الصفحات الشخصية تكذب أحياناً لتتجمل

  • 1/8/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تغلغلت التكنولوجيا في جوانب حياتنا المختلفة، وأصبحت مرجعاً أساسياً لكثير من الناس في مختلف المجالات، بل أصبحت لدى البعض مصدراً لاتخاذ القرارات المصيرية باعتبارها حقائق مسلماً بها، ويرى آخرون أنها تظهر الشخصية الحقيقية للأفراد ومبادئهم وتفكيرهم واتجاهاتهم، كما تظهر ميولهم ومشاعرهم وعلاقاتهم مع المحيطين بهم، بينما يستخدمها البعض قناعاً ليخفي شخصيته الحقيقية ليتجمل أو يظهر من خلالها صفاتٍ وخصالاً ليست فيه وإنما لخداع الآخرين. يتخذ بعض الناس صفحات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر وغيرهما، دليلاً على حسن سير وسلوك الأفراد والعكس، ويلجأ كثير من المقبلين على الارتباط والزواج من الشباب أو الفتيات، إلى التعرف إلى الشخص الذي يريدون الارتباط به عن طريق صفحته الشخصية وما ينشره من أفكار وعبارات عليها، كما أضحت الحسابات الشخصية وسيلة لقراءة وتحليل الآخرين واتجاهاتهم ومعتقداتهم، وهناك بعض الحالات انفصلت عمن قرروا الارتباط بهم، لمجرد الاطلاع على صفحتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، اعتقاداً منهم أنها جزء لا يتجزأ من شخصيتهم الواقعية، بل امتد الأمر إلى الهيئات والمؤسسات التي ترغب في تعيين موظفين لديها، بالاطلاع على صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي قبل اتخاذ قرار تعيينهم لتتعرف إلى أفكارهم واتجاهاتهم، وهل هي تتناسب مع سياسة المؤسسة أم لا، فهناك بعض الأفكار والاتجاهات المنشورة على الصفحة الشخصية لا تناسب تفكير الطرف الآخر أو بها بعض من التحرر ومخالفة العادات والتقاليد أو ينشر أموراً لا أخلاقية. فاطمة المازمي، الموظفة بدائرة الطيران المدني في الشارقة، تقول: صفحات الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي لا تعبر عن شخصيتهم دائماً، فربما يجد الفرد منشوراً يعجبه فينشره تلقائياً من دون التفكير في الأبعاد التي يحملها هذا المنشور. وتضيف: في حالة الارتباط، وهو قرار مصيري ومستقبلي، يجب عدم التسرع وإصدار الأحكام والقرارات على الأشخاص بمجرد الاطلاع على صفحتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا كان هناك بعض الأفكار والاتجاهات التي لا تناسب تفكير الطرف الآخر فيجب طرح الموضوع للنقاش بينهما ومعرفة وجهة النظر الأخرى، فيما طرحه على صفحته الشخصية. وترى الطالبة الجامعية لينا أبوسمرة، أن الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ليست كفيلة بتوضيح جوانب الشخصية المختلفة، ويجب عدم إصدار أحكام على شخصية الفرد بمجرد الاطلاع على منشوراته على صفحته. وتقول: ربما نفسر ما نقرأه تفسيراً خاطئاً، في حين يقصد صاحب الصفحة بها شيئاً آخر، ويجب عدم تفسير المواقف التي تنشر على الصفحات الشخصية من دون الرجوع للشخص والاستفسار منه إذا كان الأمر يهمنا شخصياً، ولكن تعامل الأفراد مع وسائل التواصل الاجتماعي يعطي انطباعاً مبدئياً عن الشخصية ولكن يجب عدم التسليم به على أنه حقائق واقعية. وتوضح أبوسمرة، قائلة: على سبيل المثال حدث لي موقف، إذ تقدم إلى خطبتي أحد الأشخاص، وبالحديث معه علمت أنه ليس لديه حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يتعامل معها ومن هنا أخذت انطباعاً أولياً بأنه شخص غير اجتماعي وانطوائي وربما يحب العزلة، أما إذا تقدم لي شخص ويبدو في شخصيته الواقعية أنه على خلق وقدر كبير من الاحترام وعند الاطلاع على صفحته الشخصية في الواقع الافتراضي ووجدت أن تفكيره متحرر وينشر ما يعبر عن عدم احترامه لعادات وتقاليد مجتمعنا، فعلى الفور أتخذ قراراً بالرفض وعدم الموافقة على الارتباط به من دون الرجوع إليه أو مناقشته. وتعتقد بدرية الشامسي، سيدة أعمال، أن الواقع الافتراضي لا يعبر عن الواقع الحقيقي. تقول: في وقتنا الحالي بنسبة 80% لا يعبر الواقع الافتراضي عن شخصية الأفراد الحقيقية، ويعمل الكثير من مستخدمي هذه الصفحات على إظهار الجانب الإيجابي فقط من شخصيتهم، لأن هذه طبيعة الإنسان، فهو يريد أن يُري الآخرين كل ما هو جميل. وتضيف: الواقع الافتراضي لا يظهر عيوب الإنسان، ولكن من الممكن التعرف إلى بعض ملامحه عن طريق صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي مثل مواهبه وميوله وأفكاره، أما التعامل المباشر فيظهر الشخصية الحقيقية للفرد، ويجب استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر تجارب الفرد الناجحة في مجالات مختلفة حتى يستفيد منها الآخرون. وعلى الرغم من ذلك يرى البعض أن صفحات الأشخاص في العالم الافتراضي تعبر عن جزء كبير من واقعهم الفعلي لدرجة أن بعض المؤسسات والشركات تطلع على الصفحات الشخصية للأفراد الذين يتقدمون للحصول على وظيفة لديهم، وذلك يساعدهم على اتخاذ قرار ما إذا كان هذا الشخص يصلح للعمل أم لا وذلك من خلال الاطلاع على أفكاره واتجاهاته في الواقع الافتراضي. ويشير خالد النقبي، موظف حكومي، إلى أهمية عدم التسرع في اتخاذ قرارات مصيرية، قائلاً: ليس من المنطق الحكم على شخص من مجرد عبارات أو أفكار نشرها على صفحته الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، فربما تكون تلك المنشورات راقت له فقط ولكن لا تعبر عنه، وهناك بعض العبارات تحمل أكثر من معنى وكل فرد يفهمها ويفسرها على حسب ميوله واتجاهاته، لذلك عند إصدار حكم على شخصية الفرد يجب اللجوء له شخصياً ومحاورته ومناقشته لتضح الرؤية ويفهم ما المقصود تحديداً. ويقول محمد حسن، موظف حكومي: تتعرض الكثير من الحسابات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى السرقة، وربما ينشر السارق معلومات أو تعليقات تضر بصاحب الحساب، لذلك يجب التأكد أن ما ينشر ينسب لصاحب الحساب الأصلي، وإذا نُشر شيء يتنافى مع الأخلاق والعادات والتقاليد يجب الرجوع إلى الشخص نفسه، وعدم إصدار حكم وانطباع عن الفرد بمجرد تصفح الصفحة الشخصية في العالم الافتراضي، ولكن هذا لا ينفي أن تصفح الصفحات الشخصية للأفراد يعطي انطباعاً أولياً عن شخصيتهم، ولكن يجب عدم التسليم بكل ما ينشر على أنه واقع فعلي وجزء من شخصية الفرد. الواقع الافتراضي يحتمل تفسيرات مختلفة يوضح عبد الرحمن عبد الله مستشار أسري وتربوي وأخصائي تعديل سلوك لابد من تقسيم ما ينشره الأفراد على صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى قسمين: بوستات أو أفكار تعبر عن حالة الفرد المزاجية، فإذا كان سعيداً ينشر أفكاراً وعبارات تعبر عن السعادة والعكس، ولذلك فإنها تعبر عن حالة مؤقتة لذلك لا نستطيع الحكم على الشخص بأنه شخصية مرحة أو هزلية بمجرد أنه نشر شيئاً يعبر عن ذلك، والقسم الثاني: ربما ينشر الفرد أفكاراً تعبر عن رغبته في حدوث هذا الشيء مثال أن ينشر بوستات عن الحب والمشاعر أو حالة شعورية معينة هو يتمنى حدوثها، ولكن ليس معنى أنه قام بنشر بوست يعبر عن رغبته، أنه يعيش هذه الحالة بالفعل، ولكن إذا كان هذا الشخص يهم شخصاً آخر فمن الممكن أن يتعرف إلى رغباته واتجاهاته من خلال نشر أفكاره على صفحته الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويحاول أن يحققها له، وهنا لا يجب التسليم بكل ما ينشر على صفحات الأفراد الشخصية على أنه حقائق مسلم بها، واتخاذ القرارات المصيرية بناء عليها.

مشاركة :