قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي -في خطبة الجمعة-: الرسل عليهم الصلاة والسلام أولهم وآخرهم أول دعوتهم إلى عبادة الله وحده، ونبذ الشرك بالله تعالى، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن معاذ بن جبل قال: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله"، وما فرض الله علينا من العبادات وما نهانا عنه من المحرمات هو بعض حقوق الله علينا لأن حق الله تعالى على العباد أن يذكر فلا ينسى وأن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر، وأن يحب أعظم من حب النفس والمال والأهل والولد، وأن يقدم حبه على حب كل شيء، وأن يتذلل له العبد ويخضع تمام الذل والخضوع، فالرب هو المستحق للعبادات لذاته لما اتصف به من صفات الجلال والكمال والعظمة والكبرياء والرحمة والقدر على كل شيء. وأضاف: أيها الناس هلموا إلى النجاة، أقبلوا إلى الفلاح، اسلكوا الصراط المستقيم الذي ينتظم مصالح الحياة الدنيا، ويرفع سالكه في الآخرة جنات النعيم، تعالوا أيها الناس إلى سعادتكم الأبدية، أجيبوا ربكم إلى ما خلقتم له، افتحوا قلوبكم لنداء الله سبحانه، قال تعالى: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وأنتم تعلمون"، ففي هذه الآية العظيمة في أول سورة بعد الفاتحة يأمر الله تعالى بعبادته إحسانا من ربنا وكرما ورحمة وإعدادا للإنسان وإمدادا له ليرقى في درجات الكمال البشري في الدنيا بإصلاحها بسنن الله المرضية التي أرشد إليها عباده الصالحين، وليترقى الإنسان في درجات العبادة ليبلغ ما قدر له من الكمال بهذه العبادة وليصلح الإنسان في نفسه بعبادة ربه التي اشتملت على جميع الأعمال الصالحات وحفظت العبد من الخبائث والشرور والمهلكات، وضمنت له نعيم الآخرة في الجنات، فقد تكفل الله لمن قام بعبادته بالنجاة في الآخرة من العذاب الأليم في الدركات، وعبادة الله هي الغاية والحكمة من الخلق. قال الله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". وقال: عباد الله اعملوا الصالحات وأحسنوا الظن بالله فالفائز عبد الله وأحسن العمل وظن بربه خيرا، قال الله تعالى: "إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم"، وقال الله تعالى -في الحديث القدسي المتفق عليه-: "أنا عند ظن عبدي" والخاسر من أساء العمل، وتمنى على الله الأماني، التي لم يقدم لها الصالحات، قال الله تعالى : "يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا، فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور"، فأحسنوا العبادة وثقوا بالله الجواد الكريم.
مشاركة :