سلالة موديانو بالعربية

  • 1/9/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصدر مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتاب "سلالة: رواية في السيرة الذاتية" للكاتب الفرنسيّ الفائز بجائزة نوبل للآداب سنة 2014 باتريك موديانو، ونقلته إلى العربية الشاعرة اللبنانية دانيال صالح، وقد صدر ضمن سلسلة الأدب الفرنسيّ التي يشرف عليها ويراجع ترجماتها الشاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم بباريس كاظم جهاد. استلهم باتريك موديانو حياته وحياة القريبين منه في العديد من الروايات الموجزة والنافذة. روايات كتبها عاملاً بمبدأ صاغه في محاورة إعلامية كالتّالي "لا تنفع السيرة الذاتية في الأدب ما لم تقم المخيّلة بتهوئتها". في هذا الكتاب، الصّادر سنة 2005، قام بنوع من التنازل فوضع هذه السّيرة الذاتية في شكل رواية. ولكن عند نشر الكتاب خابت انتظارات البعض من قرّائه، حيث تفادى الوقوع في فخّ الاستجابة للمعايير السائدة في ما يُدعى كتابة الذّات. لقد وضع سيرة ذاتيّة قد تكون أوجز سيرة عرفها تاريخ الأدب وأكثفها؛ يعود إلى سيرة والديه الضائعين في مهبّ سنوات الحرب، وإلى مجتمع ما بعد الحرب الذي يقول إنّه كان يقابل إبان هذه الفترة، “في الشوارع والمحطّات وسائر الأماكن، أناسا بلا وزن، مريبين أحيانا”، “لن نعرف أبدا مصائرهم، هذا في حال ما إذا كان لديهم مصائر”. وفي تناقض مؤثّر مع هذا البحر المتلاطم من البشر المُراوحين في أماكنهم، عاجزين عن الحركة وعن ابتكار مساراتهم الخاصّة، يطبع موديانو كتابه بتسارع عجيب. في عبارة أساسيّة تتوسّط هذا العمل كتب موديانو “أكتب هذه الصفحات كمن يحرّر محضراً أو سيرة شخصيّة، بصفة توثيقيّة، ربّما للانتهاء من حياة لم تكن تخصّني”. عبارة كاشفة عن فنّه أو شعريّته، عامدا المراهنة على الاقتضاب، وعلى تكثيف المادّة السّرديّة. يؤْثر الإخبار اللمّاح، ويُراكم تدوينات سريعة متلاحقة، فينشأ من تجمّعها مشهد كبير، وترتسم إطلالة عريضة على حقبة بكاملها. كتابة شذريّة أو كاليدوسكوبيّة، عمل من أجلها على إيصال العبارة المقتضبة، التي عُرف بها كتّاب سابقون، من أمثال روجيه نيمييه وريمون كونو، إلى أقصى إمكاناتها. وفي الآن ذاته مدّها بعاطفة معروفة بتكتّمها، وبموسيقى خاصّة لا يخطئ في تمييزها قارئ خبير. هي كتابة مَحاضر أو تقارير على ما يقول، مع شيء من العطف والحنوّ على كائنات الحقبة تلك، المدموغة بهشاشتها، كائنات بلا أهميّة، إلّا في ما ندر، ضائعة في أغلبيتها العظمى، قد طوتها اليوم يد النسيان، لكنّها بمرورها السريع وأفعالها المتوالية أو عجزها عن الفعل تشكّل تربة عالمه الخاصّ.

مشاركة :