القدس - أعلن رئيس هيئة الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا الثلاثاء قرب التوصل إلى اتفاق "تاريخي" لحل الخلاف المستمر منذ فترة طويلة بشأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بعدما لبى اتفاق أعدته الولايات المتحدة "جميع مطالب" إسرائيل. وقال حولاتا في بيان باللغة العربية بشأن سير مفاوضات ترسيم خط الحدود البحرية مع لبنان "تمت تلبية جميع مطالبنا والتعديلات التي طلبناها قد قبلت. حافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية. نحن في الطريق إلى اتفاق تاريخي". وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد إن لبنان وإسرائيل توصلا لاتفاق تاريخي بخصوص ترسيم الحدود البحرية. وأعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان اليوم الثلاثاء إن "الصيغة النهائية لعرض اتفاق ترسيم الحدود البحرية مرضية للبنان وتلبي مطالبه وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية". وأعلن لبنان بأنه "حصل على كامل حقوقه" في المقترح الذي تمّت صياغته بوساطة أميركية لترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل، وفق ما جاء على لسان نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب. وقال أبو صعب المكلّف من رئيس الجمهورية ميشال عون متابعة الملف إن "لبنان حصل على كامل حقوقه وأُخذت جميع ملاحظاته بعين الاعتبار"، ما يعزز الآمال بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق يسهّل عمليات التنقيب عن الموارد في المنطقة الحدودية الغنية بالغاز. جاء في مؤتمر صحفي عقده في قصر بعبدا بالعاصمة بيروت بعد تسليمه الرئيس ميشال عون الصيغة التي تسلمها من الوسيط الأميركي اموس هوكستين بملف ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين. وقال بوصعب المكلف بملف الترسيم، إن لبنان "حصل على كافة حقوقه من اتفاق الترسيم ومهما كانت الصيغة الاتفاق سيؤمن استقرارا اقتصاديا في المنطقة". وأكد أن لبنان "سيحصل على كامل حقوقه من حقل قانا (للغاز) وأن الجانب الاسرائيلي يمكن أن يأخذ تعويضاته من شركة توتال وليس من لبنان"، مشيرا إلى أنه "سبق للبنان أن وقع اتفاقا مع توتال عام 2017". وأوضح أن "الصيغة النهائية لبّت المطالب اللبنانية كلها على عكس ما يُشاع، وملاحظاتنا أًخذت بعين الاعتبار، وتوصّلنا إلى حل يرضي الطرفين واليوم سيشهد تطورات كثيرة (لم يوضحها)". وأعرب المسؤول اللبناني عن الأمل بأن "يختم الرئيس عون عهده بالوصول إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية كما بدأ عهده بإصدار مراسيم النفط". وأشار إلى أن الرئيس عون "سيجري الاستشارات اللاّزمة للبحث بالصيغة النهائية للاتفاق". وقال وليد فياض ، وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، إن شركة توتال إنرجيز الفرنسية ستبدأ عملية التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية فور وضع اللمسات النهائية على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. جاءت تصريحات فياض بعد اجتماع مع وفد رفيع من توتال إنرجيز في بيروت. ويأتي هذا التطور بعدما كان لبنان وإسرائيل قد أبديا ملاحظات على مسودة اتفاق سابقة أرسلها هوكستين إلى الجانبين مطلع أكتوبر/ تشرين أول الجاري. وبحسب خبراء وسياسيين لبنانيين، فإن لبنان وضع ملاحظات أبرزها ما يسمى خط "الطفافات" الذي تتمسك به إسرائيل ويرفضه لبنان لانطلاق ترسيم الحدود، إضافة إلى مطالبة إسرائيل لبنان بدفع تعويضات بحصتها من حقل قانا الذي يقع جزء صغير منه في المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية، الأمر الذي يرفضه لبنان. وكانت الرئاسة اللبنانية أعلنت حينها أن ملاحظات بيروت على مسودة الاتفاق تضمن حقوقها في التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي. بالمقابل، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الملاحظات اللبنانية على مسودة اتفاق الحدود البحرية. وبناء على ملاحظات الجانبين أجرى الوسيط الأمريكي اتصالات مع الأطراف المعنية بالأيام الماضية في محاولة للتوصل الى اتفاق نهائي. بدورها قالت وزيرة الطاقة كارين، وفق ذات المصدر، إن إسرائيل "اتخذت مواقف أكثر تصلبا"، زاعمة أن الجانب اللبناني "تراجع عن بعض مطالبه". وأضافت الهرار: "إسرائيل راضية عن المسودة الأمريكية وجميع مطالبنا تمت تلبيتها". ويتنازع لبنان وإسرائيل على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا، وتتوسط واشنطن في مفاوضات غير مباشرة بينهما لتسوية الخلاف وترسيم الحدود. وقال كبير المفاوضين اللبنانيين إلياس بو صعب لرويترز إن لبنان تسلم المسودة النهائية لاتفاق بوساطة أمريكية لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل تفي بجميع متطلبات لبنان ويمكن أن تؤدي قريبا إلى "اتفاق تاريخي". وانخرط الوسيط الأمريكي هوكشتاين، في جهود دبلوماسية مكوكية لأشهر بين الدولتين، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية المشتركة. تتوسط الولايات المتحدة منذ عامين بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى ترسيم حدودهما البحرية وإزالة العقبات أمام التنقيب عن النفط والغاز. عمليا، يعتبر البلدان في حالة حرب، واستمرت آخر حرب خاضتها إسرائيل ضد حزب الله في العام 2006، 34 يوما. وكان البلدان قد أعربا عن ارتياحهما في مطلع تشرين الأول/أكتوبر لمسودة نص الوسيط الأمريكي آموس هوكستين التي تم تسريبها إلى الصحافة وتنص على خضوع حقل كاريش بالكامل للسيطرة الإسرائيلية في مقابل منح حقل قانا للبنان، علما أن قسما منه يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين مياه البلدين. بدأت شركة "إينيرجيان" للطاقة ومقرها لندن الأحد إجراء اختبار للأنابيب بين الأراضي الإسرائيلية وحقل كاريش البحري للغاز في شرق البحر المتوسط. وقالت الشركة الأحد إنه "بعد الحصول على موافقة من وزارة الطاقة الإسرائيلية لبدء إجراء اختبارات معينة، بدأ تدفق الغاز من الشاطئ" إلى منصة تفريغ تخزين الإنتاج العائم في كاريش. وعلى الرغم من النطاق المحدود للاتفاق، فإن من شأنه أن يخفف من المخاوف الأمنية والاقتصادية في كلا البلدين، وهما خصمان يجمعهما تاريخ طويل من الصراع. وسيحل الاتفاق نزاعا إقليميا في شرق البحر المتوسط في منطقة يهدف لبنان إلى التنقيب فيها عن الغاز الطبيعي، وبالقرب من مياه عثرت فيها إسرائيل على كميات صالحة للاستخدام التجاري. وهدد حزب الله اللبناني باستخدام القوة ضد إسرائيل إذا شرعت في استكشاف الغاز بالقرب من المنطقة المتنازع عليها قبل أن يُسمح للبنان بأن يفعل ذلك في مناطقه البحرية. ورفضت إسرائيل الأسبوع الماضي تعديلات أجراها لبنان في اللحظة الأخيرة على مسودة الاتفاق مما ألقى بظلال من الشك على جهود دبلوماسية امتدت لسنوات. وكان مسؤولون من كلا البلدين على اتصال وثيق عبر الوسيط الأمريكي خلال الأيام الماضية في محاولة لحل الخلافات القائمة. وقال الرئيس اللبناني إن الاتفاق لا يعني وجود أي "شراكة" مع إسرائيل، وهي دولة لا يعترف بها لبنان ويعتبرها عدوا من الناحية الرسمية. وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي "نتفادى حربا أكيدة في المنطقة".
مشاركة :