أي تهاون في ذلك. (القبس 8 سبتمبر 2022). يمكن من باب التذكير العودة الى سنوات مضت حين فرض هذا الملف نفسه على مستوى المنطقة بوجه عام مثيرًا لقدر لا يستهان به من الصدمات والخيبات، مع تساؤلات مقرونة بعلامات تعجب، وجروحًا عميقة وغائرة أحسب أنها شاخصة أمام الأعين، وضمن ما يمكن التذكير به على صعيد البحرين تحديدًا تلك الضجة التي أثيرت في عام 2018 على خلفية ما عُرف بفضيحة الشهادات المزورة التي منحت لعشرات من الأسماء من جامعات وهمية او غير معترف بها من خارج البحرين، ومن ضمن هؤلاء أسماء في وظائف قيادية ومناصب كبيرة وحساسة، ومنهم مسؤولين ومدرسين ومهندسين ومدراء إدارات، وموظفين في تقنية المعلومات والبنوك وشركات الاتصال في جهات حكومية وخاصة، وكان لافتًا إعلان جريدة أخبار الخليج عن حصولها على معلومات وأدلة وبراهين موثقة بالأسماء والصور الشخصية وكلها تثبت تورط العشرات من هؤلاء في الحصول على شهادات مزورة، وقالت إنها «تحتفظ بكل هذه المعلومات حتى تطلبها المختصة لمحاسبة المتورطين في تزوير الشهادات من الجامعات الوهمية». (أخبار الخليج 18 /‏8/‏ 2018).  وعلى إثر ذلك صدر في اليوم التالي مباشرة توجيه من رئاسة الوزراء لمجلس التعليم العالي ولجانه المختصة في الاعتماد الأكاديمي بالتحقق من المعلومات التي أثيرت بشأن تلك الشهادات والوقوف على ما اذا كانت قد اعتمدت للتأهل لوظائف او لمراكز على رأس عملهم او مواقعهم الوظيفية واتخاذ اللازم من إجراءات حيال هذا الملف. (الصحف المحلية 19 /‏8 /‏ 2018).  بالرغم من ذلك لم يصدر عن جهة ما يفترض أنها معنية، او مهتمة، ما يوضح بمنتهى الشفافية ما آل اليه هذا الملف، وما أسفرت عنه التحقيقات، وما هي طبيعة الإجراءات التي اتخذت حيال من يثبت تورطهم، من أشخاص وجهات، تمامًا كما هو الحال بالنسبة لما عرف بالفضيحة الكبرى حين جرى في سبتمبر 2009 نشر قائمة بأسماء 10000 من عدة دول ممن اشتروا شهادات مزورة، ومن ضمنهم 180 خليجيًا منهم 12 بحرينيًا، وأعلن حينذاك بأن الجميع أنفقوا نحو 7 ملايين دولار للحصول على شهاداتهم المزورة، كل ذلك وغير ذلك من الوقائع يفُسّر بأن هذا الملف يخفي تحته ما يخفي من مفاجآت صادمة في الفعل وفي رد الفعل في آنٍ واحد..! يمكن أن نجد الكثير مما يمكن قوله والتذكير به في شأن هذا الملف المؤرق، ولكن ثمة ما هو مهم التذكير به وهو تصريح مدير مكتب الشبكة الخليجية لضمان جودة التعليم العالي بدول مجلس التعاون الخليجي ففي ندوة عقدت في أبوظبي عنوانها «آفة الشهادات المزورة» قال بأن الكويت ودولة الامارات تعكفان على إعداد قانون يجرِّم الشهادات الوهمية والمزورة، ودعا دول مجلس التعاون الى تبني قانون وطني وخليجي موحد لمكافحة آفة الشهادات المزورة تتضافر فيه كل القطاعات الوطنية والخليجية ذات الصلة وهى الجهات الأمنية والتعليمية الحكومية والأهلية والإعلام والنقابات المهنية وجمعيات المجتمع المدني والمهني للتصدي للظاهرة، وإضافة الى ذلك يمكن أن نذكّر بتلك الدعوة التي تم تبنيها في أكثر من مناسبة وهي ايجاد آلية موحدة لمعادلة المؤهلات الاكاديمية خليجيًا، واستحداث قاعدة بيانات إلكترونية توضح فيها أسماء المزورين خليجيًا، وتداول أحدث التقنيات والتجارب لكشف الشهادات المزورة في دول الخليج كافة والتصدي المشترك للآفة التي وصفت بالسرطان الذي ينتشر بسرعة في المجتمعات الخليجية وأبرزت لنا في كل شأن ومجال وميدان وعلى كل المستويات كمًا هائلاً من اللصوص بدرجة دكتوراه..! هناك الكثير من المحطات التي كان عنوانها «الشهادات الوهمية والمزّورة»، محطات فرضت نفسها طيلة السنوات الماضية وحتى الآن وكشفت مدى ارتباط هذا الملف بفصول لا تخطر على البال ومنها ما له صلة بعصابات ومافيات تزوّر وتبيع الشهادات، كل ذلك منشور وموثق ويمكن الرجوع اليه في أي وقت، و من المستغرب، بل المستهجن أن يبقى هذا الملف الذي يمس العلم والأخلاق والقّيم، وينبئ عن كارثة اجتماعية يراوح دون حسم او ردع او نهاية، وهذا أمر يثير الأسى والاهتمام والقلق وجدير بالدراسة والبحث والتحرى والتصدى، وما ينبغي إدراكه والتأكيد عليه أننا أمام وجه من وجوه الفساد وخراب الذمم ويعبر في الوقت ذاته عن كارثة من العيار الثقيل تمس الحاضر والمستقبل لذا فإن المطلوب إلا يصبح مواجهة هذا الفساد، وهذه الكارثة وهمًا..!

مشاركة :