11 توصية للمؤتمر الدولي حول قانون العقوبات والتدابير البديلة كتب أحمد عبدالحميد: وسط إشادة إقليمية ودولية واسعة بتجربة مملكة البحرين الرائدة والنوعية في تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة، اختتمت أمس فعاليات المؤتمر الدولي «قانون العقوبات والتدابير البديلة: تجربة نوعية في التشريع الجنائي» الذي نظمته المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان على مدار اليومين الماضيين، بمشاركة أكثر من 300 مشارك من بينهم متحدثون من عدد من الوزارات والأجهزة الرسمية في مملكة البحرين ممثلة في المجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ووزارة الداخلية، إضافة إلى مشاركة عدد من المنظمات الإقليمية والدولية والمنسق المقيم للأمم المتحدة في مملكة البحرين ومكتب المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، والمرصد العربي لحقوق الإنسان، والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وبعض ممثلي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الأعضاء في المكتب التنفيذي للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، إلى جانب مشاركة ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان وذوي الاختصاص. ووصف المشاركون قانون العقوبات البديلة البحريني بأنه الأوسع والأشمل والأكثر تطورًا على مستوى المنطقة. وأصدر المؤتمر 11 توصية ذات الطبيعة التشريعية والإدارية (التنفيذية) والقضائية، حيث طالب المشاركون بدعوة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان وذوي الاختصاص إلى الدفع قدمًا بالوسائل المتاحة والمساهمة الإيجابية الفاعلة في إيجاد قانون بالنسبة إلى الدول التي لم تسن قانونا خاصا بها يتعلق بالعقوبات والتدابير البديلة. وأوصوا بمراعاة أن تكون التشريعات الوطنية المنظمة للعقوبات والتدابير البديلة متوافقة مع معايير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والعدالة الجنائية والمقررات الدولية الأخرى ذات الصلة، متضمنة جوازية إنهاء العقوبة البديلة قبل نهاية المدة المقررة بها، واعتبار ذلك إعفاءً للمستفيد عن باقي مدة محكوميته متى ما ثبت للجهات القضائية المعنية استحقاقه ذلك، وفق ضمانات وضوابط وإجراءات محددة قانونًا. وطالبوا بمنح المستفيد شهادة تثبت حسن سيرته وسلوكه لتمكنه من استكمال دراسته الأكاديمية (الجامعية أو المهنية أو المدرسية)، مع عدم إخلال تطبيق العقوبة البديلة بحقه في مواصلة تلك الدراسة. وأكدوا أهمية الاستفادة من التوصيات المتولدة عن الأطروحات والرسائل والأبحاث العلمية المتخصصة في العقوبات والتدابير البديلة، لتكون منارة يستهدي بها الكافة في تطوير منظومة العدالة الإصلاحية، واستكمال البناء التشريعي المنظم للسجون المفتوحة وفقا للنظم الحديثة في هذا الشأن، كأحد الوسائل القانونية التي لها الأثر البالغ في إصلاح المحكوم عليه وتقويم سلوكه وجعله مؤهلا لإعادة إدماجه في المجتمع. وطالبوا بتبني نظامي العقوبات والتدابير البديلة والسجون المفتوحة ضمن الخطط والاستراتيجيات وبرامج العمل الوطنية لحقوق الإنسان، مع بناء قدرات العاملين في مجال العقوبات والتدابير البديلة والسجون المفتوحة من منتسبي جهات إنفاذ القانون، وإنشاء وحدات متخصصة ضمن هيكلها الإداري مناط به الإشراف على التدريب ورفع الوعي واقتراح التوصيات التطويرية في هذا المجال. وأشاروا إلى ضرورة رفع الوعي داخل مؤسسات الإصلاح والتأهيل بين النزلاء بالشروط والضوابط القانونية المقررة لإمكانية شمولهم بالعقوبات والتدابير البديلة والسجون المفتوحة، وتسهيل الإجراءات المقررة حال طلبهم الشخصي من داخل تلك المؤسسات باستبدال العقوبة. ووجهوا دعوة إلى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لدعم العلاقة بين المنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان من جانب، والجهات والأجهزة الرسمية من جانب آخر، في شأن تطوير منظومة العدالة الإصلاحية، لاسيما في شأن العقوبات والتدابير البديلة. ولفتوا إلى إيلاء مزيد من الاهتمام ورفع الوعي لدى الجهات الرسمية والشركات والمؤسسات الخاصة (الأهلية) والمنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان بجدوى نظامي العقوبات والتدابير البديلة، والسجون المفتوحة، ليكونوا جميعًا شركاء حقيقيين في تأهيل وإصلاح المستفيد من العقوبة البديلة.، وذلك من خلال تقديم عدد من الأعمال والبرامج التأهيلية لتحفيز الدمج المجتمعي في ضوء أحكام قانون العقوبات والتدابير البديلة. ودعوا إلى إجراء تعديل تشريعي بعدم تطبيق العقوبة البديلة كشرط لسداد الالتزامات المالية كافة للمحكوم عليه، بأن يستطيع المحكوم عليه المستفيد من العقوبة البديلة تقسيط مبلغ الغرامة المحكوم بها بالتزامن مع تنفيذ العقوبة البديلة. وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في نهاية المؤتمر قال المهندس علي الدرازي رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إن التجربة البحرينية بدأت قبل 4 أعوام، وخلال هذه السنوات استفاد من العقوبات البديلة أكثر من 4400 شخص، لافتا إلى أن مراجعة هذه التجربة أدت إلى ظهور آلية جديدة للتوسع في تطبيق القانون، بناء على دراسة من المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وبالشراكة مع كل الجهات المعنية في هذا المجال، وقامت على إشراك القطاع الخاص في تنفيذ العقوبات البديلة، مشيرا إلى أن التعديلات التي شهدها القانون منذ إصداره أسهمت في تسهيل إجراءات القانون، وذلك نتيجة التطور العام في فلسفة العقاب. وأوضح أن المؤتمر الدولي كان بمثابة العصف الذهني والذي أسهم في الوصول إلى التوصيات التي صدرت من المؤتمر والتي سوف يتم إرسالها إلى الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من أجل تعميمها على هذه المؤسسات للاستفادة منها. بدوره قال علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان إن تجربة البحرين ليست مهمة على الصعيد الوطني فحسب ولكن على مستوى منطقة الدول العربية، لافتا إلى أهمية دراسة التجارب العربية المتقدمة بعمق حتى يمكن تعميم الدروس المستفادة منها، وتعزيز الخبرات لأن هناك قواسم مشتركة عديدة تجمع البلدان العربية في ظل التأثر التشريعي والقضائي. وأوضح أن التجربة البحرينية ثرية، وتقدمت كثيرا، والمؤتمر أسهم في التعرف عليها، وتم اختبار هذا القانون خلال السنوات الماضية، ولقينا استجابات عديدة، وهو ما يعكس وجود إرادة سياسية إيجابية، لافتا إلى أنهم تعرفوا على المقترحات المهمة للتطوير والتحديث. بدوره قال القاضي حاتم علي ممثل نائب الأمين العام للأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إن الأمم المتحدة تنظر باهتمام إلى تجربة البحرين في قانون العقوبات والتدابير البديلة، وعدد من الدول العربية لديها عقوبات بديلة في تشريعاتها الوطنية سواء قانون العقوبات أو قانون الإجراءات، ولكن البحرين امتلكت الإرادة والرغبة السياسية أن تأخذ المبادرة في إفراد تشريع مستقل للعقوبات والتدابير البديلة، مستقاة من معايير الأمم المتحدة، وتجارب الدول الأخرى. وأضاف أن القانون البحريني يتسم بأنه أكثر إلزامية وأكثر سهولة في التطبيق للجهات المعنية، منوها بالمشاركة في المؤتمر من أجل نقل التجربة البحرينية إلى المجتمع الإقليمي والدولي، والتعرف على التوصيات والمقترحات لتطوير المنظومة التشريعية المرتبطة بهذا القانون. أكد المتحدثون في المؤتمر الصحفي الذي عقد في ختام المؤتمر الدولي «قانون العقوبات والتدابير البديلة تجربة نوعية في التشريع الجنائي» التطور النوعي والمهم الذي تمثله تجربة مملكة البحرين في تطبيقها قانون العقوبات البديلة، وأشاروا إلى أنها تمثل تجربة مهمة يحتذى بها على مستوى الدول العربية ودول المنطقة، مشيدين بما حققه المؤتمر في خلق أجواء عصف ذهني نوعي. إلى جانب ذلك قال علي الدرازي رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إن مضي 4 سنوات على بدء تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة يجعل مملكة البحرين قادرة على عرض ايجابيات القانون، الذي استفاد منه أكثر من 4 آلاف شخص، وأعرب الدرازي عن تطلعه إلى وضع آلية جديدة لتوسعة عدد المستفيدين من العقوبات البديلة، حيث وضعت المؤسسة آلية متطورة تم من خلالها إشراك القطاع الخاص في تنفيذ العقوبات البديلة، وهو تطور مهم سبقه تغيير في القانون مع حذف بند تغطية العقوبة نصف المدة، وهو ما جاء نتيجة الأخذ بفلسفة العقاب الحديثة. من جانبه؛ أوضح الدكتور علاء سيد شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان بجمهورية مصر العربية أن عملية التحفيز عملية مستمرة، مشيراً إلى أن هناك دروسًا مستفادة من تجربة مملكة البحرين، معبراً عن أمله أن تلقى صداها في تعزيز الخبرة وجمع البلدين معا وتعزيز التبادل المعرفي بشكل مستمر، مشيراً إلى أهمية ما تقدم به المتحدثون في جلسات المؤتمر من توصيات مهمة، مؤكداً ضرورة توضيح أهمية وجود الإرادة السياسية المؤمنة بالتحديث القانوني. وتحدث الدكتور حاتم علي نائب الأمين العام للأمم المتحدة الرئيس التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة، مشيراً إلى أن مملكة البحرين كان لها المبادرة في الأخذ بقانون مستقل يختص بالعقوبات البديلة، وكان أكثر سهولة وفاعلية ومناسبة للمجتمع، منوهاً بدور المؤتمر الفاعل في نقل التجربة إلى المجتمع الإقليمي والدولي. وأضاف أن بعض الدول تمتلك ضمنيًا بعض العقوبات البديلة من خلال قانون العقوبات أو الإجراءات، ولكن مملكة البحرين كان لها الرغبة والمبادرة بإيجاد تشريع مستقل للتدابير البديلة، حيث نظرت إلى القوانين الأممية وأخذت بالتجارب العالمية ونقلتها بدورها إلى المجتمع الإقليمي من خلال عقد هذا المؤتمر الذي حوى التوصيات والاقتراحات التي تهدف إلى إيجاد منظومة تشريعية مهمة، فأي تشريع جديد يحتاج إلى المراجعة والتطوير الدائم مع الأخذ بالملاحظات المقدمة. وبيّن الدكتور حاتم تقدم العدالة الجنائية في مملكة البحرين، إذ يعتبر هذا القانون الوطني عملا تراكمياً بدأ منذ عدة سنوات وتولت الجهات المعنية وضع التشريع، إضافة إلى وجود لجنة لمراجعة الآليات والأخذ بالملاحظات، إذ أتى القانون ليتواكب مع مواصفات المجتمع، وهناك جهود تبذل في الجهات لتوسيع نطاق الشراكات والتعاون على المستويين الخاص والعام كمؤثرين لإعادة التأهيل، وأكد أن الأمم المتحدة تعتبر تجربة مملكة البحرين تجربة رائدة ومهمة في هذا المجال، لافتا إلى أهمية رعايتها ودعمها والثناء عليها. ورداً على طرح فكرة وجوب أن يكون العمل بمقابل؛ أكد القاضي بدر العبدالله اعتبار العمل في العقوبات البديلة بديلا عن العقوبة الأصلية، إذ نص القانون على تأدية العمل في خدمة المجتمع، وهو وصف لا يدخل في أنظمة العمل الاعتيادية، كما أكد وجود معيار دولي في تحديد الوقت والساعات وفق الحالات وظروفها.
مشاركة :