في المكان الذي تنمو فيه «الثقافة» يتحول الإنسان

  • 1/9/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

برنامج التحول الوطني هو مشروع استراتيجي وطموح، ومن الطبيعي أن تكون " الثقافة " هي المحرك الأساسي له، ذلك أن التحول في حياة الأمم والشعوب يتطلب تغييراً في الرؤية والمسارات والعمل على خلق أرضية فكرية جديدة قادرة على التناغم مع مشاريع التحول. والحقيقة التي يجب أن نؤمن بها جميعاً أن للثقافة سحراً على الإنسان في ولادته من جديد وتنميته ثم دفعه لأن يتحول إلى كائن قادر على الارتقاء بمجتمعه، فلم يحدث أن ارتقت مجتمعات، وتقدمت "دول" دون أن يكون للثقافة بشتى أنواعها وتعدد أشكالها دور المحرك الأساسي لمساراتها، فبهذه الثقافة تنفتح الطرق وتتسع الآفاق وبها – أيضاً – يتحول الإنسان فيكون هناك تحول وطني بحجم تحول الفرد وبمدى قدرته على التفكير، والتحليل، الاستنتاج، ثم التحليق من أجل الابداع. إن للثقافة قدرة هائلة على تحويل فكرة التطوير في شتى القطاعات، فهي لا تنفصل أبداً عن مجالات التنمية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.. فحينما يكون هناك إيمان بالثقافة فذلك يعني أن تنتشر وتعم فيصاب بها شرائح مختلفة من طبقات المجتمع، ومتى ما كان الشعب مثقفاً كان ذلك دلالة أكيدة بأن تنمية كبرى وطنية ستقودنا إلى الطريق الواسع والمضيء. وهنا نتساءل: كيف يمكن أن تكون الثقافة محركاً رئيسياً ورافداً اساسياً لبرنامج التحول الوطني؟ وماهي الآليات القادرة على تحقيق هذه الرؤية التي ستكون الرؤية الثقافية المتمكنة من جميع مفاصل وبرامج ومشاريع التحول والتي تعتبر هي الرهان الحقيقي في بناء التنمية والإنسان ؟ وكيف يمكن أن تتعاضد الرؤية السياسية مع الخطاب الثقافي الفاعل والمؤثر في دفع عجلة التحول والتغيير؟ الثقافة رمز يقول د. معجب العدواني – الناقد – بأننا نؤمن أن مشروع التحول الوطني الذي تتبناه القيادة استراتيجي وخلاق، فهو يعبر عن طموح دائب وتطلع نحو صناعة المستقبل السعودي، ونتطلع أن تكون ثقافتنا رمزاً يليق ببلادنا، وأفقاً يصبو إليه الآخرين، إذ أخشى أن تبقى الثقافة بمعزل عن التطوير، بينما تتسارع إيقاعاته في قطاعات الوطن الأخرى التي تتنافس لصناعة الرقي في مختلف ميادينها ويأتي هذا التخوف نتيجة موقع دور الثقافة، إذ إن لها الدور الفاعل في قيادة هذا السباق المنتظر، ولذلك كان علاجها أولى والاهتمام بها أنجع. وذكر بأن ذلك لن يتحقق إلا ببث الروح في المؤسسات الثقافية وإعادة هيكلتها بما يتوافق مع العصر، ويتناسب مع تطلعات المواطن والمثقف على حد سواء، فإن بناء مؤسسات مجتمع مدني استهلالاً بدوائر الثقافة ومجالسها، وتوزيع الدعم المادي بصورة موحدة، سيضيف كثيراً من الازدهار لتلك الدوائر، وسيصنع مزيداً من الانجاز لها، إذ لا تزال تجربة الهياكل الثقافية الحالية غير كافية للنهوض بها، وتقديم الثقافة السعودية بالصورة الملائمة. قاعدة البناء وقال أحمد عائل فقيهي – شاعر وكاتب – "الثقافة تمثل مسألة ضرورية ومهمة في بناء الأمم والمجتمعات، وهذا لن يتأتى إلا بوجود رؤية كبيرة لدى النخبة المثقفة والمتعلمة بوصفها نخبة قادرة على التغير، التغير إلى ما هو أفضل وأجمل، وإلى ما يعزز بناء المجتمع، ذلك المجتمع الحضاري القائم على التعددية الفكرية، والاجتماعية، وجعل الثقافة هي أساس من خلال صياغة أجيال طالعة قادرة على التغير، وقادرة على التعبير عن نفسها بشكل صحيح، ولذلك فإن الثقافة هي الرهان الحقيقي في التغير نحو ما هو ما أجمل وأفضل، ذلك أن الثقافة هي القاعدة الأساسية في بناء المجتمعات والأمم عبر عقول خلاقة ومبدعة قادرة على التغير، ومعبرة نحو بناء مجتمع جديد مختلف. الاستثمار الإنساني يقول محمد الحرز – الناقد والشاعر – بأن أي مشروع ناجح خصوصاً في نجاحات أي سياسة في الدول تبدأ أو تنطلق أساساً من الاستثمار في الإنسان، فأي إنسان له قدرات وله طاقات يجب أن تكون ضمن استراتيجية تطرحها الدولة بالاستفادة من هذه الطاقات بأي المجالات كانت سواء كانت أدبية أو ثقافية أو رياضية، إذا الانسان في المحصلة هو نتاج لما تحاول الدولة أن تستثمر فيه من مشاريع مختلفة، كما حدث في أوروبا والتي في فترة من الفترات كان شعار الدولة يقوم على أن بوجود الانسان ورفاهية تستطيع أن تقطع مراحل من التطور والنمو وهذا ما حدث في أوروبا، لذلك فإن الاستفادة الكبرى من هذه التجارب يجب أن تبدأ من هنا. والسؤال الذي يجب أن نطرحه.. لماذا لا يكون هناك مشروع تنموي في عملية تطوير التعليم؟ والنظر إلى التعليم بنظرة استراتيجية مختلفة أي تغير جميع مسارات التعليم اعتماداً على الانسان وثقافته وجميع جوانب التعليم ومدى انفتاحها على الثقافات الأخرى، فنحن نرى حالياً أن هناك التقاء ثقافياً معتمداً على مجموعة من القيم ربما لا تتيح للإنسان الالتقاء مع العالم ومع أبنائهم وهذا هو المأزق الحقيقي الذي نمر فيه. وأشار - الحرز - إلى أن الثقافة ليست في معزل عن الجوانب الاقتصادية والسياسية فالمسألة بها الكثير من التكامل ولكن هناك حقيقة مؤلمة، من يتعامل مع الثقافة من الطبقة السياسيين يتعامل معها كأنها هي الطابور الخامس وهذه الذهنية هي ذهنية العالم الثالث، ولكن حالياً نستطيع بأن نقول أنها بدأت تتغير فدولة مصر تعتمد ميزانيتها على السياحة كثيراً، وأن الجانب الثقافي يدعم كثيراً من المؤسسات الموجودة، بسبب أن هناك كوادر حقيقية قادرة أن تنمي الطبقة المتوسطة التي تستطيع أن تأخذ الثقافة إلى جميع الأمور. في المملكة - للأسف - لا يوجد دعم حقيقي ثقافي مبني على وعي لطبقة متوسطة باستطاعتها أن تؤثر في الرأي العام وتعطي جانب من ثقافة مضيئة، فهناك نخب فقط وليس طبقة متوسطة ولذلك أثرها على المجتمع وعلى مؤسسات الدولة لابد أن يكون مؤثر وبشكل كبير. فرجل الأعمال والاقتصادي هو المؤثر كطبقة متوسطة ولكن حينما نريد أن نعثر على المثقف الذي باستطاعته أن يؤثر الجمهور للتأثير في قرار ما أو تغير رأي ما فهذا مفقود، فيجب أن يكون للثقافة دور ولكن أن يكون ذلك نابع من الدولة وبدعمها وبإيمان منها وإرادة منها عدا ذلك فإنه يستحيل أن يكون هناك مشاريع تنويرية. الإنتاج الثقافي قال د. أبوبكر باقادر: إن الثقافة ليست قاصرة على الأدب والإبداع سواء فنون تشكيلية أو روايات أو شعر وإنما بوصفها مضامين ورؤى تعكس ما تجري في الحياة المعاشة في ذلك المجتمع، ولذلك فإن الاتصاف بين الواقع وبين الطرائق التي ينتج بها الثقافة أو اشكالها المتعددة سواء كانت الجمالية أو غير ذلك، فهو أمر محسوس وملموس فالثقافة خاصة حينما ننظر إليها من بعيد فهي ترصد ما كان عليه الواقع في مجتمع ما، بمعنى أن الانتاج الثقافي والاستهلاك الثقافي مؤشران للأوضاع والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ونظرة المجتمع لنفسه والتفاعل مع ما حولهم من جماعات، فإذا ما ركزت السياسات على تهيئة الظروف من أجل أن يكون المبدع أكثر التصاقاً بالواقع فإن هذا سيعطي للمجتمع بعداً يجعل لحياته معيشة معنا وتصوراً من ناحية ويؤرخ لهذا المجتمع بحيث في فترات لاحقة يمكن الحديث عما كان عليه المجتمع من نشاطات وآراء تنورية. وقال مفصلا: "أن أهم الوسائل والآليات القادرة على تحقيق هذه الرؤية التي ستسهم في تكون الرؤية الثقافية المتمكنة من جميع البرامج والمشاريع المتعلقة بالتحول الوطني إما أن تكون وسائل تقليدية أو وسائل حديثة، والتقليدية كإقامة الدورات والمعارض والتجمعات التي تجمع بين أصحاب الإبداعات والفكر والعاملين في الانتاج الثقافي وتقديم أعمالهم بحيث تصل إلى أوسع شرائح للمجتمع للتفاعل معها، أما الوسائل الحديثة فاهتمام الدولة وتوجيها وإعطائها هذه المنصات أولوية ودعم فإنها ستوسع من هذا النشاط وتؤكد على أهدافها ومهامها.

مشاركة :