الرياض - يثير قرار أوبك+ الأسبوع الماضي خفض إنتاج النفط مزيدا من التداعيات على العلاقات الأميركية السعودية خاصة بعد ان عبر الجانب الأميركي عن انزعاجه من الخطوة التي وصفتها السعودية بأنها " اقتصادية بحتة". ورفضت المملكة العربية السعودية التصريحات التي انتقدتها بعد قرار أوبك+، ووصفت تلك المواقف بأنها تصريحات "لا تستند إلى الحقائق". وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان الخميس إن قرار أوبك+ جاء بالإجماع، ويأخذ في الاعتبار توازن العرض والطلب ويهدف إلى كبح تقلبات السوق، كما يخدم مصالح المستهلكين والمنتجين. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد قال في وقت سابق هذا الأسبوع إنه ستكون هناك تداعيات على علاقات الولايات المتحدة مع السعودية بعد إعلان مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط في الأسبوع الماضي خفض هدف الإنتاج بواقع مليوني برميل يوميا. ويرى مراقبون ان بايدن سيعمل على اتخاذ قرارات صارمة ضد الرياض لكن من المستبعد ان يتخذ مثل هذه المواقف قبل الانتخابات النصفية المقررة في الشهر القادم. وتعتقد الادارة الاميركية ان تحالف السعودية مع روسيا في اوبك + هو تحالف سياسي وليس فقط تحالف نفطي خاصة وان العالم بدا يشهد صراعا بعد الاجتياح الروسي لاوكرانيا في شباط/فبراير الماضي بين محورين الاول تقوده الولايات المتحدة ومن ورائها قوى غربية والثاني بقيادة روسيا والصين. وأعلنت أوبك+ التي تضم منظمة أوبك وحلفاء من بينهم روسيا عن خطط خفض إنتاج الخام بعد أسابيع من الضغط من قبل مسؤولين أميركيين ضد مثل هذا القرار. وتاتي الاتهامات الأميركية للسعودية بينما ترفض موسكو محاولات غربية لوضع سقف لسعر النفط الروسي بسبب غزوها أوكرانيا. ونقل بيان وزارة الخارجية السعودية عن مصدر مسؤول في الوزارة تأكيده على "الإطار الاقتصادي البحت" لقرار خفض إنتاج النفط. وتحدث البيان أيضا عن مشاورات مع الولايات المتحدة، طُلب خلالها تأجيل التخفيضات شهرا. وأثارت خطوة أوبك+ مخاوف في واشنطن بشأن احتمال ارتفاع أسعار البنزين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر تشرين الثاني، والتي يدافع فيها الديمقراطيون عن سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ. وقال بيان وزارة الخارجية السعودية "أوضحت حكومة المملكة من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأميركية أن جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر، حسب ما تم اقتراحه، سيكون له تبعات اقتصادية سلبية". وأكدت السعودية أيضا أنها "تنظر لعلاقتها مع الولايات المتحدة من منظور استراتيجي يخدم المصالح المشتركة للبلدين" وشددت على أهمية "الاحترام المتبادل وتعزيز المصالح المشتركة، والإسهام الفعال في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي". ويرى مراقبون ان الولايات المتحدة ستعمل على الضغط على الجانب الاميركي من خلال ملف اليمن وتجميد مبيعات الأسلحة. وكان السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، طالب الإدارة الأميركية بأن تجمّد على الفور جميع أوجه التعاون مع السعودية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة. ويعتقد ان واشنطن ستلجأ في إطار جهودها للضغط لى الرياض الى تحريك قانون نوبك الذي سعى “لمنع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط” وحماية المستهلكين والشركات الأميركية من ارتفاع أسعار الطاقة او قانون جاستا بالتعويل على قضية التعويضات الخاصة بأسر ضحايا 11 سبتمبر/ايلول وتحميل الصعودية التبعات القانونية. ويرى مراقبون ان الضغوط التي يمكن ان تمارسها واشنطن لن تؤدي الى اغلاق الباب لعودة العلاقات الطبيعية خاصة وان السلطات الاميركية تعي حجم الخسائر التي ستتكبدها شركاتها في حال وصلت تلك القرارات الى مستوى اللاعودة. بدورها تسعى الرياض للحفاظ على العلاقات التاريخية مع واشنطن رغم ما تشوبها من توترات حالية حيث افاد وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان في حوار لقناة العربية "إن التعاون العسكري بين الرياض وواشنطن ساهم في استقرار المنطقة". واوضح أن "العلاقة مع واشنطن قديمة وإستراتيجية، وقدمت فوائد كبرى للبلدين، والتعاون بينهما يخدم المصلحة المشتركة." ويبدو ان الرياض لا تريد خسارة الدعم الأميركي والغربي في مواجهة التهديدات الإيرانية المتصاعدة في المنطقة.
مشاركة :