معروف لدى الجميع بأن الأحزاب المتضادة تتمسك بأي ممسك ضد بعضها خلال أوقات انتخابات أمريكا بأنواعها، فليس بمستغرب على الأحزاب التي أعطت وعودا وهمية ليس لها أساس أصلا، بأن تبرر بإلقاء اللوم على الآخرين. لا يمكن إلقاء اللوم على الفحم والغاز اللذين ارتفع سعرهما أكثر من 110% ولا يمكن إلقاء اللوم على التضخم الذي تسببت به كورونا ولا يمكن إلقاء اللوم على تضخم شركات التكنولوجيا والأسواق المالية، والأسباب جميعها ليس هناك من يلقى باللوم عليه.كان لا بد من اختلاق مشكلة من ارتفاع أسعار النفط والتي لم تنم 10% منذ بداية السنة، وتصويرها على أنها سبب جميع الارتفاعات والتضخم أمام الرأي العام، وكان خلق هذه المشكلة ليلقى باللوم على دول الأوبك، وهذا أسهل - في نظرهم - من إلقاء اللوم على شركات التقنيات وشركات الغاز الأمريكية.عموما، أنا شخصيا أعي جهل الشارع الأمريكي والإعلام الأمريكي بشؤون النفط والطاقة، فمن السهل تمرير أي معلومة مغلوطة لكسب أصواتهم في الانتخابات.الخميس الماضي 13 أكتوبر 2022م أصدرت وزارة الخارجية بيانا بشأن التصريحات الصادرة تجاه المملكة عقب صدور قرار أوبك بلس، حيث صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية بأن حكومة المملكة العربية السعودية اطلعت على وصف قرار أوبك في 5 أكتوبر بأنه بمثابة انحياز للمملكة في صراعات دولية وأنه بني على دوافع سياسية ضد الولايات المتحدة الأمريكية.أعربت المملكة - من خلال البيان - عن رفضها التام لهذه التصريحات التي لا تستند على حقائق، وتصوير قرار أوبك بلس خارج إطاره الاقتصادي البحت مع أنه قرارا اتخذ بالإجماع من كل دول مجموعة أوبك بلس. وأن القرار لا تنفرد فيه دولة دون باقي الدول الأعضاء، وأنه قرار ينظر له من منظور اقتصادي بحت يراعي أوضاع وعروض وطلب أسواق النفط العالمية، كما أن مجموعة أوبك بلس تتخذ قراراتها باستقلالية وفقا لما هو متعارف عليه من ممارسات مستقلة للمنظمات الدولية.كما تضمن القرار بأن حكومة المملكة قد أوضحت من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأمريكية بأن جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر - حسب ما تم اقتراحه من قبلهم - سيكون له تبعات اقتصادية سلبية. كما أكدت حكومة المملكة أن محاولة طمس الحقائق فيما يتعلق بموقف المملكة المبدئي وتصويتها بتأييد القرارات المتخذة من الأمم المتحدة تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية انطلاقا من تمسك المملكة بضرورة التزام كافة الدول بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي ورفضها لأي مساس بسيادة الدول على أراضيها.بيان وزارة الخارجية وضع النقاط على الحروف وكان ردا قويا على جميع الاتهامات التي توجهها جهات رسمية أمريكية وغير رسمية وقنوات إعلامية وحتى نواب وأعضاء وكل من يتهم السعودية بشأن الموضوع نفسه. جميعنا نعلم بأن الاقتصاد العالمي يعاني من تضخم لأسباب كثيرة بدأت من تداعيات جائحة كوفيد-19 وتضخم في الأسواق المالية والصناعية وشركات التكنولوجيا في أمريكا، كما أن أسعار الطاقة الأخرى تضخمت أكثر من النفط وبعضها تخطى عشرة أضعاف ارتفاع أسعار النفط.في رأيي المتواضع الصورة بدأت تتضح للإعلام الأمريكي، فقد وضحت المملكة عبر مسؤولين بأن النفط ارتفع بنسبة 1% في الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة ببداية 2022م، وكذلك النفط الأوروبي ارتفع فقط بنسبة 6%، بينما أسعار الغاز ارتفعت في أمريكا وأوروبا وآسيا بأكثر من 65%، وأسعار الفحم في أمريكا وأوروبا ارتفعت بأكثر من 110%.كما اتضح - في رأيي - بأن الإعلام الأمريكي والشارع الأمريكي بدأ يعي من خلال البيان والتصريحات من المملكة بأن أسعار النفط هي الأقل ارتفاعا وتضخما، وأن المسألة فقط توجيه اتهامات على أسعار النفط، والمقصود بها استعطاف الشارع الأمريكي وقبوله لعذرهم بأنه خارج عن إرادتهم. في وقت تستعد الولايات المتحدة الأمريكية للانتخابات النصفية، كانت أمريكا تأمل برفع إنتاج النفط أكثر من الحاجة لينعكس على أسعار النفط بالانخفاض، وبذلك يتم استخدام هذا الانخفاض لمكاسب انتخابية دون أدنى اهتمام لتوازن السوق وتبعاته السلبية. وأتى بيان وزارة الخارجية بمثابة «توضيح» تفاجأ بمحتواه حتى الإعلام الأمريكي، وتم تداوله عبر جميع القنوات والصحف الأمريكية والعالمية.[email protected]
مشاركة :