الإيرانيون والطريق إلى الخلاص من دولة القمع والاستبداد!

  • 9/30/2022
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الحرية‭ ‬تُخيف‭. ‬قد‭ ‬يسلب‭ ‬النجاح‭ ‬المرء‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬حريته‭. ‬من‭ ‬غير‭ ‬تهويل‭ ‬فإن‭ ‬الفشل‭ ‬يكون‭ ‬متوقعا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الناجح‭. ‬أما‭ ‬الفاشل‭ ‬أصلا‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يتوقع‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬ ولكن‭ ‬ما‭ ‬علاقة‭ ‬الفشل‭ ‬والنجاح‭ ‬بالحرية؟ غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬الدول‭ ‬الفاشلة‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬الحرية‭ ‬أو‭ ‬تجاوزتها‭ ‬باعتبارها‭ ‬عقبة‭ ‬مفترضة‭ ‬يمكن‭ ‬لإزالتها‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬السبيل‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬النفق،‭ ‬أما‭ ‬الدول‭ ‬الناجحة‭ ‬فإنها‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحرية‭ ‬كونها‭ ‬عنصرَ‭ ‬تحدّ‭. ‬فكلما‭ ‬ازداد‭ ‬حجمه‭ ‬تعددت‭ ‬فرص‭ ‬النجاح‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬يظل‭ ‬الأمر‭ ‬رهينا‭ ‬بثقة‭ ‬الدولة‭ ‬بالشعب‭ ‬الذي‭ ‬تدير‭ ‬شؤونه‭. ‬فالحرية‭ ‬هي‭ ‬عنوان‭ ‬تلك‭ ‬الثقة‭.‬ حين‭ ‬يفشل‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬جسور‭ ‬الثقة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬فإنه‭ ‬يقوم‭ ‬بالتضييق‭ ‬على‭ ‬الحريات‭ ‬الشخصية‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬شعوره‭ ‬بالحرج‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬الفضيحة‭. ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬شعبها‭ ‬متقدما‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬حاجته‭ ‬إلى‭ ‬الحرية‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬فقد‭ ‬نشأت‭ ‬القطيعة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬اكتشف‭ ‬الشعب‭ ‬أن‭ ‬الطائفية‭ ‬إنما‭ ‬أقيمت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬موزعة‭ ‬ومشتتة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخدم‭ ‬استمرار‭ ‬نظام‭ ‬فاشل‭ ‬وبقائه‭.‬ وإذا‭ ‬ما‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬أقامها‭ ‬الخميني‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬سنرى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬قد‭ ‬أُقيمت‭ ‬خدمة‭ ‬لفكرة‭ ‬عقائدية‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الولي‭ ‬الفقيه‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لتضع‭ ‬إمكاناتها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الشعب‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تخلى‭ ‬الشعب‭ ‬عن‭ ‬حريته‭.‬ أمثلة‭ ‬سيقدم‭ ‬عليها‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬بسبب‭ ‬انهيار‭ ‬القيم‭ ‬القديمة‭ ‬وإنشاء‭ ‬دولة‭ ‬يكون‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬مرآتها‭. ‬وهو‭ ‬نظام‭ ‬طائفي‭ ‬لا‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭.‬ لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬دولة‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭. ‬وتكمن‭ ‬قوتها‭ ‬في‭ ‬السلاح‭ ‬وسباق‭ ‬التسلح‭. ‬ولكنها‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تثق‭ ‬بشعبها‭. ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬أيّ‭ ‬مساحة‭ ‬متاحة‭ ‬للحرية‭. ‬حرية‭ ‬الشعب‭ ‬هي‭ ‬فقرة‭ ‬منسية‭ ‬ومهملة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬الخط‭ ‬الأحمر‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭.‬ كلما‭ ‬أرادت‭ ‬الشعوب‭ ‬الإيرانية‭ ‬أن‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬حريتها‭ ‬أو‭ ‬حاجتها‭ ‬إلى‭ ‬الحرية‭ ‬اشتعلت‭ ‬حرب‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬الشعب‭ ‬والنظام‭. ‬ليس‭ ‬في‭ ‬إمكان‭ ‬ملالي‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬يستفيدوا‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭. ‬ذلك‭ ‬الهرم‭ ‬العملاق‭ ‬الذي‭ ‬تهاوى‭ ‬من‭ ‬الداخل‭. ‬كلمة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬أطاحت‭ ‬بنظام‭ ‬مركب‭ ‬ومعقد‭ ‬وبوليسي‭. ‬فجأة‭ ‬تفككت‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُخيف‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬وانتهى‭ ‬النظام‭ ‬الشيوعي‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭.‬ لقد‭ ‬اكتشف‭ ‬ميخائيل‭ ‬جورباتشوف‭ ‬أنه‭ ‬يقود‭ ‬دولة‭ ‬فاشلة‭ ‬وشعبا‭ ‬محبطا‭ ‬وخائفا‭ ‬ومقيدا‭ ‬ومحروما‭ ‬من‭ ‬الحرية‭. ‬تلك‭ ‬الحقيقة‭ ‬سيظل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يقاومها‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يمثل‭ ‬قدوة‭ ‬للأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬التي‭ ‬تتبعه‭ ‬بغباء‭ ‬أو‭ ‬عمى‭ ‬أو‭ ‬لشعورها‭ ‬العميق‭ ‬بالفشل‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬حمايته‭ ‬من‭ ‬عدوّها‭ ‬في‭ ‬الداخل‭.‬ سيكون‭ ‬صحيحا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬شعوب‭ ‬الدول‭ ‬التابعة‭ ‬والخاضعة‭ ‬للهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬قد‭ ‬ضيعت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬للتحرر‭ ‬من‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الهاوية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصمت‭ ‬والانتظار‭ ‬والتفاؤل‭ ‬المريض‭. ‬تلك‭ ‬مقاربة‭ ‬واقعية‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬الحقيقة‭ ‬كلها‭. ‬هناك‭ ‬لاعب‭ ‬أو‭ ‬لاعبون‭ ‬دوليون‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬خططوا‭ ‬ورسموا‭ ‬وموّلوا‭ ‬ونفّذوا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭. ‬فالمواجهة‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وإيران‭ ‬ليست‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭. ‬هناك‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تمسّ‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي‭.‬ لذلك‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬الإيرانية‭ ‬تعلن‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يعلنه‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬احتجاج‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬السياسات‭ ‬ليس‭ ‬حبا‭ ‬بالعرب‭ ‬ولكن‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تتطلّبه‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬نفقات‭ ‬مالية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الإيرانيين‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجانب‭ ‬يفكر‭ ‬الإيرانيون‭ ‬بالمال‭ ‬لا‭ ‬بالحرية‭. ‬لا‭ ‬حريتهم‭ ‬ولا‭ ‬حرية‭ ‬الشعوب‭ ‬الأخرى‭.‬ ولكن‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصنع‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬التي‭ ‬يحلم‭ ‬بها‭ ‬قادة‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الذين‭ ‬يستلهمون‭ ‬أحلامهم‭ ‬من‭ ‬مخيلة‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬الذي‭ ‬أقام‭ ‬نظاما‭ ‬معزولا‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬عنه‭ ‬شيئا‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬رأسه‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬حلم‭ ‬الخميني‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬أي‭ ‬احتلال‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬وصاية‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلها‭ ‬وهي‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬سلوك‭ ‬يخترق‭ ‬الأعراف‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭. ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬شعوب‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬كانت‭ ‬تتمتع‭ ‬بالحرية‭ ‬لرفضت‭ ‬تلك‭ ‬الوصاية‭ ‬وقطعت‭ ‬جذور‭ ‬تلك‭ ‬المشكلة‭.‬ لا‭ ‬يملك‭ ‬الإيرانيون‭ ‬أن‭ ‬يفرضوا‭ ‬سلاحهم‭ ‬على‭ ‬شعوب‭ ‬ترفضهم‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُلام‭ ‬الشعوب‭ ‬ولكن‭ ‬الوقت‭ ‬صار‭ ‬متأخرا‭. ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وما‭ ‬سيحدث‭ ‬غدا‭ ‬إنما‭ ‬يمهد‭ ‬لنهاية‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬تنتهي‭ ‬معه‭ ‬الدول‭ ‬الفاشلة‭ ‬التي‭ ‬أقامت‭ ‬أنظمتها‭ ‬على‭ ‬غراره‭.‬ {‭ ‬كاتب‭ ‬عراقي

مشاركة :