عدن، اليمن 14 أكتوبر 2022 (شينخوا) بصوت مخنوق، تحدث اليمني محمود عبد العزيز الفقيه عن تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة طفله يزن الذي توفي بعد حقنه بدواء مهرب في أحد المستشفيات بالعاصمة صنعاء. وقال الفقيه، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه وصل قبل أسابيع إلى صنعاء قادما من مقر إقامته في منطقة "المشنة" بمحافظة إب وسط البلاد، بحثا عن جرعة دواء لابنه يزن (8 سنوات) تخفف آلامه التي يعاني منها بسبب مرض سرطان الدم. وبحسب الفقيه، فقد تلقي ابنه صباح يوم الثاني من أكتوبر الجاري مع عدد من الأطفال جرعة دواء مجانية تم حقنها تحت الجلد في المستشفى الواقع في شارع "العدل" وسط صنعاء قبل أن يغادر مع ولده إلى الفندق القريب من المستشفى. وتابع قائلا: "عند المساء اشتكى يزن من صداع شديد وأعدته للمستشفى وكان يتشنج من شدة الألم فتم إعطاؤه مهدئات لمرات عديدة". وأضاف "في اليوم التالي زادت حالة يزن سوءا، وأخبرني أحد الأطباء بأن الحقنة التي تلقاها ابني وعدد من الأطفال كانت فاسدة، ونصحني بنقله إلى العناية المركزة في مستشفى خاص بالمدينة". ووفقا للفقيه، فإن ابنه يزن ظل في العناية المركزة بالمستشفى الخاص لستة أيام، وخلال هذه الفترة كانت تأتيه روشتات كثيرة لأدوية، بعضها غالية الثمن ولا يستطيع شراءها وبعضها غير موجود في الصيدليات. وتحدث الرجل المكلوم، وهو عامل في مجال النجارة قائلا إن "يزن ابنى الأكبر وفرحتي الأولى.. فارق الحياة متأثرا بمضاعفات الحقنة الفاسدة". وبحسرة كبيرة، قال الفقيه، والذي تبقى له طفل يبلغ من العمر سنة ونصف، "ذهبت للبحث عن دواء لإنقاذ يزن لكني عدت به جثة هامدة". وأعلنت السلطات الصحية التابعة لجماعة الحوثي يوم أمس (الخميس) وفاة 10 أطفال نتيجة تلقيهم دواء مهربا في أحد المستشفيات بصنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة. وقالت وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء (غير معترف بها)، في بيان اطلعت وكالة ((شينخوا)) على نسخة منه، إنها تعلن بألم شديد وفاة 10 أطفال من المصابين بأورام الدم، كانوا من بين 19 طفلا من مرضى أورام الدم الذين "عانوا من مضاعفات عدم توفر الأدوية المعيارية وفق مواصفات وزارة الصحة". وذكرت الوزارة أنها تلقت بلاغا من وحدة أورام الدم في مستشفى بصنعاء بحدوث مضاعفات بين عدد من حالات سرطان الدم (اللوكيميا)، مشيرة إلى أنه تم بصورة فورية تقديم الرعاية الطبية اللازمة والشاملة وتشكيل لجنة للتحقيق والاستجابة من الجهات المعنية. وقالت الوزارة إن تقرير اللجنة أكد "أن 19 من الأطفال المصابين بسرطان الدم تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و15 سنة، تعرضوا لمضاعفات إثر تلقيهم دواء تم تهريبه إلى صيدلية خاصة". وبحسب الوزارة، فإن طفلا لا يزال في حالة حرجة، وهناك 8 من الأطفال يعانون من "مضاعفات خفيفة"، وتم نقلهم إلى العناية المركزة في عدد من مستشفيات صنعاء. وأشار بيان وزارة الصحة بصنعاء إلى أنه تم إحالة ملف القضية إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة. وقال رئيس نقابة ملاك الصيدليات في اليمن الدكتور محمد علي النزيلي، لـ ((شينخوا))، إن حادثة وفاة الأطفال "بحاجة إلى تحقيق رسمي شفاف مستندا على أدلة علمية موثوقة لتلافي تكرار مثل ذلك مستقبلا". وأضاف النزيلي، وهو أيضا عضو الاتحاد الدولي للصيادلة (FIP)، أن "الأدوية أصلا هي سموم لو تم استخدامها بشكل خاطئ، ونحن في اليمن نواجه مشاكل مُركبة نتيجة تفشي الأدوية المهربة والمزورة والمقلدة". وأشار إلى أن المشكلة تفاقمت في اليمن خلال السنوات الأخيرة نتيجة الحرب الدائرة في البلاد وخروج كثير من الشركات الأصلية من السوق. وحمل النزيلي "الجهات الرسمية الرقابية على الجانب الصحي (شمالا وجنوبا) مسؤولية ضعف الرقابة المرتبط بفحص وتحليل الأدوية الواصلة الى البلاد". وشدد النزيلي على "ضرورة الرقابة وقيام الهيئات الرسمية بواجبها في الرقابة المخبرية أولا، وتوفير الأدوية الناقصة من خلال شرائها واستيرادها عبر تلك الهيئات أو تجار من خلال مناقصات على أن يتم فحصها كاستيراد مواز كما هو الحال عالميا". ويعاني اليمن من نزاع دموي منذ 8 سنوات بين القوات الحكومية والحوثيين، وتسبب هذا النزاع في انهيار الوضع الصحي وكافة القطاعات الحيوية في البلاد. وتعلن السلطات الأمنية في مناطق سيطرة الحكومة وكذلك في مناطق سيطرة الحوثيين بين الحين والآخر عن ضبط كميات من الأدوية المهربة في الحواجز الأمنية وتقوم بعد ذلك بعملية إتلاف لهذه الأدوية. ووفقا لتقارير إعلامية محلية، فإن هناك أكثر من 400 صنف من الأدوية المهربة والمزورة والمقلدة يتم تداولها في الأسواق المحلية باليمن. وبحسب تلك التقارير، فإن حجم الأدوية المهربة إلى اليمن تقدر نسبتها بنحو 60 % من حجم الأدوية المعروضة في السوق. وفي الأسبوع الماضي، طلبت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، من وزارة الصحة ومن الهيئة العليا للأدوية، سحب أصناف أدوية أطفال ملوثة من السوق اليمنية. وأوضح بيان للجمعية (غير حكومية)، أن منظمة الصحة العالمية حذرت في الخامس من أكتوبر الجاري من أربعة منتجات طبية لا تستوفي معايير الجودة أو المواصفات المطلوبة. وبناء على تحذير الصحة العالمية، فقد طالبت الجمعية اليمنية من وزارة الصحة العامة والسكان، والهيئة العليا للأدوية سحب هذه المنتجات من السوق اليمنية حفاظا على صحة وسلامة الأطفال وعموم المستهلكين.
مشاركة :