إمام وخطيب المسجد الحرام: الحدود لم تشرع للتشفي, وإنما شرعت للمحافظة على مصالح المجتمع

  • 1/8/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

صراحة فيصل القحطاني : أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم المسلمين بتقوى الله في السر والعلن وفي الخلوة والجلوة فهي وصيته للأولين والآخرين. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: إن الله جل وعلا قد من على بني آدم بنعمة الحواس العظيمة العقل والسمع والبصر قال تعالى ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُم لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ), إنها نعمة يتقلب بها معظم بني آدم غير أن الكثير منهم لا يضعها في موضعها التي خلقها الله له فلم تكن له سبيل تفكر ولا وعي ولا هداية بل ضلوا بها وربما أضلوا وضيعوا لذة استعمالها فيما يرضي الله في الدنيا وما يفوزون به من العاقبة في الآخرة قال تعالى ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَان لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) وأضاف فضيلته إن قوما لم تدلهم تلك الحواس إلى الخير لفي خسار مبين وبوار فإن من أهم ما تستثمر به تلكم الحواس تكامل خصلة الوعي لدى صاحبها وسلامة إدراكه ودقته في الناي بها عن المؤثرات المغيبة للمنطق والحقيقة, مؤكداً أن من أحسن الوعي أحسن الحذر واستطاع أن يقرأ ما بين سطور الأحداث والمدلهمات فإن الوعي والحذر أمران زائدان على مجرد السمع والابصار فما كل من يبصر يعي ويحذر ما يبصره ولا كل من يسمع قال تعالى ( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ). وأوضح فضيلته أن الأمة تعيش هذه الآونة أحداثا مدلهمة ونوازل تتكاثر حثيثة وتليها أخرى حبلى بما لا يدري ما الله كاتب فيها, وأن الأفراد إذا وفقوا في وعيهم وفقوا في حذرهم ومن ثم يكون المجتمع بعمومه مجتمعا واعيا يدرك قيمة الاجتماع والوحدة حين تدلهم الخطوب فيطرح كثيرا من خلافات التنوع جانبا وربما اجل الحديث عن اختلاف التضاد لكون الخطر الداهم أكبر ودفعه أولى فتلك هي الأمة الواعية وذلكم هو المجتمع الناجح الذي يميز الخبيث من الطيب والعدو من الصديق لذلك أوصى الله المؤمنين بقوله ( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم). وقال الشيخ الشريم : إن وعي الأمة وحذرها كفيلان بتوفيق الله لجعلها أمة قوية ذات شوكة ومنعة أمام أعدائها وخصومها الذين يتربصون بها الدوائر فتعلم حينئذ متى تحلم ومتى تحزم متى تنأى ومتى تعزم, مشيراً إلى أن في الحزم هيبة وفي العزم قوة ونجاحا بعد توفيق الله فإن الله جل وعلا أوصى الأمة المسلمة بتحصيل وسائل القوة حتى لا تكون نهبا للطامعين ولا هدفا للمتربصين فقال سبحانه تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) لتشمل كل مقومات القوة اقتصادية كانت أو سياسية أو علمية أو اجتماعية أو عسكرية. وأكد أن قوة الدولة هي القدرة على التأثير بحيث تكون حال وعيها وحذرها بسبب هذه القوة من أهم دعامات تأثيرها واثبات وجودها فتستعمل مصادر قوتها لتكون رسما متناسقا تستطيع من خلاله أن تحدد موقفها وقت السلم كيف يكون وكيف يكون وقت الشدائد . وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن المجتمع المسلم إذا جعل للوعي حظوة وكان من أولوياته فلن يخفق بأمر الله في الأزمات إذ يعرف متى يرفع بصره حينئذ ومتى يرخيه ويعرف مصلحة دفع الأخطار قبل وقوعها وأنها أعلى وأولى من رفعها بعد وقوعها, لافتا إلى أن المجتمع المسلم الواعي هو من يوفق في ألا يترك له عدو من داخله ليكون ثاني العدوين نعم انه يكون عدوا داخليا بأنانية وآثرته يكون عدوا داخليا بالنزاع والاختلاف والفرقة حتى كأنه رسول للعدو الخارجي والمقرر شرعا أن كل ذلكم يتقي وجوبا حال ظهور العدو الخارجي وتكشيره عن أنيابه لذلك قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون). وقال إمام وخطيب المسجد الحرام : اعلموا أن هذه الأرض المباركة محسودة مقصودة تحدق إليها أبصار الطامعين في خيراتها واستقرارها وعرصاتها المقدسة في الحرمين الشريفين فينظرون إليها نظرة غيرة وشزر ملؤهما الأطماع الاقتصادية والسياسة و الجغرافية التي يراد من خلالها تطويق المنطقة برمتها و الاستحواذ على خيراتها ومقوماتها ومقدساتها والاستئثار بما وهبت به بلاد الحرمين الشريفين من رعايتهما والتشرف بهما فلم يهدأ للطامعين بال ولم تغمض للحاسدين عين فاخذوا يثيرون الزعزعة والتدخل فيما لا يعني حتى أنهم ليجادلون في حماية الأنفس وهم جزاروها ويتلاعبون بالدماء المعصومة ثم هم يتورعون عن قتل الذباب في الحرم لقد قابلوا الإحسان بالإساءة والحلم بالجهل والأناة وطول النفس بالحماقة . وأكد فضيلته أن بلاد الحرمين حرسها الله ناهضة بحزمها وعزمها قوية بقوة الله وتوفيقه ثم بقوة ولاتها وعلمائها وشعبها, ملتزمة بثوابتها معتزة بهويتها ولن يضيرها بحفظ الله صرخات التهويش والتشويش التي تنطلق حتى يرجع صدى الصراخ مبحوحا وهو حسير والله خير حافظا و هو أرحم الراحمين. وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد البارئ الثبيتي : إن الشريعة الإسلامية مبنية على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد, والشريعة هي عدل ومصالح وحكمة , فهي عدل الله بين عباده ورحمته وظله في أرضه وهي العصمة للناس, لأن الحياة الإنسانية لا تصلح إلا بنظام ترجع إليه وتشريع يحكم أمرها, مؤكداً أن تمسك الأمة بشريعتها يغنيها عن الخوض مع الجادلين والتأثر بالمنازعين الذين يصدون عن ممسك الهدى. وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة أن المسلم يمضي واثقاً من منهجه ومستقيماً على نهجه قال الله تعالى ( لكل أمة جعلنا منسكاًهم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك على هدىً مستقيم وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ). وأكد بأن من أوثق مقاصد الشريعة هو تحصيل المنافع وتعطيل المضار وعمارة الأرض على أساس العدل والأمن والسلام وحماية بناء المجتمع وعقيدته . وقال فضيلته: إن من سماة سماحة الشريعة الإسلامية اتصافها بالإحسان في كل أحكامها وحدودها قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ) وقال عليه أفضل الصلاة والسلام ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ), ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) مردفاً أنه بالشريعة أصلح الله حالنا واستقام أمرنا ووهبنا بعد الخوف أمناً وأغدق علينا خيرات الأرض قال تعالى ( أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم ), منوهاً أن تطبيق الشريعة وتنفيذ الحدود للوطن أمنه وللعباد استقرارهم وطمأنينتهم وفي الأطراف يتخطف من حولنا بحروب تأكل الأخضر واليابس وقتل وتدمير . وأضاف أن تطبيق شرع الله يحقق الحياة الكريمة مما يؤدي إلى انتشار الفضيلة ويعم الرخاء وتسود العزة والمنعة وهي الحارس على مقدرات الأمة من عبث العابثين وأن تطبيق الحدود إعلاء للشريعة وتمكين للأمة وقوة ونصرة, مشيراً إلى أن سيادة الشريعة وتطبيق أحكامها حماية للأمة من الفوضى والهلاك وفساد المجتمعات وذلك بالأخذ على أيدي السفهاء والمفسدين الذين يتنكبون الطريق ويرتكبون الجرائم فالنبي صلى الله عليه وسلم شبه المجتمع بالسفينة في البحر ولكي تصل السفينة إلى بر الأمان وجب منع المفسدين كون الشريعة ألجمت الجريمة قبل وقوعها بالحكمة والموعظة الحسنة وبناء الوازع الديني .

مشاركة :