تباطؤ الأسواق الصاعدة يلقي بظلاله على النمو العالمي في 2016

  • 1/8/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

كشف تقرير جديد للبنك الدولي أن ضعف النمو في بلدان الأسواق الصاعدة الرئيسة سيؤثر في النمو العالمي في 2016، لكن النشاط الاقتصادي العالمي مع ذلك ستتسارع وتيرته بخطى متواضعة إلى 2.9 في المائة من معدل نمو قدره 2.4 في المائة في 2015، في ظل تزايد معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة. جاء ذلك في تقرير صدر أمس بعنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية"، وأشار إلى أن الضعف المتزامن في معظم الأسواق الصاعدة الرئيسة يدعو إلى القلق فيما يتعلَّق بجهود تحقيق هدفي إنهاء الفقر وتعزيز الرخاء المشترك، نظرا لأن تلك البلدان كانت لها مساهمة قوية في النمو العالمي خلال السنوات العشر الماضية. وحذر التقرير في الوقت نفسه من أن الآثار غير المباشرة لأوضاع الأسواق الصاعدة الرئيسة ستُضعف النمو في البلدان النامية، وتُنذِر بضياع المكاسب التي تحقَّقت بشق الأنفس في انتشال الناس من براثن الفقر. وتعقيبا على التقرير، قال جيم يونج كيم رئيس مجموعة البنك الدولي إن أكثر من 40 في المائة من فقراء العالم يعيشون في البلدان النامية التي تراجع معدل النمو فيها في عام 2015، ومن الضروري أن تُركز البلدان النامية على بناء قدرتها على الصمود في وجه ضعف البيئة الاقتصادية وعلى حماية الفئات الأشد حرمانا، مضيفاً أنه من المحتمل أن تكون فوائد إصلاح نظم الحوكمة وبيئة الأعمال كبيرة بحيث تُعوض آثار بطء النمو في الاقتصادات الأكبر حجما. وكان معدل النمو العالمي أقل من المتوقع في 2015، عندما تضرر النشاط الاقتصادي بشدة جراء هبوط أسعار السلع الأولية، وتراجع تدفقات التجارة ورؤوس الأموال، وتقلُّبات الأسواق المالية. ويعتمد تحسُّن النمو في المستقبل على استمرار زخم النشاط في البلدان مرتفعة الدخل، واستقرار أسعار السلع الأولية، ونجاح الصين في الانتقال التدريجي نحو نموذج نمو أكثر استنادا إلى الاستهلاك والخدمات. ومن المتوقع أن تُحقق البلدان النامية نموا نسبته 4.8 في المائة في عام 2016، وهو أقل مما أشارت إليه تنبؤات سابقة، ولكنه أعلى من المستوى المتدني بعد الأزمة والبالغ 4.3 في المائة في 2015. ومن المحتمل أن يسجل النمو في الصين مزيدا من التراجع، أما في روسيا والبرازيل فمن المتوقع أن تستمر حالة الكساد في العام الجارى، ومن المتوقع أيضاً أن تكون منطقة جنوب آسيا، بقيادة الهند، نقطة مشرقة في الاقتصاد العالمي، وقد تُتيح الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تم التفاوض عليها في الآونة الأخيرة تعزيز حركة التجارة. من جانبه، أوضح كوشيك باسو نائب رئيس مجموعة البنك الدولي ورئيس المختصين الاقتصاديين أن تباين الأداء بين الاقتصادات الصاعدة زاد، وبمقارنة الوضع قبل ستة أشهر، فإن المخاطر اشتدت، ولا سيما تلك المرتبطة باحتمال تباطؤ النمو في أحد بلدان الاقتصادات الصاعدة الرئيسة، وللتخفيف من هذه المخاطر ومساندة النمو، ينبغي اتخاذ مجموعة من السياسات المتصلة بالمالية العامة والبنوك المركزية. وعلى الرغم من بُعد احتماله، فإن حدوث تباطؤ أسرع مما هو متوقع في الاقتصادات الصاعدة الكبيرة قد تكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي، وتشتمل المخاطر التي تهدد آفاق المستقبل على الضغوط المالية الناجمة عن دورة تضييق الائتمان التي سيُقدِم عليها مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي واشتداد التوترات الجيوسياسية. فيما أشار أيهان كوسي مدير مجموعة الآفاق الاقتصادية للتنمية التابعة للبنك الدولي، إلى أن تعافي معدلات النمو في الأسواق المُتقدمة سيُعوض جزئيا فقط عن مخاطر استمرار الضعف في بلدان الأسواق الصاعدة الرئيسية، وفضلا عن ذلك، فإن خطر حدوث فوضى اقتصادية في ظل ظروف جديدة تتسم بارتفاع تكاليف الاقتراض ما زال ماثلا. ومن المُتوقَّع أن يواصل معدل النمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ تراجعه إلى 6.3 في المائة في عام 2016 من مستوى أقل قليلا من المتوقع قدره 6.4 في المائة في 2015. وتشير التوقعات إلى أن النمو في الصين سيشهد بعض التراجع ليصل إلى 6.7 في المائة في 2016 من 6.9 في المائة في 2015، وبلغ معدل النمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ باستثناء الصين 4.6 في المائة في 2015 دونما تغيُّر بوجه عام عن مستواه في 2014. وعوَّض ضعف النمو في البلدان المُصدِّرة للسلع الأولية، ومنها إندونيسيا وماليزيا، تسارع وتيرة النمو في فييتنام وتعاف معتدل في تايلاند، وتشتمل المخاطر على إمكانية تباطؤ النمو عما هو متوقع في الصين، واحتمال تجدُّد اضطراب الأسواق المالية، وتشديد مفاجئ للظروف المالية. ومن المُتوقَّع أن يزداد معدل النمو في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى إلى 3 في المائة في 2016 من 2.1 في المائة في العام المنصرم في ظل تباطؤ وتيرة انخفاض أسعار النفط أو استقرارها، وتحسُّن الظروف الاقتصادية في الاتحاد الروسي، وانتعاش أوكرانيا. وتشير التوقعات إلى أن نشاط الاقتصاد الروسي سينكمش 0.7 في المائة في 2016 بعد انكماش 3.8 في المائة في 2015، وقد يشهد النمو تعافيا طفيفا في الجزء الشرقي من المنطقة، الذي يشتمل على شرق أوروبا، وجنوب القوقاز، وآسيا الوسطى، إذا استقرت أسعار السلع الأولية، أمَّا الجزء الغربي من المنطقة الذي يشمل بلغاريا ورومانيا وتركيا وغرب البلقان فقد ينمو نموا متواضعا في العام الجاري بفضل انتعاش النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو. ويتوقع أن تسجل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تعافيا طفيفا من حالة الكساد في 2016، مع استقرار مستوى النشاط الاقتصادي بعد انكماش نسبته 0.9 في المائة في 2015، حيث تسعى المنطقة جاهدة لمواجهة آثار هبوط طال أمده لأسعار السلع الأولية والتحديات المحلية على أكبر اقتصادات المنطقة. غير أن هناك اختلافات بين المناطق الفرعية، حيث سيعوض اشتداد النمو في البلدان النامية في أمريكا الوسطى والشمالية والبحر الكاريبي ضعف النمو في أمريكا الجنوبية، فيما يتوقع استمرار حالة الكساد الحالي في البرازيل، ولكن من المتوقع أن تعود إلى نمو إيجابي في 2017. وعلى الرغم من الآثار السلبية لهبوط أسعار النفط وما يتصل بها من ضغوط على المالية العامة، إلا أنه من المتوقع أن ينتعش النمو في المكسيك بفضل عوائد تنفيذ إصلاحات هيكلية وتعزيز الطلب من السوق الأمريكية. من جهة أخرى، يتوقع تسارع معدل النمو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 5.1 في المائة في 2016 من 2.5 في المائة في 2015، وتشير التوقعات إلى أن النمو سينتعش في البلدان المُصدِّرة للنفط، بناء على افتراض أن أسعار النفط ستستقر. لكن المنطقة عرضة لمخاطر شديدة جراء احتمال تصاعد الصراعات، واستمرار تراجع أسعار الخام، وتعثر تحسين الظروف المعيشية. وعلى مستوى جنوب آسيا توقع التقرير أن تكون المنطقة نقطة مشرقة في الآفاق المستقبلية للاقتصادات الصاعدة والنامية، إذ من المحتمل أن يرتفع معدل النمو إلى 7.3 في المائة في 2016 من 7 في المائة في 2015، وبما أن المنطقة مستوردة صافية للنفط فسوف تستفيد من تراجع أسعار الطاقة العالمية. وبسبب تكاملها المحدود نسبيا مع الاقتصاد العالمي تُحمى منطقة جنوب آسيا من التقلبات في النمو للاقتصادات الأخرى، وفي السنة المالية 2017-2016، من المتوقع أن تسجل الهند – وهي الاقتصاد الرئيس في المنطقة - نموا أسرع نسبته 7.8 في المائة، وقد تتسارع وتيرة النمو في باكستان على أساس تكلفة عوامل الإنتاج إلى 4.5 في المائة. وتوقع تقرير البنك الدولي تزايد معدل النمو في إفريقيا جنوب الصحراء إلى 4.2 في المائة في 2016 من 3.4 في المائة في 2015 مع استقرار أسعار السلع الأولية. ويتفاوت النشاط الاقتصادي بين أجزاء إفريقيا جنوب الصحراء، مع استمرار ضعف نمو الاستهلاك في البلدان المُصدِّرة للنفط بسبب ارتفاع تكاليف الوقود، أمَّا في البلدان المستوردة للنفط فسيساعد انخفاض التضخم على تعزيز إنفاق المستهلكين. وتشهد نيجيريا نموا نسبته 4.6 في المائة بعد أن سجلت معدل نمو قدره 3.3 في المائة العام الماضي، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في جنوب إفريقيا بخطى متواضعة إلى 1.4 في المائة من 1.3 في المائة في 2015.

مشاركة :