دفعت جائحة كورونا شركات السياحة في ألمانيا إلى التوجه صوب الرقمنة. ورغم إحراز الكثير من التقدم في تحول السياحة إلى العصر الرقمي، إلا أن نقص الموظفين يشكل تحديا كبيرا. تنظم العديد من الشركات جولات افتراضية للسائحين بات من المعتاد أن يجري التخطيط للاستعداد لقضاء عطلات أو السفر عبر الإنترنت، بما في ذلك حجز الفنادق، فيما أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مصدرا هاما للحصول على معلومات سياحية والتعرف على أفضل الوجهات. ومع تسارع انتشار منصات التواصل، وجدت شركات السياحة والفنادق نفسها أمام تحدٍ يتمثل في مواكبة عصر الرقمنة والتحول صوب السياحة الرقمية للحفاظ على مكانها على خريطة السياحة. وفي ألمانيا، كان تحول صناعة السياحة إلى عصر الرقمنة بطيئا، إلا أن الشركات لم يكن أمامها بديل سوى الدخول إلى العصر الرقمي إبان جائحة كورونا. كورونا .. نقطة تحول ومثلت الجائحة نقطة تحول في هذا الشأن، خاصة مع فرض قيود على السفر خارج ألمانيا في العاميين الماضيين، ما دفع العديد من الألمان إلى قضاء الإجازات والعطلات داخل البلاد حيث امتلأت الشواطئ وجرى إشغال الفنادق لأسابيع. وفي ظل ذلك، بدأت العديد من الشركات السياحية في ألمانيا في الإعلان والترويج لخدماتها عبر الإنترنت، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم "الرابطة الاتحادية لصناعة السياحة في ألمانيا". وقال في مقابلة مع DW: "أجبرت جائحة كورونا الشركات الصغيرة بشكل خاص على تبني الرقمنة وأقناعها بجدوى ذلك". مع فرض قيود كورونا، عمدت الشركات السياحية إلى التحول صوب الرقمنة وفي هذا السياق، أقدمت الفنادق وسلاسل المطاعم على الابتكار مع تحولها صوب الرقمنة بما يشمل إتاحة جولات افتراضية وإمكانية الحجز عبر الإنترنت بهدف تقليل عمليات الحجز التقليدية. وقد كشف استطلاع أجرته جمعية السياحة الألمانية العام الماضي عن أن 84٪ من الشركات السياحية رأت في جائحة كورونا حافزا للتحول إلى الرقمنة والدخول صوب السياحة الرقمية. ويتيح ذلك للسائحين الراغبين في السفر إلى جزر "أوست فريزيشه إنزلن" (Ostfriesische Inseln) الواقعة في أقصى شمال غرب ألمانيا، استخدام تطبيق لحجز غرف في الفنادق أو حتى حجز أماكن في المطاعم وفي الشواطئ المطلة على بحر الشمال. ولا يتوقف الأمر على الحجز الإلكتروني ، بل يمتد ذلك إلى إتاحة جولات افتراضية لأشهر الوجهات السياحية فضلا عن الحصول على خصومات وأفضل العروض. ورغم احراز قطاع السياحة في ألمانيا الكثير من التقدم، إلا أن هذا القطاع لا يواكب عصر الرقمنة في بعض المجالات، لا سيما المدفوعات الإلكترونية، فرغم أنها تعد مقبولة بشكل كبير في الدنمارك وبولندا وليتوانيا، إلا أن العديد من الشركات الألمانية مازالت تعمل عن طريق الدفع نقدا. وفي مناطق الريف الألماني، قد يعاني السائحون من بطء خدمات الإنترنت وعدم توافر شبكات "واي فاي" عامة. خطى متسارعة ومنذ الجائحة، بدأت العديد من الشركات العاملة في قطاع السياحة في ألمانيا في الترويج لخدماتها عبر الإنترنت، بل وضخ استثمارات في التحول إلى السياحة الرقمية، بما يشمل استخدام منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية في التسويق بل وتدشين جولات افتراضية للسائحين. فعلى سبيل المثال، عمدت شركات سياحية وتسويقية في كبرى المدن الألمانية مثل ميونيخ وبامبرغ في ولاية بافاريا، وفولفنبوتل في ساكسونيا السفلى، إلى تقديم جولات افتراضية لجذب المزيد من السائحين. وفي هذا الصدد، استحدثت مدينة إيسن بغرب ألمانيا نظارات الواقع الافتراضي، التي تدمج بين الواقعية والافتراضية، حيث تتعقب موقع من يرتديها عبر نظام تحديد المواقع العالمي، المعروف اختصارا بـ "جي بي إس"، مما يسمح برؤية إيسن كما كانت في أواخر القرن التاسع عشر. وانضمت شركات أخرى إلى هذا الركب، إذ تقدم شركات سياحية جولات تاريخية مماثلة في مدن ألمانية أخرى مثل كولونيا حيث يمكن رؤية المدينة كما كان حالها في العقود الماضية بفضل نظارات الواقع الافتراضي. الرقمنة في خدمة مكافحة كورونا وساعدت الرقمنة في تسهيل السفر والتجول في أنحاء ألمانيا وأيضا في تطبيق الالتزام بقيود كورونا لتفادي الازدحام في المناطق التي تجذب السائحين، لا سيما الشواطئ والمتاحف والوجهات والمنتجعات السياحية. تتيح نظارات الواقع الافتراض لزوار مدينة إيسن رؤيتها كما كانت في القرن الـ19، وتحديدا في عام 1887. فخلال شهور الصيف خلال العاميين الماضيين ومع تدفق المصطافين الألمان إلى ساحل بحر الشمال، شعرت السلطات في حينه بالقلق، حيال كيفية تطبيق قيود كورونا، وعلى رأسها قواعد التباعد الاجتماعي لمنع انتشار المرض. وعلى وقع ذلك، قامت السلطات الألمانية بالاستعانة بوكالة تسويق لتطوير نظام إشارات مروري افتراضي يشير إلى عدد المصطافين على الشواطئ في أي وقت، إذ تعمل مستشعرات الليزر على تسجيل المصطافين وحتى السيارات في أماكن الانتظار. وتعرض المعلومات على شاشات عرض وتتوافر أيضا عبر الأنترنت إذ يمكن للأفراد قبل خروجهم من المنازل معرفة الشواطئ الأقل ازدحاما. تحديات ورغم هذا التقدم، قالت جمعية الفنادق والمطاعم في ألمانيا إن بعض الشركات لا تزال تواجه صعوبة في التحول إلى الرقمنة، بما فيها صعوبة دمج التقنيات الرقمية في خدماتها الحالية. وعزت جمعية السياحة الألمانية هذا الأمر إلى سببين، الأول يتعلق بنقص الأموال، أما الثاني فيعود إلى نقص العمالة حيث تفتقر الشركات إلى موظفين يمتلكون خبرات كبيرة في مجال الرقمنة لتسريع التحول إلى السياحة الرقمية. ورغم ذلك، فإن الخبراء يقولون إنه رغم أن الرقمنة تشكل أهمية في قطاع السياحة، إلا أن عناصر حسن الضيافة وتقديم خدمات جديدة والترحاب بالسائحين ما زالت ذات أهمية كبيرة في تعزيز قطاع السفر والسياحة. صوفي ديسيموند / م ع
مشاركة :