مما يميز تجربة مملكة البحرين في دعم واحتضان مبادرات ريادة الأعمال، أنها لا تقتصر على وزارة أو مؤسسة بعينها فقط، بل إنها بمثابة استراتيجية وطنية تشترك جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في الإسهام بتفعيلها ودعمها، وتجسير كل الطرق وإيجاد أفضل الفرص للابتكار، وكل من موقعه وفي إطار تخصصه، ومجال اهتمامه، وبما يقود إلى تعزيز وتنمية قدرات رواد الأعمال الشباب وتأهيلهم ليكونوا قادرين على إطلاق مشاريعهم الخاصة وترجمة أفكارهم إلى واقع ملموس يسهم في النهوض بالاقتصاد والمجتمع، وبما يساهم في إنشاء نظام بيئي وطني حافز لاستنبات الأفكار الريادية، وبما يتيح إطلاق المبادرات والأفكار الخلاقة وتحويلها إلى فرص عمل جديدة واعدة ومبتكرة، تستند إلى رأس المال الفكري المفعم بالروح الإيجابية الطموحة، التي تقود قاطرة التوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة الجريئة التي تستند على الإبداع والابتكار، وخلق المزايا التنافسية واختراق الأسواق، وبالتالي خلق القيمة المضافة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، والتفاعل مع التطورات والمستجدات الاقتصادية والتقنية التي يشهدها العالم، وفي إطار مسيرة وطنية لسبر أغوار المستقبل وتحقيق التنمية المستدامة وفقا لتوجهات رؤية المملكة 2030 التي وفرت القاعدة الفكرية لريادة الأعمال، وضمنتها في مبادئها الأساسـية والمتمثلة بالاستدامة، والتنافسية، والعدالة، حيث أكدت (ضرورة أن تلتزم سياسة التمويل الحكومي بمبدأ الاستدامة، وأن تستخدم الموارد الوطنية لتطوير رأس المال البشري والتعليم والتدريب، وتشجيع الريادة والابتكار، وأن يكون القطاع الخاص قادرا على إدارة النشاط الاقتصادي بشكل يضمن استدامة النمو والازدهار..). وقد تنوعت المشروعات التي تحفز حكومة البحرين رواد الأعمال على ولوجها وفقا للظروف والمستجدات التي تمر بها البلاد من ناحية، والتوجهات العالمية من ناحية أخرى، لذا فقد حرصت على التعاون مع الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى المعنية بقطاع ريادة الأعمال والابتكار، وكذلك المنظمات العربية والدولية ذات الاهتمام بقضايا الريادة والابتكار، وإطلاق مبادرات مشتركة تستهدف تعزيز روح ريادة الأعمال والاستثمار والابتكار في مجالات عديدة مثل الاقتصاد الرقمي، والتكنولوجيا الخضراء، والصناعات الخضراء، والتكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، وصناعات التدوير، والمياه والزراعة من دون تربة، وغيرها من المجالات الحيوية، فضلا عن المشروعات ذات الطابع الاجتماعي والتي تستهدف إيجاد حلول أو معالجات جوهرية لمشكلات اجتماعية أو بيئية قائمة، بالإضافة إلى التعاون في مجالات إضفاء الطابع المؤسسي على برامج ريادة الأعمال والابتكار، وإيجاد نماذج أعمال قابلة للتطوير والمواءمة والانسجام مع المتغيرات، بحيث تسهم في وقاية المجتمعات من تداعيات الأزمات المفاجئة، وتصميم برامج توعوية بمتطلبات وآليات الاقتصاد الرقمي والتقنيات المعاصرة، من أجل إطلاع الشباب البحريني على أحدث المنجزات والتجارب في مجالات ريادة الأعمال، ذلك في إطار سعي المملكة إلى استنبات أحدث مستجدات الثورة العلمية والمعلوماتية وتوفير بنيتها التحتية المعرفية والمؤسسية في البلاد دعما للشباب ومساعدة لهم لاكتشاف إمكاناتهم وقدراتهم الإبداعية على بدء استثمار خاص متميز بريادته، وإعانتهم على الحصول على التمويل المناسب، وتطوير مهاراتهم الإدارية، والمهنية والمعرفية والتسويقية، بما يساعدهم على تحقيق النجاح في العمل والقيادة والإبداع في اختيار أفكار ومشروعات ريادية ذات قيمة مضافة عالية وتستند إلى أحدث ما توصل إليه العالم في مجالات التكنولوجيا الرقمية والثورة المعلوماتية المعاصرة، وتتسم بالقدرة على التطور وتقديم منتجات ابتكارية جديدة على الدوام، وملاحقة، بل استباق طلبات المستهلكين، وبما يشكل نهجًا متكاملا لتنمية الكفاءات والمهارات، ودعم تكوين وإعداد رواد الأعمال، والمساهمة في إيجاد فرص العمل المناسبة للشباب من خلال تعزيز الاتجاه نحو الابتكار وخلق المشاريع الإبداعية، والحرص على إثراء بيئة الأعمال بالأفراد المبادرين، ومساعدتهم على استثمار الفُرص المتاحة، وتمكينهم من الاستثمار الأمثل للموارد المتوافرة في المجتمع، وبما يسهم في تعزيز قدرة منشآتهم على تطوير إنتاجيتها وتنافسيتها، وقابليتها لتوفير فرص عمل نوعية جديدة، وصولا إلى زيادة نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، والعمل على تمكين منتجات وخدمات مشاريع رواد الأعمال من الوصول إلى الأسواق الإقليمية والدولية، وزيادة قدرتها على التوسّع. وقد نجم عن هذه الجهود البحرينية المميزة في مجال ريادة الأعمال أن منحت العديد من المنظمات الدولية المهتمة مثل الشبكة الدولية لريادة الأعمال جوائز تقديرية وإشادات عالمية غير مسبوقة بما وصلت إليه ريادة الأعمال في البحرين. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :