أكد أهالي أطفال تعرضوا لحوادث دراجات ترفيهية أثناء قيادتها لهم في مناطق سياحية في المنطقة الوسطى، أن غياب إجراءات الأمن والسلامة من قبل الجهات المعنية، السبب الرئيس لوقوع هذه الحوادث، مضيفين أن محال تأجير الدراجات لا تطبق المعايير الواجب اتباعها لضمان سلامة الأطفال والحفاظ على حياتهم عند قيادتهم الدراجات المؤجرة. وفاة ثلاثة أطفال في الوسطى خلال عامين توفي ثلاثة أطفال وأصيب ثلاثة آخرون بإصابات بليغة، في حوادث تدهور دراجات ترفيهية أثناء قيادتهم لها في المناطق السياحية بالوسطى، التابعة لإمارة الشارقة، خلال العامين الماضي والجاري، بحسب سجلات قسم الطوارئ في مستشفى الذيد، التي أشارت إلى حالتي وفاة، حالة في منطقة البداير وأخرى بمنطقة البطائح، لطفل في الــ12 من عمره قبل عام. في المقابل، أكدت القيادة العامة لشرطة الشارقة أنها تنفذ عبر مبادرة شتاؤنا آمن، حملات تفتيشية على المركبات والدراجات الترفيهية في المناطق السياحية، للتأكد من تطبيقها معايير الأمن، في حين أكد أصحاب محال تأجير الدراجات، أن عملية التأجير تخضع لشروط عدة، أهمها تخصيص منطقة مسوّرة للعب بالدراجات. فيما أشار طبيب قسم الطوارئ في مستشفى الذيد، الدكتور سامر سعيد سليمان، إلى أن الأطفال أكثر عرضة للوفاة من البالغين في حوادث تدهور الدراجات، كما أن جمجمة الطفل رقيقة وقابلة للكسر بشكل أكبر. من جانبهم، قال أخصائيون اجتماعيون إن الأسر هي من يدفع بأطفالها لارتكاب الحوادث، حين تسمح لهم بقيادة الدراجات من أجل التفاخر بهم أمام الآخرين. وتفصيلاً، قال المواطن (أبوسالم)، أحد مرتادي منطقة البداير السياحية، ووالد أحد الأطفال الذين توفوا في حادث تدهور دراجة ترفيهية قبل عام، إن غياب تطبيق الإجراءات القانونية في المناطق السياحية هو السبب الرئيس للحوادث التي يتعرض لها الأطفال. وشدد على ضرورة فرض رقابة مستمرة على محال تأجير الدراجات، التي تؤجر الدراجات الترفيهية للأطفال دون مراعاة صغر أعمارهم، من أجل تحقيق هدفها في الربح المادي. ولم يعفِ الأهل من المسؤولية، فهم من يسمح لأطفالهم بقيادة الدراجات الترفيهية حين يصطحبونهم في رحلاتهم البرية. وطالب الجهات المعنية بتوفير نقطة للشرطة في كل منطقة سياحية حيوية تشهد إقبالاً كبيراً من السياح خلال أشهر الشتاء، لضمان التأكد من ترخيص الدراجات التي تتم قيادتها والاستعراض بها في هذه المناطق، ومنع الأطفال لمن هم دون الــ13 عاماً من قيادة الدراجات الترفيهية، كونها تشكل خطراً على حياتهم. وناشدت المواطنة عزة عبدالله الهاشمي، الجهات المعنية إلزام محال تأجير الدراجات بتوفير مسعفين فيها، للتعامل مع الإصابات الطارئة التي يتعرض لها الأطفال في حوادث الدراجات الترفيهية، مشيرة إلى أن تأخر الإسعافات الأولية كانت السبب في تضاعف حالة طفل لأحد أقربائها، أصيب أثناء قيادته الدراجة الترفيهية في رحلة برية. فيما أكدت القيادة العامة لشرطة الشارقة أنها بدأت قبل ثلاثة أعوام بتطبيق مبادرة شتاؤنا آمن، التي يتم من خلالها تنفيذ حملات تفتيشية على المركبات والدراجات الترفيهية في المناطق السياحية، للتأكد من تطبيقها معايير الأمن، ومنع القيادة بتهور وسرعة زائدة في هذه المناطق، خصوصاً عطلة نهاية الأسبوع والعطل الرسمية. وأوضحت أن الرقابة الذاتية في حوادث الدراجات الترفيهية تقع على الوالدين، كونهما المعنيين بالرقابة على أطفالهما، لمنعهم من قيادة الدراجة وحدهم، خصوصاً أن أماكن التخييم تقع في المناطق البرية الداخلية. من جانبه، قال رئيس قسم الطوارئ في مستشفى الذيد، الدكتور سامر سعيد سليمان، إنه في حال تدهور الدراجة التي يقودها الطفل، فإنه يتعرض غالباً للسقوط على الرأس، الذي ينتج عنه كسر في تجويف الجمجمة، ما يؤدي إلى نزيف في الدماغ، أو قد تسبب قوة السقوط تمزق الكبد أو الطحال أو كدمات في الرئة، وتالياً النزيف في أعضاء البطن، موضحاً أن معظم هذه الإصابات ينتج عنها وفاة الطفل المصاب. وأشار إلى أنه في معظم الحالات التي يتم فيها إيقاف نزيف الدماغ عند الأطفال مصابي الحوادث، لا يعود الطفل إلى وضعه السابق، إذ تتلف مساحة من الدماغ، ما ينتج عنه شلل في أحد الأطراف أو أكثر، فضلاً عن اضطرابات في التفكير، إلى جانب تأخر في الإدراك والذكاء. ولفت إلى أن جمجمة الطفل تختلف في تكوينها عن البالغين، كونها رقيقة وقابلة للكسر بشكل أكبر، ما يجعله معرضاً للوفاة بنسبة كبيرة، كما أن حجم كبد الطفل يكون كبيراً مقارنة مع جسمه، وتالياً يكون معرضاً للتمزق بشكل مباشر في حال تعرضه للاصطدام القوي. في المقابل، أكد حسن عبدالله، صاحب أحد محال تأجير الدراجات في إحدى المناطق السياحية بالشارقة، التزام ملاك تلك المحال بعدم التأجير لمن هم دون سن الــ18 عاماً، كما يلزمون المستأجر بتسليم رخصة القيادة الخاصة به، لكن هناك أسراً تستأجر الدراجات لأبنائها الصغار، لافتاً إلى أنه تم تخصيص دراجات للكبار، وأخرى للصغار أكثر أماناً، مؤكداً أن محال تأجير الدراجات تخصص مساحات مسوّرة لقيادة الدراجات، يشرف عليها عمال مختصون في هذه المحال، وتكون هذه المساحات آمنة، كونها لا تحوي على حفر أو عراقيل قد تتسبب في حوادث تدهور الدراجات. وأضاف كما تلزم محال تأجير الدراجات الأطفال بارتداء خوذة الحماية على رؤوسهم حفاظاً على حياتهم. وأوضح أن حوادث الدراجات الترفيهية تقع بسبب عدم الالتزام بقواعد السلامة، مثل ارتداء الخوذة الواقية للرأس، وإدراك الشخص قواعد القيادة في الصحراء، مشيراً إلى أن ارتداء الخوذة يقلّص خطر الوفاة والإصابات الخطيرة بنسبة كبيرة، وذلك حسب الحالات التي نرصدها بشكل مستمر في هذه المناطق. وزاد تقع حوادث تدهور الدراجات في المناطق الصحراوية السياحية نتيجة السرعة الزائدة، أو الوقوع في حفرة دون دراية السائق بكيفية تفاديها أو الخروج منها، كذلك يؤدي عدم ترك مسافة كافية في حال وجود مجموعة من الدراجات في مكان واحد، إلى وقوع حوادث تدهور أو تصادم بين الدراجات الترفيهية. وحول السنّ الأنسب لقيادة الدراجة الترفيهية، قال حسن، قيادة الدراجة الترفيهية تكون متاحة للأطفال فوق الــ13 عاماً، إذ توجد دراجات مخصصة تتميز بأحجام تناسب الأطفال في هذا العمر، فضلاً عن توافر وسائل الأمن والسلامة فيها، كما أن وسائل التحكم في قيادتها تكون سهلة وسلسة. إلى ذلك، قالت موجهة الخدمة الاجتماعية في منطقة الشارقة التعليمية هبة الله محمد عبدالرحمن، إن السيطرة على قيادة الدراجات الترفيهية تختلف من طفل لآخر، بحسب مرحلته العمرية، وقدراته الجسمية، مشيرة إلى أن لكل مرحلة عمرية وسائل ترفيه وألعاباً خاصة بها، مشددة أنه ليس كل ما هو مطلوب مجاب للأطفال، وينبغي أن تخضع وسائل الترفيه المخصصة للأطفال لاتفاق بين الوالدين. وأضافت أن على الأهل أن يفكروا بتروٍّ قبل أن يسمحوا لأطفالهم باستخدام أي وسيلة ترفيه، عن مدى ما تحققه من إشباع لرغبات أطفالهم، وما ستضيفه لهم من معارف. وأبانت أن قيادة الدراجات تعتبر من الألعاب (الحركية) التي يرغب الأطفال في ممارستها، من أجل الاكتشاف وتفريغ الطاقات المكبوتة، وفي الوقت ذاته هي مغامرة مجهولة العواقب، مشيرة إلى توافر ألعاب حركية أخرى أكثر أماناً من قيادة الدراجات الترفيهية، وقادرة على إشباع فضول وتساؤلات الأطفال. وأضافت أنه يسمح بعض الآباء لأبنائهم بقيادة الدراجات الترفيهية، كنوع من المباهاة والتفاخر أمام الآخرين، ولإثبات أن طفلهم بطل، ويمتلك قدرات يتفوق بها على أقرانه. وأشارت إلى أن الطفل عند قيادته الدراجة الترفيهية بمفرده، فإن الانفعال يكون مسيطراً عليه، أكثر من إحساسه بالمرح والمتعة، ما ينتج عنه فقدانه السيطرة على مقود الدراجة، وتالياً تدهورها. وقالت إن الأب في حال فقد أحد أطفاله في مثل هذه الحوادث، فإنه يعيش حالة من تأنيب الضمير، ويتضخم لديه (لوم الذات) بدرجة كبيرة، ما قد يدخله في حالات نفسية مختلفة، يكون لها الأثر السلبي على نفسه.
مشاركة :