عندما تتعرض الشعاب المرجانية للضغط، المتمثل في تغيرات مناخية شديدة، فإنها غالباً ما تبيض وتموت، لكن لا تتعرض جميعها للإجهاد بالتساوي، والحمض النووي وسيلة فعالة يمكن استخدامها للتنبؤ بمصير كل منها على حدة. وخلال الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «موليكر بيولوجي آند إيفولوشن»، استخدم فريق بحثي أسترالي يقوده إيرا كوك من قسم البيولوجيا الجزيئية والخلوية بجامعة جيمس كوك، تقنيات جديدة للحمض النووي لفهم كيفية تفاعل المرجان مع تغيرات المناخ في نهاية العصر الجليدي الأخير (منذ 20 إلى 10 آلاف عام) من أجل التنبؤ بشكل أفضل بكيفية تعاملهم مع التغيرات المستقبلية في المناخ. ونهاية العصر الجليدي الأخير حديثة نسبياً، وأجبرت في بعض الأحيان الشعاب المرجانية على التكيف مع ضغوط مماثلة لتلك المتوقعة في ظل تغير المناخ في المستقبل، ومن خلال تسلسل الجينوم الكامل للعديد من الأفراد داخل كل نوع من الشعاب المرجانية، أصبح الباحثون قادرين الآن على تحديد القادرين على مواجهة تحديات المستقبل المناخية. وتوصل الباحثون لتحقيق ذلك عن طريق مقارنة «جينومات» الشعاب المرجانية من كيمبرلي الساحلية، وهي منطقة في غرب أستراليا، شهدت تغيراً في مستوى سطح البحر أعاد تشكيل مجتمعات الشعاب المرجانية عدة مرات في الماضي، مع موقعين بحريين أكثر اعتدالاً. يقول كوك في تقرير نشره أمس الموقع الرسمي لجامعة جيمس كوك: «وجدنا أن هناك اختلافات جينية واضحة، بين الشعاب المرجانية من المواقع الثلاثة التي درسناها، ونشأت هذه المجموعات الجينية في وقت قريب من انتهاء العصر الجليدي الأخير». ويوضح: «مع ارتفاع مستوى سطح البحر بين 20 و10 آلاف سنة مضت، انتشرت الشعاب المرجانية إلى موائل جديدة، لكن الشعاب التي تمت دراستها كان لديها التركيب الجيني الصحيح الذي مكنها من البقاء على قيد الحياة، وهذه العملية الانتقائية مرئية في الجينوم وتخبرنا أي الجينات كانت مهمة للبقاء على قيد الحياة». ويضيف أن «الشعاب المرجانية من كيمبرلي لديها أنماط منبهة في جينوماتها تكشف عن الجينات التي تم تعديلها من خلال الانتقاء الطبيعي في وقت قريب من العصر الجليدي الأخير، عندما استعمرت هذا الموطن الصعب على الشاطئ، وعلى وجه التحديد وجدنا جينات تسمى (البيروكسينكتين) كانت تحت ضغط تطوري قوي في الشعاب المرجانية ساعدها على البقاء في ظل ظروف صعبة». وخلص الفريق البحثي إلى أن هذه الجينات تمثل خريطة طريق للمساعدة في فهم كيفية بقاء الشعاب المرجانية على قيد الحياة في الظروف العكرة والحارة والمكشوفة مثل تلك الموجودة في كيمبرلي.
مشاركة :