وجدت دراسة علمية جديدة أن العلاج بحمض الفوليك مرتبط بانخفاض خطر محاولات الانتحار؛ حيث يعد الانتحار أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في الولايات المتحدة؛ إذ قضى أكثر من 45000 شخص بالانتحار عام 2020. ويوصي الخبراء بالعديد من الاستراتيجيات والعلاجات لتقليل خطر الانتحار، بما في ذلك العلاج النفسي ودعم الأقران والدعم الاقتصادي والأدوية مثل مضادات الاكتئاب. وقد وجد ان من المرجح أن تضع مكملات حمض الفوليك حدا لهذه المأساة، وفق دراسة حديثة أجرتها جامعة شيكاغو. واستخدمت الدراسة الجديدة التي نُشرت في «JAMA Psychiatry» يوم أمس (الأربعاء) بيانات من مطالبات التأمين الصحي لـ 866586 مريضًا، وبحثت في العلاقة بين علاج حمض الفوليك ومحاولات الانتحار على مدار عامين؛ فوجدت أن المرضى الذين قدموا وصفات طبية لحمض الفوليك (المعروف أيضًا باسم فيتامين ب 9) شهدوا انخفاضًا بنسبة 44 % للانتحار (محاولات الانتحار وإيذاء النفس المتعمد). وفي ذلك، يأمل الدكتور روبرت جيبونز الأستاذ بـBlum-Riese للإحصاء الحيوي والطب بجامعة شيكاغو المؤلف الرئيسي للدراسة، أن هذه النتائج يمكن أن تحسن جهود الوقاية من الانتحار، خاصة بسبب سهولة الوصول إلى حمض الفوليك. وقال جيبونز «لا توجد آثار جانبية حقيقية؛ فهو لا يكلف الكثير من المال ويمكنك الحصول عليه بدون وصفة طبية. هذا يمكن أن ينقذ عشرات الآلاف من الأرواح»، وذلك حسبما نشر موقع «ميديكال اكسبريس» الطبي المتخصص. وأصبح جيبونز مهتمًا بالبداية بحمض الفوليك في سياق الانتحار بسبب دراسة سابقة بحثت فيها مجموعته العلاقات بين مخاطر محاولة الانتحار و 922 دواءً مختلفًا موصوفًا. وفحصت الدراسة في وقت واحد كل عقار للارتباط مع الزيادات والنقصان بمحاولات الانتحار. لكن المثير للدهشة أن حمض الفوليك مرتبط بانخفاض خطر محاولة الانتحار، إلى جانب الأدوية التي يُتوقع أن ترتبط بخطر الانتحار مثل مضادات الاكتئاب ومزيلات القلق ومضادات الذهان. وكان أحد تحديات هذه الدراسة السابقة هو تحليل تأثيرات العديد من الأدوية في مجموعة بيانات واسعة النطاق؛ وهو أمر صعب. فكثير من الناس يتناولون أكثر من دواء واحد، ويمكن أن تكون للأدوية تأثيرات مختلفة عند تناولها معًا عما لو تم تناولها بمفردها. كما قد يكون من الصعب أيضًا الحصول على نتائج ذات مغزى من دراسات مثل هذه التي تبحث عن العلاقات في مجموعات البيانات الكبيرة بسبب عوامل مربكة، والتي يمكن أن تسبب متغيرين في الدراسة كالانتحار والدواء، ليبدو أن لهما علاقة سببية مباشرة مع بعضهما البعض. وفي بعض الأحيان، يرتبط كلاهما في الواقع بعامل مربك مثل الحالة الاجتماعية والاقتصادية أو المواقف الواعية بالصحة، أو لأنها موصوفة لحالة مرتبطة بالانتحار (مثل الاكتئاب). لكن جيبونز ومجموعته كانوا قادرين على القضاء جزئيًا على هذه المضاعفات من خلال مقارنة الأشخاص مع أنفسهم قبل وبعد وصف الدواء بدلاً من مقارنة الأشخاص الذين تناولوا الدواء ولم يتناولوه مع بعضهم البعض. فقد اعتقدوا في البداية أن حمض الفوليك ظهر فقط في دراستهم بسبب تفسير بسيط. لكن تبين أن هذا ليس هو الحال «فعندما رأينا هذه النتيجة لأول مرة اعتقدنا أنه حمل. تتناول النساء الحوامل حمض الفوليك، وتميل النساء الحوامل إلى انخفاض معدل الانتحار، لذلك فهو مجرد ارتباط خاطئ. لذلك، قمنا للتو بإجراء تحليل سريع لتقييده بالرجال. لكننا رأينا نفس التأثير بالضبط عند الرجال»، حسب جيبونز. وللتحقيق والتأكيد على العلاقة بين حمض الفوليك ومخاطر الانتحار، أجرى جيبونز وزملاؤه هذه الدراسة الجديدة وركزوا بشكل خاص على حمض الفوليك، وأخذوا في الحسبان العديد من العوامل المربكة المحتملة؛ بما في ذلك العمر والجنس وتشخيصات الصحة العقلية وغيرها من العوامل المركزية. حتى أنهم وجدوا أنه كلما طالت مدة تناول الشخص لحمض الفوليك، قل خطر محاولة الانتحار. كما ارتبط كل شهر من وصف حمض الفوليك بانخفاض إضافي بنسبة 5 % من خطر محاولة الانتحار خلال فترة المتابعة البالغة 24 شهرًا لدراستهم. وافاد المؤلفون بأن الأشخاص الذين يتناولون مكملات الفيتامينات بشكل عام يرغبون في تحسين صحتهم وبالتالي يكونون أقل عرضة لمحاولة الانتحار. ولمعالجة هذا الاحتمال، أجروا تحليلًا مشابهًا مع مكمل آخر (فيتامين ب 12) كعنصر تحكم سلبي. ولكن على عكس حمض الفوليك، لا يبدو أن هناك أي علاقة بين فيتامين (ب 12) وخطر الانتحار. وعلى الرغم من أن جيبونز وزملاؤه كانوا حريصين على التكيف مع العوامل المربكة، إلا أنهم لا يستطيعون حتى الآن الجزم بما إذا كانت العلاقة بين حمض الفوليك والأحداث الانتحارية السببية. أي أنهم لا يعرفون حتى الآن ما إذا كان تناول حمض الفوليك سيؤدي مباشرة إلى انخفاض خطر انتحار الشخص؛ لذلك يتابعون تجاربهم ذات الشواهد الواسعة النطاق.
مشاركة :