نحو موسوعة شاملة لدول الخليج العربية

  • 10/12/2022
  • 20:35
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في عصرنا المتسارع الراكض اليوم، الذي لا يتوقف كي يعمق الوعي الاجتماعي والثقافي، يبحث المعنيون دائما عن مصدر ذي ثقة في تقديم المعلومة، وتقديم البيانات النوعية المنهجية، بحيث يصبح هذا المصدر وعاء حاملا لمحتوى صحيح ومؤكد، ولعل الموسوعات التي تصدرها المكتبات ودور النشر ومراكز البحث العلمي تنطوي على هذه القيم. ومن هنا تلجأ دول العالم إلى إصدار الموسوعات في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية تيسيرا على المهتمين والباحثين في الوصولِ إلى معلومة يقينية موثقة.وتتمثل قيمة الموسوعة في أنها تحتوي على جملة من المعارف التي تتجلى في العلوم والآداب والفنون والتاريخ والجغرافيا والتراث والتقاليد والشخصيات، فهي دائرة معارف يتوخى الباحثون والمهتمون الوصول إليها والوقوف على ما تكتنزه من ثقافات متنوعة.كما أن قيمة الموسوعة تشكل -إلى حد بعيد- وعي القارئ بما تقدمه له من ثقافة منهجية مصاغة بوعي أكاديمي بحثي.وفي حالة الموسوعة الخليجية الشاملة التي نحن بحاجة لإنجازها تتسع الأهمية بمقدار ما تنطوي عليه من معارف، وما تقدمه للقراء من معلومات مجموعة في مصنف واحد، وهذه المعلومات هي معلومات موثوقة وموثقة، بحيث تصبح الموسوعة مصدرا رئيسا للتعرف على الحياة الخليجية بوجه عام وما تضمه من مكونات متنوعة ومتصلة ببعضها البعض قيميما واجتماعيا ودينيا وثقافيا وحضاريا.إن القيمة المثلى لهذه الموسوعة -التي نتأمل أن يتم تفعيلها على درجة عليا من الدقة والإحكام المنهجي المتميز- تبرز أهميتها في أنها ستقدم الصورة الصحيحة لدول الخليج العربي، وتقطع هذا التكرار الذي قد نراه في الإعلام الراهن الذي يكرر صورة ذهنية سلبية عن المنطقة، كما أن القراء في أنحاء العالم يلجؤون دائما إلى الموسوعات للتزود بالمعرفة، وسيبرز مشروع الموسوعة كواحد من المشاريع التأليفية النوعية التي ربما تصبح المصدر الأول للتعرف العلمي على واقع الحياة في دول الخليج العربية، خاصة مع إصدارها بلغة أو لغتين عالميتين أو أكثر.إن دول الخليج العربي هي محط أنظار العالم اليوم، لا بسبب وجود المصدر الأول للطاقة العالمية «النفط_ الغاز» ولكن بسبب نهضتها الاقتصادية والاستثمارية الكبيرة التي تجاوزت المنطقة ولها أثرها العالمي اليوم، فضلا على النهضة العمرانية، وكذلك ما تتضمنه هذه الدول من تراث إنساني وتاريخ يعاد اكتشافه بشكل متواتر له إسهاماته في الحضارة الإنسانية.وتستهدف «الموسوعة الشاملة لدول الخليج العربي» جمع مختلف المعارف والثقافات الموجودة بدول الخليج العربي، وبيان عناصرها ومكوناتها ومحتوياتها، على غرار إحدى الموسوعات المهمة التي أصدرتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهي «موسوعة المملكة العربية السعودية الشاملة» التي صدرت في 20 مجلدا، وأصبحت بما فيها من معلومات قيمة مصدرا عربيا وعالميا مهما للتعرف على مكونات المملكة، والتي أصدرت أيضا منها المكتبة بعد ذلك موسوعة خاصة بالأطفال والناشئة.إن الموسوعة التي اقترحها هنا سوف تجمع جملة من الموضوعات والمضامين التي يمكن أن تقسم إلى فصول وأبواب أو مجلدات مستقلة بكل موضوع بحيث تيسر على القارئ الوجهة البحثية التي سيتجه إليها عند بحثه عن معلومة معينة، وتتمثل هذه الموضوعات والمضامين في الخصائص الجغرافية لبلدان الخليج العربي، والتطور التاريخي عبر العصور التاريخية، والآثار والمواقع الأثرية والتراثية، والأنماط الاجتماعية، والعادات والتقاليد، والحركة الثقافية بمختلف عناصرها ومجالاتها كالتعليم والمكتبات، والنشر والصحافة والأدباء والكتاب، كما يمكن أن تتضمن الموسوعة الخدمات والمرافق التنموية، التعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والاتصالات، والاقتصاد والثروات الطبيعية، كالزراعة والتجارة والصناعة، وكذلك الحياة الفطرية والبيئية، والسياحة والتنزه، والفنون والرياضة وغيرها من الموضوعات المهمة التي تتضمنها دول الخليج العربي.وتكمن أهمية إنجاز هذا العمل في إصدار عمل موسوعي مطبوع موحد لدول الخليج العربية، ويمكن ترجمته لعدة لغات، وإصدار نسخ الكترونية ورقمية منه، والتعريف العلمي بثقافات وتاريخ دول الخليج العربية، وإبراز الوحدة العربية الخليجية على مستوى هذا العمل الموسوعي الشامل، وتفعيل العمل الثقافي الخليجي المشترك.إنني – كما أتصور – ستكون هذه الموسوعة علامة ثقافية بارزة في الألفية الثالثة، خاصة أن العالم المتسارع اليوم لا ينتظر أن يبحث أو يتعمق من أجل الوصول لمعلومة معينة، لكنه يأخذ ويقتبس من الجاهز الذي يصدره الإعلام الراكض من دون وعي أو تدقيق، وستكون الموسوعة هي الكتاب الجامع المانع الذي يعدل الصورة الذهنية عن دول الخليج العربي ويقدم الصورة الصحيحة بعمل منهجي مصور وموثق وله مراجعه الثقافية والتاريخية الصائبة.[email protected]

مشاركة :