في محاولة لصد الانتقادات عليه بين المستوطنين وخوفاً من تأثير سلبي للأحداث الفلسطينية على نتائج الانتخابات القريبة، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، (الخميس)، أن جيشه زج بنصف قوته في الضفة الغربية. ووضع هدفاً «استراتيجياً» لهذه القوات بتصفية مجموعة «عرين الأسود» التي تنفّذ سلسلة عمليات جريئة ضد جنود الاحتلال. وحسب تقرير لـ«سي إن إن»، يبلغ عدد أفراد الجيش الإسرائيلي 635 ألف جندي بينهم 170 ألف جندي فاعل و465 ألف جندي في قوات الاحتياط. واعترف غانتس بأن قوام مجموعة «عرين الأسود» هو 30 عنصراً شاباً فقط. ووعد بالقضاء عليها قريباً. وقال: «نوجد في فترة متوترة، وأحياناً هي مؤلمة أيضاً. ولكن أنشطتنا العسكرية تعمل بأحجام ضخمة. 50 في المائة، وحتى أكثر من ذلك، من قوات الأمن الحالية في الجيش الإسرائيلي تعمل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). ونحن ببساطة نوجد في أي مكان وأي زمان نعتقد أنه من الصواب الوجود فيه، وهكذا سنستمر». وجاءت أقوال غانتس في ختام مداولات لتقييم الوضع في القدس والضفة الغربية، حيث تصاعدت المواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال، منذ عملية إطلاق النار عند حاجز الاحتلال في مدخل مخيم شعفاط، مساء السبت الماضي. وأشار غانتس إلى أن «نابلس، وبخاصة البلدة القديمة، ومنطقة جنين هما أكبر التحديات التي تواجه قواته. ولذلك عززنا القوات والجهود الاستخباراتية والهجومية والدفاعية حول نابلس». وتطرق إلى تنظيم «عرين الأسود» المحلي في نابلس، قائلاً: «سنصل إليهم في نهاية المطاف. وهذه مجموعة من قرابة 30 شخصاً، وعلينا أن نعرف استهدافهم وسنستهدفهم. وهذه المجموعة ستصل إلى نهايتها بطريقة كهذه أو تلك وآمل في أقرب وقت ممكن». المعروف أن مجموعة من الشباب الفلسطيني من مختلف التنظيمات المسلحة اختارت طريق الوحدة وأطلقت على نفسها اسم «عرين الأسود». ومع أن غالبية نشطائها ينتمون إلى كتائب «شهداء الأقصى» التابعة لحركة «فتح»، فإنها في منشوراتها واجتماعاتها تمجّد القادة التاريخيين الشهداء من كل الفصائل، بدءاً بالرئيس المؤسس ياسر عرفات، إلى مؤسس «حماس» الشيخ أحمد ياسين وقائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى، وقائد «الجهاد الإسلامي» فتحي الشقاقي، وغيرهم من قادة النضال الفلسطيني. ويؤكدون أنهم يرفضون الانقسام ويجسدون الوحدة على الأرض. وقد ردت المجموعة على تهديدات غانتس ومحاصري نابلس بتحذير قوات الاحتلال قائلة: «نحن نتابع تحركات جنود الاحتلال ونقاطهم وتوزيع جنودهم، سواء على الطرق الالتفافية أو على الحواجز. ونحذّرهم بأنهم سيخسرون أرواحهم، إذا ما تحدّوا المقاومة ودخلوا مدينة نابلس. إنهم يحكمون على أنفسهم بالإعدام». وقالت مجموعة «عرين الأسود» في بيان لها إنها لا تتبع لأي فصيل وإنها أدارت ظهرها لجميع الخلافات وحددت بوصلتها منذ اليوم الأول. وتثير هذه المجموعة نقاشات في الساحة الإسرائيلية تدل على الصدمة من نوعية نشاطاتها ورسائلها وجرأة عملياتها العسكرية، التي استهدفت بها معسكرات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومعابره وحواجزه والمستوطنات، ومركبات وحافلات المستوطنين، وعندما دخلت امرأة يهودية مع ابنتها إلى مدينة نابلس، امتنعوا عن المساس بهما وسلموهما إلى القوات الفلسطينية، التي أعادتهما إلى إسرائيل. وكانت هذه المجموعة موضوعاً مركزياً في المداولات التي جرت (الخميس)، في مكتب رئيس الوزراء يائير لبيد، و(الأربعاء) في مكتب غانتس، وشارك فيها كل من رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك رونين بار، والمفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي، ومسؤولون أمنيون آخرون. فأكدوا أنها مجموعة غير معروفة بشكل جيد ولكنها شبابية تستخدم الشبكات الاجتماعية بشكل غير مسبوق. وتقرر استكمال الدراسات حولها، جنباً إلى جنب مع عملية تصفيتها. ورداً على المطلب الذي يطرحه المستوطنون وقوى اليمين المتطرف باجتياح جميع مدن الضفة الغربية «لاقتلاع تنظيمات الإرهاب من جذورها كما حصل في اجتياح 2002»، قال غانتس: «ثمة حاجة إلى تشديد الجهود الهجومية والدفاعية، وكذلك الجهود الإعلامية تجاه السكان الفلسطينيين وعمليات منع التحريض على الإرهاب في الشبكات الاجتماعية. وثمة أهمية لجهوزية صحيحة في جميع نقاط الاحتكاك. فإذا دعت الحاجة، فإن الجيش الإسرائيلي سيوسع عملياته». وأضاف غانتس: «يحظر علينا أن نخطئ باستنتاجات من الماضي، تماماً مثل أن اليوم الأول لحرب يوم الغفران (العام 1973) لم يكن اليوم السابع من حرب الأيام الستة (عام 1967) وإنما هي حرب جديدة، وهكذا أيضاً نحن نوجد في واقع جديد ميدانياً. فنحن نستنفد القدرات الاستخباراتية والقدرات الأخرى إثر الوضع الحاصل، ونُجري تقييمات للوضع طوال الوقت، ونستخدم وسائل كثيرة، وأقول من هنا والآن إنه كلما دعت الحاجة، فإننا سنوسعها أيضاً. وسيوجهنا تقييمنا للوضع وليست مشاعر عفوية أخرى». بدوره، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد، إنه رغم التصعيد الأمني، فإن حكومته اهتمت «باستمرار مجرى حياة عادي» للإسرائيليين والمستوطنين، وأنه «جرت احتفالات الحاخامات في حائط المبكى، وكان هناك صعود إلى جبل الهيكل (اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى)، وجرت مسيرات المستوطنين. ونحن منتشرون، والجيش والشاباك وقوات الأمن تبذل جهوداً». وأضاف لبيد: «نحارب الإرهاب منذ قيام الدولة وسنستمر بمحاربته، ومن أجل ذلك يوجد الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود والشرطة». وقال إن العمليات العسكرية هي «من الأكبر التي شهدتها خلال 11 عاماً التي شاركت فيها باجتماعات الكابينيت ولجنة الخارجية والأمن والحكومات».
مشاركة :