بيروت - (أ ف ب): تمكن مودعان أحدهما نائبة في البرلمان اللبناني من تحصيل جزء من ودائعهما من مصرفين قرب بيروت امس، غداة سلسلة اقتحامات قام بها مودعون للمطالبة بأموالهم في بلد يرزح تحت أزمة اقتصادية خانقة. ودخلت قبل ظهر الثلاثاء النائبة سينتيا زرازير، أحد النواب الذين وصلوا إلى البرلمان من خضم التظاهرات المعارضة للسلطة التقليدية، إلى مصرف في منطقة انطلياس، شمال بيروت برفقة محاميين ينتميان إلى مجموعة تعنى بحقوق المودعين وتواكب تحرّكاتهم. وتفاوضت زرازير مع إدارة المصرف للحصول على مبلغ من وديعتها، تحتاج اليه من أجل عملية جراحية، لا تغطي شركة التأمين كامل نفقاتها. وفي وقت لاحق، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، بأن زرازير غادرت بعد حصولها على مبلغ 8500 دولار. وكانت زرازير تحاول منذ ثلاثة أيام أخذ موعد من المصرف من دون جدوى. وتفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيوداً مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئاً فشيئاً، حتى بات شبه مستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، وخصوصاً تلك المودعة بالدولار الأمريكي أو تحويلها الى الخارج. وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها. وشهدت قاعات الانتظار في المصارف منذ بدء الأزمة المالية إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين تعليمات إداراتهم. في ضاحية بيروت الجنوبية، دخل المتقاعد من قوى الأمن الداخلي حسين شكر مصرفاً للمطالبة بأمواله المقسّمة بين وديعتين، الأولى بقيمة 48 ألف دولار والثانية بقيمة 270 مليون ليرة لبنانية، وهي عبارة عن تعويض ناله بعد 34 عاماً في الخدمة. وقال شكر لفرانس برس بغضب من داخل المصرف «يعطونني خمسة ملايين ليرة شهرياً، ماذا يمكن أن أفعل بهم؟ هل يكفون لدفع اشتراك الكهرباء» في إشارة إلى فاتورة المولدات الخاصة التي تغطي ساعات انقطاع الكهرباء طوال اليوم وتطلب من الزبائن الدفع بالدولار أو وفق سعر صرف السوق السوداء. وأضاف «لن أغادر من هنا، يوم أو يومين أو ثلاثة أو حتى شهر، أنا صاحب حق». وبعد ساعات، خرج شكر من المصرف وحصل بعد تفاوض مع إدارته على كامل وديعته بالليرة اللبنانية وثلاثة آلاف دولار. وقال لصحفيين أثناء خروجه «من له حق يجب أن يأخذه ولو بعد حين»، مضيفاً «إنه تعبي وشقى حياتي.. من له وديعة فليذهب إلى المصرف بطريقة سلمية ويأخذها». وتظاهر العشرات الثلاثاء أمام المصرف المركزي في بيروت، للمطالبة باسترداد أموالهم العالقة لدى المصارف. وقال حسام مشموشي (42 عاماً) لفرانس برس «نحن هنا لنطالب بحقوقنا، ننتظر منذ ثلاث سنوات من دون أن يقدموا لنا حلاً». وأضاف «نحن لا نتسوّل، نريد أموالنا فقط». والثلاثاء، اقتحم مودعون ثلاثة مصارف للمطالبة بودائعهم. واعتصم مودع آخر يشغل منصب القنصل الفخري لإيرلندا في لبنان سلمياً لساعات داخل مصرف قرب بيروت. وشهد الشهر الماضي سبعة حوادث مماثلة دفعت المصارف إلى إغلاق فروعها لأسبوع قبل أن تعيد فتح أبوابها جزئياً وسط إجراءات أمنية مشددة. وتستعين المصارف اليوم بمجموعات خاصة لحراسة فروعها إضافة الى قوى الأمن. وبات غالبيتها يستقبل الزبائن بناء على مواعيد مسبقة. وتُعتبر الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019 الأسوأ في تاريخه، وبات أكثر من ثمانين في المئة من سكان لبنان تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المائة.
مشاركة :