أبدى عديد من الشركات البحرية العالمية رغبة في بناء تحالفات مع نظيرتها السعودية، والدخول في السوق المحلية؛ بسبب التسهيلات والمحفزات التي تقدمها حكومة البلاد لرؤوس الأموال الأجنبية، ووجود مشروعات مستقبلية عملاقة سيكون القطاع البحري شريكاً رئيساً لإنجازها في المرحلة المقبلة. وتوقع خبراء وقادة في القطاع البحري لـ«الشرق الأوسط» إقبال الشركات العالمية لافتتاح مقراتها الإقليمية في السعودية، ومتابعة وإدارة مشروعاتها عن قرب، خصوصاً أن الحكومة تقدم التسهيلات الممكنة، ووجود خارطة طريق للمشروعات ترسمها «رؤية 2030». وأكد أسبن بولسون رئيس مجلس إدارة الغرفة العالمية للشحن لـ«الشرق الأوسط» أن المشروعات السعودية العملاقة أصبحت معروفة عالمياً، ومعظم شركات الشحن وأصحاب الأساطيل الدولية تتسابق للمشاركة فيها، مبيناً أن رؤية المملكة تحدد خارطة طريق واضحة للقطاع البحري. وبيَّن أسبن بولسون أن السعودية تشهد نقلة نوعية في تطوير موانئها، والبلاد مرشحة لتكون مركزاً بحرياً عالمياً جديداً، مؤكداً أن التسهيلات والمحفزات المقدمة من الحكومة للاستثمارات الأجنبية تحفز الشركات العالمية لبناء تحالفات وشراكات مع نظيرتها المحلية؛ لتفتح فرصاً تجارية واستثمارية كبرى. وأشار رئيس مجلس إدارة الغرفة العالمية للشحن - خلال المؤتمر السعودي البحري الذي يقام حالياً في الدمام (شرق السعودية) - إلى أهمية الحدث الذي يقام في المملكة من حيث فتح الفرص، ووجود نقاشات من قادة وخبراء القطاع البحري على مستوى العالم، وكذلك المعرض المصاحب لمقابلة الصناع، وفتح أبواب الشراكات والتحالف معها. ومن حيث التشريعات والأنظمة السعودية الجديدة المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية، أوضحت جاسمين فيشته، الشريك المفوض لشركة «فيشته آند كو» للمحاماة الدولية لـ«الشرق الأوسط»، أن الصياغة القانونية الجديدة في القطاع البحري في السعودية خطوة تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة، متفوقة بذلك على عديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط، التي تملك قوانين قديمة لا تتناسب مع ما تشهده المرحلة الحالية من تطور، على الرغم من ضرورة مواكبة التشريعات للتطورات المختلفة. وتابعت جاسمين فيشته، أن حكومة البلاد حرصت على الاستثمار بصورة كبيرة في الصناعة البحرية وإعادة هيكلة الأصول على مدار العام؛ لجذب المستثمرين من الخارج، والمملكة لديها الوعي الكامل بالقوانين البحرية التي يجب عليهم اتباعها. وزادت الشريك المفوض لشركة المحاماة الدولية، أن هناك طريقتين يمكن من خلالهما تمكين القطاع البحري في المملكة، تتمثل الأولى في توقيع المعاهدات الدولية التي بالفعل صادقت السعودية على أهمها في الآونة الأخيرة، أما الثانية فتتركز على تقييم القوانين الحالية المعمول بها، ومن ثم سد الفجوات وإيجاد حلول للثغرات القائمة. وواصلت أن السعودية قامت بخطوة فريدة من نوعها لتحفيز وجذب الشركات العالمية للدخول والعمل في السوق المحلية، وطرحت فكرة إنشاء المقرات الإقليمية في الرياض؛ لتتمكن من ممارسة وإدارة أعمالها التجارية عن قرب، موضحةً أن افتتاح المقرات ومن ثم السماح بالتملك بنسبة 100 في المائة سوف يشجع رؤوس الأموال للاستثمار محلياً، بالإضافة إلى التوسع في إنشاء المناطق الحرة. ولفتت إلى أهمية المؤتمر السعودي البحري كونه منصة جامعة يمكن من خلالها التواصل مع العاملين في المجال القانوني، مؤكدةً أن القانون البحري شديد التخصص، وغالبية مكاتب المحاماة لا تملك خبرة كافية في المجال وآلياته. واستطردت: «الوجود في المؤتمر فرصة لنقل الخبرات والتدريب والعمل معاً، والالتقاء بمكاتب المحاماة وممثليهم ممن لديهم الشغف والاهتمام بالقانون البحري، والعمل على بناء شراكات بناءة مع المؤسسات السعودية». من جانبه، ذكر وليد التميمي، المدير العام لهيئة الإمارات للتصنيف لـ«الشرق الأوسط» أن أهمية المؤتمر تكمن في التوعية بكل الأنشطة البحرية سواء التجارية أو السلامة والجودة، وهذا مطلب رئيس في ظل التغيرات الدورية في العالم البحري، وتحديداً بعد أزمة «كورونا المستجد»، وكذلك الحرب الروسية - الأوكرانية. وأضاف التميمي أن المؤتمر يجمع الخبراء من كل دول العالم لطرح المسائل الحساسة في القطاع البحري، والالتقاء بالشركات العالمية وقادة المجال وتبادل الآراء والخبرات. وتوقع المدير العام لهيئة الإمارات للتصنيف أن ينتعش القطاع في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن دول الخليج تعتمد على الحقول البحرية، والمشروعات العملاقة في السعودية تحتاج إلى دعم بحري وتوفير الأساطيل، مفيداً بأن المملكة لديها شركة لتصنيع المكائن لتلبية الطلب الذي ستشهده المنطقة مستقبلاً؛ ما يؤكد أن المجال البحري شريك رئيس في المشروعات المقبلة.
مشاركة :