ينتمي الناقد حسين حمودة إلى جيل السبعينات، وقد عرفته الحياة الأدبية شاعراً، لكنه ترك كل هذا وراء ظهره، ليخلص لعمله الأكاديمي والنقدي، ويتابع من خلاله تجارب الأجيال الجديدة في العالم العربي، إضافة إلى أنه يترأس تحرير دورية نجيب محفوظ، التي تصدر سنوياً متضمنة كل ما يخص محفوظ، هنا حوار مع الناقد حسين حمودة. } بدأت تجربتك بالإبداع وانتهيت ناقداً أين ذهب الإبداع؟ هو الآن في حقيبة الذكريات، فقد بدأت بكتابة الشعر بالفصحى والعامية، لكنني وصلت مبكراً إلى صيغة أن هذا العالم لم يعد يحتمل الشعر، هذا المعنى طرحه نجيب محفوظ في الأربعينات في إحدى مقالاته، رداً على العقاد الذي هاجم فن الرواية، فقال له إن الرواية شعر الدنيا الحديثة. } كيف يمكن للجامعة المصرية أن تكون حاضنة لقيم التنوير؟ وضع التعليم في مصر كلها، وليس الجامعة فقط، سيئ جداً، فضلاً عن أن الجامعة باتت صلتها مقطوعة بالمجتمع، الوضع الآن أصبح محاطاً بالكثير من المعوقات، وأصبحت عملية التدريس ضيقة الأفق، وتكاد تكون مقصورة داخل الجامعة، ودورها محدود لأسباب كثيرة ومتعددة. } أنت رئيس تحرير دورية نجيب محفوظ، كيف يمكن أن تكون هذه الدورية جماهيرية بحيث تُعرِف بأدب محفوظ على نطاق واسع؟ الحظ الأكبر في حياتي أنني اقتربت من نجيب محفوظ لأكثر من 12 عاماً، وبعد وفاته شكلت لجنة لتخليد ذكراه، وكان ضمن مهامها إصدار هذه الدورية السنوية، وصدر منها إلى الآن ستة أعداد، فهي تصدر في شهر ديسمبر/كانون الأول من كل عام، وهي الدورية العربية الوحيدة المخصصة لكاتب واحد، مثلها مثل الدوريات العالمية التي تصدر عن بلزاك وشكسبير وجيمس جويس وغيرهم من الكتاب العالميين، وأتصور أن محفوظ لا يقل أهمية عن هؤلاء فتجربته بها كثير من الاكتشافات. أمّا عن عدم الجماهيرية؛ فالأمر يعود إلى عدة أسباب منها أن الدورية تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة الذي لا يمتلك منافذ توزيع، وبالتالي فإن فكرة التوزيع مقيدة لكل إصداراته، ومنها دورية نجيب محفوظ. } كيف ترى مستقبل المجلات المتخصصة في النقد الأدبي؟ يجب أن نميز بين المستويات والاتجاهات المتنوعة، ليس في مصر فقط، بل في العالم العربي، هناك المجلات الأكاديمية التي تلبي حاجات محددة في الجانب النقدي، لكن الجزء المهم من وجهة نظري في الإصدارات الأدبية، التي يجب أن تمثل جسراً بين الأعمال الأدبية والجماهير، هذه المجلات نحتاجها على المستوى النقدي، فالناقد الوسيط له دور أهم من الناقد الأكاديمي المتخصص، هذا الناقد الوسيط لا يجد مكاناً مناسباً في كثير من الإصدارات العربية. } انتشرت في الآونة الأخيرة ما يسمى ورش الكتابة أين تكمن الخصوصية في مثل هذه التجارب؟ ورش الكتابة يمكن أن تكون فرصة للقاء الأدباء، لكنها لا تقدم جديداً في عالم الكتابة، فالكتابة في الأساس جهد فردي، ولا يمكن أن يتعلم غير الموهوبين من هذه الورش، ونحن نعلم أن كولن ويلسون شارك في تدريس فن الرواية لبعض المبتدئين، لكن هذه التجربة لم تثمر كثيراً، فالمعلم الأول للروائي هو تجربته في الحياة والتقاط التفاصيل التي لا يمكن لغيره التعبير عنها، فتجربة المعايشة هي الورشة الحقيقية لكل كاتب وكاتبة. } كيف ترى تجارب الأجيال الجديدة على مستوى الإبداع؟ هناك تيارات وروافد جديدة في الفن الروائي والقصصي في الوطن العربي، وبشكل عام الكُتاب الجدد في الوطن العربي قدموا إسهامات وخاضوا مغامرات، أضافت الكثير إلى عالم الكتابة السردية، هناك بلدان عربية صاحبة تجارب متميزة في القص والفن الروائي، وهؤلاء المبدعون لا يمثلون نقلة منقطعة الصلة عن الأشكال السابقة، هناك تجارب صاغت خصوصية للكتابة العربية، فلم تعد تعتمد على المنجز السردي الغربي.
مشاركة :