حمد الغنبوصي مصور يملك تجربة مثيرة للاهتمام، يسافر مع كاميرته راصداً حياة الناس، ويعود بحصيلة من الصور الرائعة التي تقول الكثير من الحكايات عن تلك الأماكن التي زارها.. من عمان والنيبال والهند وغيرها صوره تتحدث بلسانه، وتقول ما يريده بلغة الضوء والظلال.. هو حاصد للجوائز بامتياز وحصيلته تتجاوز 130 جائزة دولية من سويسرا وصربيا وألمانيا والهند وغيرها، تجربة حمد المهمة وآراؤه في التصوير الفوتوغرافي رصدناها في هذا الحوار: غالباً ما تكون البدايات متشابهة، حيث تظهر الموهبة في مرحلة الطفولة، البعض يلتقطها ويطورها والبعض الآخر يهملها ولا ينتبه لوجودها. حمد الغنبوصي لم ينتبه لموهبته عندما كان طفلاً، والأمر كله بدأ من رحلة جمعته بأصدقاء العمل، يقول: بدايتي كانت عادية جداً، كنت أمتلك كاميرا صغيرة، وذهبت في أحد الأيام في رحلة مع بعض أصدقاء العمل وصورت بعض المناظر الطبيعية. الجميع كان يثني على الصور التي التقطتها ويبدي إعجابه بها، مع أن معرفتي بالتصوير كانت بسيطة. ردود فعل الأصدقاء جعلتني ألتفت لموهبتي وأعطتني دافعاً للتعمق أكثر في هذا المجال، من خلال بعض المواقع والمنتديات، ومن هنا بدأت رحلة التصوير الجميلة في الانسياب. ويتحدث حمد عن مشاركته الأخيرة في المعرض السنوي الثاني والعشرين، للتصوير الضوئي الذي تنظمه جمعية التصوير الضوئي العمانية، وحصوله على الجائزة الأولى بعد تنافسه مع 55 مصوراً عمانياً، يقول: تنتمي مشاركتي إلى المحور المفتوح، وعملي الفائز التقطته خلال رحلة قت بها إلى دولة النيبال، وهو بعنوان امرأة في الحقل، ويظهر امرأة تحمل منجلاً وتعمل في الحقل وفي الوقت نفسه، تحمل ابنها على ظهرها. وعن مشروعه لتوثيق حياة الناس، يقول: لقد بدأت قبل سنوات مشروعي لتصوير حياة الناس، وقمت بعدد من الرحلات التصويرية إلى الهند والنيبال وغيرها، أعتقد أن تجربة التصوير في دول أخرى، تضيف مزيداً من الثراء وتنوع خبرة وتجربة المصور، وخاصة من حيث التعرف إلى حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم. ويضيف: أنا أؤمن أن الصورة الفوتوغرافية ليست مجرد إطار يظهر الأشياء الجميلة أو حتى القبيحة، بل هو عالم أوسع من ذلك، فالصورة لها هدف وأهمية كبيرة وهي تغني عن الكلمات بل وتنطق حين تعجز الكلمات عن التعبير. يمارس معظم الناس التصوير لتسجيل لحظات معينة من حياتهم أو حياة عائلاتهم، ولكن ليس لمعظمهم موهبة حقيقية فيه، ورغم ذلك بتنا اليوم نشهد تزاحماً على لقب صفة مصور ضوئي، وهناك العشرات من الشبان، الذين يحترفون هذا المجال، فما هو رأي حمد في ذلك؟ التصوير عمل يحفل بالكثير من الصعوبات، ويتطلب الجهد والبحث والتعلم المستمر، وللأسف البعض يعتقد أنه بمجرد أن يمسك بكاميرته، وبقليل من المعلومات، يمكنه التقاط صور تنافس في المحافل الفنية، وهذا غير صحيح البتة، لأن التصوير، فن له أسس وقواعد وأصول، وحتى تكون مبدعاً فيه، يجب أن تتقن كل جوانبه وخفاياه. ولكن مع انتشار الهواتف الذكية ذات الكاميرات بالغة الدقة، وتوافر الكاميرات الاحترافية، هل ما زالت هناك صعوبات تواجه المصور المبتدئ؟ التصوير لغير المحترفين أصبح أمراً يسيراً مع التكنولوجيا العالية والهواتف الذكية، ولكن لمن يريد أن يصبح مصوراً محترفاً.. أقول: مازال هناك العديد من العوائق، التي تظهر له، ومنها مثلاً عدم توفر المعدات الملائمة لأنواع التصوير المختلفة، مثل وجود كاميرات احترافية لتصوير المناظر الطبيعية والماكرو، فهي باهظة الثمن جداً، وليست في متناول الجميع، وأيضاً هناك صعوبات من نوع آخر تواجه المصور، مثل اضطراره للسفر والقيام برحلات بعيدة من أجل الحصول على لقطات مميزة، إضافة إلى صعوبة اختيار الزوايا المناسبة، وغيرها من الأمور التي يمكن التغلب على بعض منها بالتدريب المستمر، وباستخدام المعدات المتوفرة والزاوية المناسبة والمكونات المتوفرة في البيئة المحيطة بنا. التخصص يؤمن حمد أن التخصص في مجال واحد من التصوير، أفضل للمصور الضوئي، لأنه يسمح له بأن يركز كل قدراته ومهاراته على جانب محدد، بدلاً من التشتت في مجالات مختلفة، يقول: نعيش اليوم في عالم يتطلب التخصص في أي أمر نقوم به، حتى نكون مبدعين وناجحين وكثير من المصورين العالميين ركزوا اهتمامهم على نوع محدد من التصوير، فأبدعوا وبرعوا فيه، فمنهم من اختص بتصوير المناظر الطبيعية، ومنهم من تخصص في تصوير الطيور، ومنهم من استحوذ تصوير البورتريه على كل اهتمامه، أما عن نفسي فيستهويني تصوير المناظر الطبيعية الخلابة وتحديداً في ساعة الغروب التي تمدني بأجمل الأحاسيس وتعطيني دافعاً أكبر للإبداع، وأهتم كثيراً بتصوير حياة الناس، وقد قمت كما ذكرت بعدد من الرحلات التصويرية للهند والنيبال، حيث الثراء الفوتوغرافي، وخصوصاً ما يتعلق بحياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم. وصفة يتساءل البعض هل هناك طريقة معينة أو وصفة جاهزة يمكنه اتباعها فتعينه على التقاط صور ناجحة ومؤثرة؟ أنصح كما قلت سابقاً بالتخصص في موضوع معين يحبه المصور، حتى يتمكن من الإبداع فيه، وأنصح أيضاً بعدم المبالغة في استخدام فن معالجة الصور رقمياً، وأن يقوم المصور ببعض التعديلات البسيطة على الصورة، بغية إخفاء بعض العيوب البسيطة، وتجنباً للمبالغة التي قد توصلنا لصورة تخلط بين التصوير والتصميم. ويضيف: من المهم أيضاً لنجاح أي مصور أن يدرك أن التصوير الفوتوغرافي فن له أسسه وقواعده، فقد يكون في الصورة الواحدة عناصر متعددة، أو قد لا تحمل بين جوانبها سوى عنصر واحد، وهذا بالطبع مرتبط بعوامل عديدة كمزاجية المصور ومستوى إدراكه لما يريد من الصورة أو الموضوع الذي من أجله التقطت الصورة، وفي كل الصور لا بد من توافر الجوانب الفنية الأخرى المتعلقة بعملية التصوير، كزاوية الالتقاط، وحجم اللقطة، وزمن التعريض، ونوعية وكمية الإضاءة، ويمكن للمصور الحصول على هذا الحس التصويري من خلال المشاهدات اليومية في اختلاف صور اليوم، منذ إشراقة الصباح، إلى انتشار خيوط الشمس الذهبية في المساء، وأيضاً من خلال التمعن في صور من التميز والبروز في مجال التصوير، وبالطبع في كل جديد مبدع متميز، في عالم التصوير الرقمي الحديث، وأيضاً من خلال متابعة المواقع والمنتديات التي تتحفنا بكل جديد في عالم الصورة، ويبقى السؤال الأساسي ماذا أريد من الصورة، وما الذي أريد أن أنقله للمشاهد؟ هذا ما يجب أن يفكر به أي مصور قبل التقاطه للصورة.
مشاركة :