تفاعلت تصريحات رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد التي حملت تهديدًا واضحًا لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، وتحذيرًا له من العودة إلى لبنان، حيث تركت ارتدادات واسعة ذهبت أبعد من الردّ والردّ المضاد، ووصلت إلى حدّ السؤال عن مصير الحوار الثنائي القائم منذ سنة بين «المستقبل» و«حزب الله»، والإشارة إلى أن هذا التهديد غير المسبوق نسف المبادرة الرئاسية التي لاح معها أمل بفتح كوّة في جدار أزمة الفراغ الرئاسي المستمرّ منذ 20 شهرًا، وأجهز أيضًا على أي محاولة لتفعيل عمل الحكومة المشلولة منذ أشهر طويلة. رئيس مجلس النواب نبيه بري الراعي الرسمي لحوار «المستقبل» - «حزب الله» بدا من أكثر القلقين على هذا الحوار، ومتوجسًا من التداعيات الداخلية لتعطيله أو تعليقه، فدعا خلال لقاء الأربعاء النيابي إلى «تعزيز الاستقرار الداخلي وتحصين لبنان أمام التحديات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، والسعي إلى تحصين البلد». وقال بري: «حتى لو كان انتخاب رئيس الجمهورية سيحصل بعد 15 يوما مثلاً، فعلينا تفعيل عمل الحكومة، فكيف إذا كان هذا الاستحقاق قد بات اليوم في الثلاجة؟». أما وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي، فاستخدم نبرة عالية في ردّه على تهديدات النائب رعد للحريري، معتبرًا أن «اللبنانيين خبروا مع هذا الحزب المسلّح (حزب الله) مرحلة من الاغتيالات والتهويلات، أما أن يصل به الأمر إلى أن يحدد من يحق له أن يدخل البلد ومن لا يحق له، فليسمحوا لنا». وقال ريفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «مهما كان سلاحهم، لا يعني أن لبنان بات مزرعة إيرانية، فهوية لبنان العربية غير قابلة للتبدل، لبنان العربي وطن نهائي لكل أبنائه، ولن يكون فارسيًا ولا أي شيء آخر». أضاف: «يبدو أن البعض يسكر بنشوة السلاح، ونقول لهذا البعض لقد تجاوزت كل الحدود ولن نقبل أن يتقدّم علينا أحد أو نتقدم على أحد، نحن شركاء في الحقوق والواجبات، وسلاحك لن يعطيك قدرة إضافية لتستولي على حقوق الآخرين». وأكد وزير العدل أن «منطق حزب الله يدفع إلى الاحتقان ولا يبني وطنًا، فبناء الوطن لا يقوم إلا على حفظ حقوق الجميع، أما التمرد على الآخر فلن يقود البلاد إلا إلى الانفجار الكبير». وأبدى أسفه لأن إيران ومولوداتها في المنطقة مثل «حزب الله» لا يقرأون التاريخ ولا يستخلصون العبر. وتابع ريفي: «نحن نتمسك بعيشنا المشترك، على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات، وواهم من يعتقد أنه قادر على أخذ اللبنانيين إلى مشروعه الجهنمي بقوة السلاح»، متوجهًا إلى رعد قائلاً له: «لا أنت ولا حزبك المسلح تستطيع أن تقرر من له مكان في لبنان ومن ليس له مكان، عُد مواطنًا لبنانيًا كجميع اللبنانيين، واعلم أن استكبار السلاح لم يعد يرهب أحدًا». من جهته رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن «حزب الله يحاول أن يتصرف كقوة احتلال أو كناظم أمني لمصلحة إيران، بغض النظر عن المصالح الوطنية اللبنانية». وأشار إلى أن «أولوية حزب الله هي المشروع الإيراني في المنطقة، والتعاطي معه هو على هذا الأساس». وسأل فتفت: «هل كان بإمكان رعد قول هذا الكلام لولا استقوائه بالسلاح واعتماده على تاريخه في لبنان لا سيما 7 أيار والقمصان السود». واعتبر أن «المشكلة مع حزب الله أنه ينظر إلى الآخرين نظرة دنيوية يتعاطى مع اللبنانيين كأنهم من الصنف الثاني، كما يفرض عليهم جميع شروطه السياسية»، منبهًا إلى ما قاله (نائبا حزب الله) محمد رعد ونواف الموسوي بأنهم لن يقبلوا برئيس، إنما بسلة كاملة يكون من ضمنها قانون انتخاب جديد، يؤمن فوزهم وفوز فريقهم السياسي. وقال فتفت: «يريدون إعادة تنظيم السلطة وتغيير نظام الطائف الذي كلف الكثير، وكل ذلك دون أن يأخذوا بهواجس الآخرين، لا سيما ما يتعلق بموضوع السلاح والسطو على الدولة والتهريب عبر الممرات الشرعية وغير الشرعية، هم لا يؤمنون بالدولة، بل يؤمنون أن لهم دولة». أما البطريرك الماروني بشار بطرس الراعي، فناشد السياسيين في لبنان «الخروج من دائرة المصالح الذاتية والفئوية، ومن حالة (لحس المبرد)، والعمل على بناء دولة المؤسسات التي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، والتفاني في توفير الخير العام الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي والأمني». وخاطب الكتل السياسية والنيابية بالقول: «إن الشعب اللبناني يرفض بالمطلق هذا النوع من العمل السياسي الهدام للدولة ولمصالح المواطنين، ويرفض طي سنة ثانية من دون رئيس للبلاد».
مشاركة :