انقلاب على انقلاب في بوركينا فاسو وفرنسا في قلب العاصفة

  • 10/1/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

واغادوغو - يخيم التوتر والغموض في بوركينا فاسو ويبدو الوضع فيها شديد الالتباس حول الجهة التي تقود البلاد حاليا بعد أن اصدر الجيش بيانا مساء السبت اقر فيه بوجود انقسام حول عزل رئيس المجلس العسكري الحاكم هنري سانداوغو داميبا الذي لا يعرف مكانه حاليا، بينما نفت فرنسا التورط في الأحداث الجارية منذ أمس الجمعة، أو استضافة رئيس المجلس العسكري في قواعدها العسكرية بالبلد الإفريقي. وفي أول تصريح لها منذ الجمعة، أقرت قيادة أركان الجيش في بيان مساء السبت أن الأخير يشهد "أزمة داخلية" بعد أن "سيطرت بعض الوحدات على بعض محاور مدينة واغادوغو مطالبة بإلقاء اللفتنانت كولونيل داميبا بيان استقالة". وأكد البيان أن هناك "محادثات جارية" مع تلك الوحدات، فيما اتهم الانقلابيون السبت غداة توليهم السلطة، فرنسا بمساعدة الرجل القوي المخلوع بول هنري سانداوغو داميبا في إطار التحضير لهجوم مضاد. وفي بيان قصير متلفز، قالوا إن داميبا "لجأ إلى القاعدة الفرنسية في كامبوينسين من أجل التخطيط لهجوم مضاد" هدفه "نشر الفوضى في صفوف قواتنا العسكرية والأمنية". وردت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان جاء فيه أنها "تنفي رسميا أي تورط في الأحداث الجارية منذ أمس في بوركينا فاسو"، مضيفة أنها "لم تستضف القاعدة التي توجد فيها قواتنا الفرنسية، ولا سفارتنا بول هنري سانداوغو داميبا". ولفرنسا حضور عسكري في بوركينا فاسو عبر قوة سابر وهي وحدة من القوات الخاصة تدرب قوات البوركينية وتتمركز في كامبوينسين على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من العاصمة واغادوغو. واستهدف متظاهرون بعد الظهر مؤسستين فرنسيتين وأضرموا النار أمام السفارة الفرنسية في واغادوغو وآخر أمام المعهد الفرنسي في بوبو ديولاسو بحسب شهود في المدينة الواقعة بغرب البلاد. وأدانت فرنسا مساء السبت "بأشد العبارات" الهجمات ضد سفارتها في بوركينا فاسو، مشدّدة على أن "سلامة مواطنيها" هي "أولوية". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر "ندين بأشد العبارات أعمال العنف ضد سفارتنا"، مضيفة "شُكّلت خلية أزمة في واغادوغو وتمت تعبئة فرقنا من أجل سلامة مواطنينا التي تعد أولويتنا". ولا يزال مصير ومكان وجود داميبا مجهولين. وتظاهر قبل ساعات قليلة من الانقلاب الجمعة مئات في العاصمة للمطالبة برحيل داميبا وإنهاء الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل وإقامة تعاون عسكري مع روسيا. وتزايد نفوذ موسكو في العديد من البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية في السنوات الأخيرة، وبات مألوفا رؤية الأعلام الروسية في مثل هذه التظاهرات. وأكد الانقلابيون في بيانهم الذي تلاه إبراهيم تراوري الجمعة "عزمهم التوجه إلى شركاء آخرين على استعداد للمساعدة في مكافحة الإرهاب". وعقب هدوء ليل الجمعة وصباح السبت، توتر الوضع مرة أخرى ظهرا في واغادوغو بعد إطلاق نار تلاه انتشار الجيش في الشوارع. وأغلقت المحاور الرئيسية للمدينة لا سيما حي أواغا 2000 الذي يضم مقر الرئاسة، وحلقت مروحيات على ارتفاع منخفض فوق وسط المدينة. وعقب يوم شهد إطلاق عيارات نارية في المنطقة التي تضم مقر الرئاسة في واغادوغو، أطل عسكريون عبر التلفزيون الوطني مساء الجمعة ليعلنوا إقالة داميبا. وأعلنوا إغلاق الحدود ووقف العمل بالدستور وحل الحكومة والمجلس التشريعي الانتقالي، كما فرضوا حظرا للتجول من الساعة التاسعة مساء حتى الساعة الخامسة فجرا (غرينتش ومحلي). وبرر العسكريون خطوتهم بـ"التدهور المستمر للوضع الأمني". وكان الزعيم الجديد للمجلس العسكري الكابتن إبراهيم تراوري قائد فيلق فوج مدفعية كايا في شمال البلاد المتضرر من الهجمات الجهادية. وبحسب مصادر أمنية، يكشف هذا الانقلاب وجود خلافات عميقة داخل الجيش، فقد سبق أن انتقدت وحدة النخبة "كوبرا" التي تقاتل الجهاديين، داميبا لعدم حشد كل القوات في المعركة. وقال المحلل السياسي إدريسا تراوري "هؤلاء هم الضباط الشباب أنفسهم الذين شاركوا في الانقلاب الأول في يناير/كانون الثاني. تخلى داعمو داميبا عنه لشعورهم بالخيانة. سيتم إعادة التركيز على القتال ضد الجهاديين". وأدان المجتمع الدولي الانقلاب الجديد. واستنكر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش "بشدة" السبت "أي محاولة لتسلم السلطة بقوة السلاح". وندد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد بـ"التغيير غير الدستوري للحكومة". وأدانت "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا" "بأشد العبارات" عملية الاستيلاء الأخيرة على السلطة، واصفة إياها بأنها "غير مناسبة"، بينما كان يتم تحقيق تقدم من أجل العودة إلى النظام الدستوري بحلول الأول من يوليو/تموز 2024. ولم يوضح الانقلابيون الجدد ما إذا كانوا يعتزمون احترام هذا الجدول الزمني الانتقالي، بينما حذر الاتحاد الأوروبي من أن الانقلاب يعرض للخطر الجهود التي بذلت لإعادة النظام الدستوري بحلول 1 يوليو/تموز 2024 ودعا السلطات الجديدة إلى احترام الاتفاقات السابقة. وفي واشنطن قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس "نحث المسؤولين على تهدئة الموقف ومنع إيذاء المواطنين والجنود والعودة إلى النظام الدستوري"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة "تتابع الموقف عن كثب". ووصل داميبا إلى السلطة في يناير/كانون الثاني عبر انقلاب أطاح الرئيس روش مارك كريستيان كابوري الذي فقد مصداقيته بسبب تصاعد العنف الجهادي. لكن تضاعفت في الأشهر الأخيرة الهجمات التي استهدفت عشرات المدنيين والجنود في الشمال والشرق حيث تخضع مدن الآن لحصار من تنظيمات جهادية. ومنذ عام 2015، تسببت الهجمات المتكررة التي تشنها حركات مسلحة تابعة للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في مقتل الآلاف وتشريد نحو مليوني شخص. ومع انقلابين في مالي في أغسطس/اب 2020 ومايو/ايار 2021 وفي غينيا في سبتمبر/أيلول 2021، بينما يعد هذا الانقلاب الخامس في غرب إفريقيا منذ عام 2020.

مشاركة :