الصدر يرفض المشاركة في حكومة السوداني وعينه على تحريك الشارع

  • 10/15/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - عبر التيار الصدري صراحة عن رفضه المشاركة في الحكومة المقبلة في العراق وهو موقف متوقع لكن مراقبين يؤكدون أن الصدريين سيستغلون ورقة التحشيد في الشارع لمعارضة النخبة الحاكمة المدعومة من الاطار التنسيقي. وأعلن التيار الصدري على لسان المقرب من زعيم التيار مقتدى الصدر محمد صالح العراقي، السبت عن رفضه المشاركة في الحكومة وذلك بعد نحو يومين من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة بعد أزمة سياسية طويلة. وبعد عام من الانتخابات التشريعية المبكرة، انتخب البرلمان العراقي الخميس مرشح التسوية عبد اللطيف رشيد (78 عاماً) رئيساً للجمهورية، الذي بدوره كلّف محمد شياع السوداني (52 عاماً)، تشكيل حكومة جديدة للبلاد. ورُشّح السوداني لهذا المنصب من قبل الإطار التنسيقي، الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران. ويسعى الإطار الذي يملك أكبر عدد من النواب في البرلمان إلى تسريع العملية السياسية بعد عام من الشلل والانقسام. لكن التيار الصدري، الذي يملك زعيمه قدرة تعبئة عشرات الآلاف من المناصرين بتغريدة واحدة، أكّد السبت موقفه الرافض لهذا المرشّح والحكومة المقبلة ما يشير الى ان التيار الصدري يفكر في كيفية ادارة الوضع لمواجهة الحكومة المدعومة من الاطار. وتحدّث صالح في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود "مساعٍ لا تخفى لإرضاء التيار وإسكات صوت الوطن"، في إشارة إلى تصريحات إعلامية وخبراء يتحدثون عن إمكانية اقتراح مناصب وزارية على التيار الصدري. وقال صالح "في خضم تشكيل حكومة ائتلافية تبعية مليشياوية مجربة لم ولن تلبّي طموح الشعب ... بعد أن أُفشلت مساعي تشكيل حكومة أغلبية وطنية ... نشدد على رفضنا القاطع والواضح والصريح لاشتراك أي من التابعين لنا ... في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة للفاسدين وسلطتهم". وأضاف "كل من يشترك في وزاراتها معهم ظلماً وعدواناً وعصياناً لأي سبب كان فهو لا يمثلنا على الإطلاق بل نبرأ منه إلى يوم الدين ويعتبر مطروداً فوراً عنّا (آل الصدر)". ويشير هذا الموقف الى نوايا التصعيد من قبل التيار الصدري في مواجهة انصار ايران وما سيؤدي ذلك الى موجة من عدم الاستقرار سيشهدها العراق المتضرر من التدخلات الاجنبية. وأمام المكلّف الجديد 30 يوماً منذ يوم تكليفه لطرح التشكيلة الحكومية الجديدة. وأعرب السوداني في كلمة له الخميس ليلاً عن استعداده "التامَّ للتعاونِ مع جميعِ القوى السياسية والمكونات المجتمعية، سواءٌ المُمثَّلةُ في مجلسِ النوابِ أو الماثلةُ في الفضاءِ الوطني". وكان في صلب الأزمة خلال الأشهر الماضية الخلاف بين المعسكرين الشيعيين الكبيرين: التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي. وشكّل ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني في الصيف، شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر. وبلغ التوتر ذروته في 29 آب/أغسطس، حين قتل 30 من مناصريه في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش والحشد الشعبي، وهي فصائل مسلحة شيعية موالية لإيران ومنضوية في أجهزة الدولة ويرى مراقبون ان التيار الصدري استنفد ما لديه من أوراق في مواجهة الإطار الذي خرج منتصرا من معركته مع التيار لكن لا تزال ورقة التحشيد في الشارع إضافة الى تطلعه لإجراء انتخابات مبكرة بهدف إعادة خلط الأوراق. في المقابل يظل هذا الأمر ضبابيا من هذه الناحية خاصة وان البرلمان والحكومة التي يهيمن عليهما الاطار من المستبعد ان تتبنى موقف الصدر فيما يتعلق بالانتخابات المبكرة. وسيعول الصدر على القوة الشبابية الرافضة لهيمنة حلفاء إيران على المشهد في العراق وهي قوة كانت فاعلة خلال الاحتجاجات التي شهدها البلد في الحكومات السابقة.وساهمت في إسقاط حكومة عادل عبدالمهدي. واشنطن - اعتبر تقريران أميركي وبريطاني أن انتخاب البرلمان لرئيس جديد العراق وهو عبداللطيف رشيد الذي كلف فورا مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة، "ضربة سياسية قاتلة" لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والذي يعارض بشدة تولي السوداني رئاسة مجلس الوزراء ودخل في معركة كسر عظام مع قوى الإطار من أجل إسقاط مرشحه. كما يعتبر هذا التطور انتصارا لإيران "وانتكاسة للمصالح الأميركية" في المنطقة. وشكل انتخاب رئيس جديد للعراق وتكليف الشخصية الخلافية محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة، اختراقا مهما للجمود السياسي، لكن يبقى السؤال الملح هل ينهي هذا التطور الأزمة السياسية الراهنة أم تنفتح البلاد على المزيد من الصراعات. وسلطت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الضوء على التطورات الأخيرة في العراق، مستعرضة في جانب من تقريرها حالة الجمود السياسي الناجمة عن عداء بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية الموالية لإيران (باستثناء الصدريين). ونقلت عن المحلل السياسي العراقي محمد جاسم قوله "أعتقد أن ما حدث اليوم هو ضربة قاتلة لمقتدى الصدر سياسيا. بانتصار أعضاء الإطار التنسيقي على مقتدى الصدر، بات الطريق ممهدا تماما أمامهم لتمرير مرشحهم (رئيس الوزراء) وتشكيل الحكومة". وتابع أن فوز الإطار التنسيقي يعتبر نصرا لإيران، بينما يعتبر انتكاسة لمصالح الولايات المتحدة من دون أن يستبعد أن يعمل قادة الإطار الموالين للجمهورية الإسلامية على القضاء على الوجود الأميركي في العراق وأن هذا الأمر من شأنه أن يضع عقبات أمام أي تعاون اقتصادي. وهو الأمر ذاته الذي خاضت فيه صحيفة فاينانشل تايمز البريطانية التي نقلت عن محللين قولهم إن التطورات الأخيرة لم تشكل ضربة للصدر فقط بل أيضا للولايات المتحدة، مشيرين غلى أنها كانت تدعم ضمنا حكومة يقودها التيار الصدري. وأشارت إلى أن مؤيدي السوداني يرون فيه بناء على تجربته في الحكومة الاتحادية أنه قادر على تشكيل حكومة كفاءات قادرة على معالجة ملفات ملحة وعلى رأسها مكافحة الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة وكذلك تحسين البنية التحتية المتدهورة. ويعاني العراق منذ الغزو الأميركي في 2003 الذي أطاح بنظام الرئيس الأسبق صدام حسين، من سوء الخدمات وتدهور البنية التحتية ومشكلات مزمنة مثل انقطاعات الكهرباء والماء وهي العوامل التي تسببت في احتجاجات شعبية في أكثر من مرة. واعتبرت الصحيفة البريطانية أن تكليف السوداني ربما يشكل اختراقا للأزمة لكنه اختراق بالاسم فقط. ويقول ريناد منصور مدير مبادرة العراق في 'تشاتام هاوس'، وفق ما نقلت عنه 'فاينانشال تايمز'، إن تكليف محمد شياع السوداني قد "يعالج التوترات السياسية العميقة في العراق، لكنه لا يعالج الإحساس العميق بالغربة لدى الشعب العراقي عن النخبة السياسية". وأشار كذلك إلى أن الأمر قد ينظر له على أنه اختراق للمأزق، لكن الوجوه ذاتها لا تزال تهيمن على المشهد السياسي منذ العام 2003 وهم من "خنقوا الإصلاح وشجعوا على الفساد السياسي الذي يضر بالعراقيين كل يوم". والسوداني (52 عاما) جزء من الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان وهو حليف مقرب لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أحد قادة الإطار التنسيقي وأحد ألد خصوم مقتدى الصدر. ونجح البرلمان العراقي الذي تهيمن عليه قوى موالية لإيران، الخميس بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، هو الوزير السابق عبداللطيف رشيد. وسرعان ما كلّف رشيد رئيسا جديدا للحكومة، هو محمد شياع السوداني في خطوة وضعت حدا لشلل مؤسساتي دام عاما، مع فشل القوى السياسية الكبرى على الاتفاق منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2021. ومع ذلك، فإنّ مهمة تشكيل الحكومة في بلد متعدد الطوائف والعرقيات وتقوم فيه الحياة السياسية على مفاوضات لا تنتهي بين القوى المهيمنة على المشهد، تبدو صعبةً، وقد تعود الخلافات من جديد إلى الواجهة. ويقول ريناد منصور الباحث في معهد "شاتام هاوس" إنه "حينما ستبدأ المحادثات بشأن من سيكون وزيرا، ومن له اليد الأعلى في الوظائف العليا، والمؤسسات الحكومية وخزينة الدولة، سيطفو المأزق من جديد على المشهد"، مضيفا "سنكون أمام حكومة محاصصة، تحاول فيها الأحزاب السياسية تقاسم ثروات البلاد". وبفضل الإيرادات النفطية، حقق العراق 87 مليار دولار كاحتياطات نقدية، لكنها تقبع في البنك المركزي بانتظار حكومة جديدة وإقرار موازنة تسمح بالاستفادة من تلك الأموال، خصوصا بمشاريع بنى تحتية كبيرة يحتاج إليها العراق بعد عقود من النزاعات. وتعهّد السوداني في كلمة له الخميس ليلا، بتبني "إصلاحات اقتصادية تستهدف تنشيط قطاعات الصناعة والزراعة"، مضيفا كذلك بأنه سوف يعمل "على توفير فرص العمل والسكن" للشباب. وأعرب عن استعداده "التام للتعاون مع جميع القوى السياسية والمكونات المجتمعية، سواءٌ المُمثلة في مجلس النواب أو الماثلة في الفضاءِ الوطني"، مضيفا "لن نسمح بالإقصاء والتهميش في سياساتنا، فالخلافات صدعت مؤسسات الدولة وضيعت كثيرا من الفرص على العراقيين في التنمية والبناء والإعمار". خيارات الصدر لكن ثمة تحد آخر يواجه الحكومة الجديدة: موقف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وزعيم أحد أكبر التيارات السياسية في العراق، القادر على تعبئة عشرات الآلاف من مناصريه بتغريدة واحدة. وسحب الصدر في يونيو/حزيران نوابه البالغ عددهم 73 نائبا من البرلمان الذي بات يهيمن عليه الإطار التنسيقي مع 138 نائبا من أصل 329. ويضمّ الإطار خصوصا كتلة دولة القانون بزعامة المالكي والخصم التاريخي للصدر، فضلا عن كتلة الفتح الممثلة للحشد الشعبي الذي يضمّ فصائل موالية لإيران. ويتساءل علي البيدر عمّا يوجد خلف "الصمت الحذر" للتيار الصدري، مضيفا "واحد من الخيارات، أنه يعطي فرصة للمنظومة السياسية للقيام بخطوات معينة" أو قد يكون الصمت "ناتجا عن عملية تسوية وترضية حصلت بين التيار الصدري والأطراف السياسية". ووصل التوتر السياسي في البلاد إلى ذروته في البلاد في 29 أغسطس/اب، حينما قتل أكثر من 30 من مناصري الصدر في مواجهات مسلحة مع الجيش وقوات الحشد الشعبي المنضوية في أجهزة الدولة. ويعتبر ريناد منصور من جهته أن الوضع لا يزال "هشا"، مضيفا "الصدر لا يزال حاضرا ويحاول التأثير على المشهد السياسي واستخدام ورقة التظاهرات للتعويض عن رأس المال السياسي الذي خسره" بخروجه من البرلمان. وأوضح أن هدف الصدر يبقى "فرض انتخابات مبكرة عبر استخدام لعبة عدم الاستقرار الممنهج، كما يفعل عادة، ليحافظ على قوته وتأثيره في المفاوضات"، مضيفا أن "الأخطاء" السابقة للصدر، تضعه "في موقف صعب" للتفاوض. يرى المحلل السياسي العراقي علي البيدر أن "مهمة تشكيل الحكومة سوف تكون سهلة" وذلك "بسبب حالة التوافق" بين القوى الموجودة في البرلمان، لكن "مهام جسيمة" تنتظر الحكومة متعلقة بـ"محاربة الفساد والقضاء على ظاهرة الفقر والسلاح المنفلت". وفي العراق البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة والغني بالنفط، أربعة من كل عشرة شباب عاطلون عن العمل، ويقبع ثلث السكان في الفقر، وفق الأمم المتحدة. ويأمل البيدر أن يكون الاهتمام المتزايد "الإقليمي والدولي بالوضع السياسي في العراق"، دافعا يجبر "المنظومة السياسية على أن تكون أفضل من المراحل السابقة"، متحدثا عن دور فرنسي وأميركي وبريطاني.

مشاركة :