صوت عمال مصافي النفط الفرنسية المضربون الأربعاء لصالح مواصلة تحركهم الاحتجاجي في تحد للحكومة التي بدأت باستدعاء بعضهم لإرغامهم على العودة إلى العمل في محاولة لاستئناف ضخ الإمدادات. وشل التحرك النقابي المطالب بزيادة الأجور، ستا من سبع مصاف للوقود في فرنسا، ما أدى إلى نقص في البنزين والديزل فاقمه تهافت السائقين على شراء هذه المواد. وبعدما هددت في السابق باستخدام سلطاتها الخاصة بحالات الطوارئ والتي تمكنها من استدعاء العمال الأساسيين وإرغامهم على العودة إلى مواقع عملهم، أعلنت الحكومة الأربعاء أنها ستستخدم تلك السلطات في وقت دخلت الإضرابات أسبوعها الثالث. وسيكون عمال مستودع الوقود في مصفاة غرافانشون-بور-جيروم في شمال غرب فرنسا المملوك من مجموعة إكسون موبيل الأميركية العملاقة، أول من يوجه اليهم الأمر الحكومي، حسبما أفاد مسؤول في وزارة الطاقة وكالة فرانس برس. وأضاف المسؤول أنه “في مواجهة استمرار الإضراب من قبل بعض العاملين في بور جيروم في نورماندي، بدأت الحكومة بتوجيه الأمر للعمال الأساسيين في المستودع بالعودة إلى العمل”. وسيواجه العمال الذين يرفضون تلبية الاستدعاء، دفع غرامة أو حكما بالسجن. وقال الناطق باسم الحكومة اوليفييه فيران في وقت لاحق إن عمال مجموعة “توتال إنيرجيز” في مستودع للمحروقات في فلاندر في شمال فرنسا قرب دانكيرك سيتلقون امر الاستدعاء بعد ذلك. وتواصلت طوابير الانتظار أمام محطات الوقود معرقلة حركة المرور في شوارع باريس ومدن رئيسية أخرى. ومنذ مساء الثلاثاء، باتت 31 بالمئة من المحطات في أنحاء البلاد تفتقر لنوع واحد من الوقود على الأقل، وبلغت النسبة 44 بالمئة في منطقة باريس. قصدت إستر بيريبي، التي تعمل في قطاع الرعاية الصحية في العاصمة، ثلاث محطات وقود منذ السابعة صباحا. وقالت لوكالة فرانس برس “أشعر بالغضب والقلق” مضيفة “أفهم أنهم يريدون رواتب أعلى لكن لا أفهم كيف يشلون بلدا بأكمله”. استياء متزايد وكان الاتحاد العمالي العام (سي جي تي) اليساري الذي يقود الإضرابات، قد أعلن الثلاثاء أن أي استدعاء سيكون “غير ضروري وغير قانوني”، ما أثار احتمالات تقديم طعون قانونية. وتطالب النقابة بزيادة أجور موظفي توتال إنيرجيز بنسبة 10 بالمئة مع مفعول رجعي لكل 2022، وتقول إن الإدارة رفضت الدخول في محادثات. وقال جيرمينال لانسلان، مسؤول الاتحاد العمالي العام في شركة إكسون موبيل في مصفاة غرافانشون-بور-جيروم “من الأسهل توجيه أمر استدعاء لمديرنا التنفيذي وإحضاره إلى طاولة المفاوضات”. وقالت توتال إنيرجيز الأربعاء إنها ستلتقي جميع ممثلي النقابات بعدما شددت في السابق على أنها لن تلتقي إلا مع من يوافقون على إنهاء الإضراب. وقال انطوان لوبيز (50 عاما) وهو يقيم حفلة شواء مع زملاء له خلال تجمع أمام مصفاة فيزين في شرق فرنسا “سنرى ما ستطرحه الإدارة، لكن هذه خطوة أولى”. وقال فرع الاتحاد العمالي العام داخل الشركة إن الإدارة وافقت على التخلي عن مطلبها وضع حد للاضراب في المصفاة قبل بدء مفاوضات حول الأجور لكنها لا تزال تصر على معاودة امدادات المحروقات. وأكد تييري دوفرين ممثل الاتحاد لصحافيين “القرار عائد للعمال وليس نحن لكني أتوقع ألا يوافقوا”. إضراب عام وامتنعت الحكومة لغاية الآن عن تأجيج النزاع، لكن في الأيام القليلة الماضية اضطر مسؤولون الى الإقرار بالاستياء المتزايد والضرر الاقتصادي الناجم عن انتظار السائقين لساعات لملء سياراتهم بالوقود. وقال سائق يدعى سنتياغو لوكالة فرانس برس في باريس إن “الوقود مهم جدا بالنسبة الينا. الأسبوع الماضي كان كابوسا”. وقال جيل فيلارد ممثل الاتحاد العمالي العام لشركة إسو في مصفاة فوس-سور-مير في جنوب شرق البلاد إنه حتى إذا صدرت أوامر للموظفين الرئيسيين بالعودة لتشغيل مصافي النفط “سيستغرق الأمر أسبوعين على الأقل” لاستئناف إمدادات الطاقة بالكامل. وتأتي الأزمة في فرنسا على وقع ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والتضخم، وفيما تسببت الأرباح الطائلة التي حققتها توتال إنيرجيز بتصاعد الغضب ودعوات لفرض ضريبة استثنائية على مجموعة الطاقة. وقد تضفي هذه الأزمة زخما اكبر على مسيرة تعتزم أحزاب سياسية يسارية تنظيمها الأحد رفضا لسياسات الرئيس إيمانويل ماكرون والارتفاع الكبير في كلفة المعيشة. وقالت النائبة عن حزب الخضر ساندرين روسو لإذاعة فرانس إنفو الأربعاء “آمل أن تكون هذه شرارة إضراب عام”. وتأتي الأزمة فيما يسعى ماكرون إلى المضي قدما في إصلاح نظام التقاعد الذي يثير جدلا بنهاية الشتاء على الرغم من تحذيرات بعض الحلفاء من مخاطر معارضة واسعة له. وتوعدت النقابات العمالية والأحزاب السياسية اليسارية بالسعي لعرقلة الإصلاح الذي سيرفع سن التقاعد من 62 حاليا إلى 64 أو 65 لغالبية المواطنين.
مشاركة :