رغم مضي أكثر من شهر على بداية العام الدراسي في مدينة القدس الشريف، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي مازال يمضي قدماً لفرض المنهاج الإسرائيلي على جميع مدارس المدينة المقدسة، وتحريف المناهج الفلسطينية، لتهويد التعليم داخل المؤسسات التعليمية. وعلى مدار الأسابيع الماضية، بعد بدء العام الدراسي الجاري، نفذت العديد من المدارس وأهالي الطلبة ولجان أولياء الأمور في القدس فعاليات احتجاجية عدة، رفضاً لسياسة تهويد التعليم، وفرض المنهاج الإسرائيلي «المحرف»، والتأكيد على حق أبنائهم في تدريس المنهاج الفلسطيني، فيما أضرب جميع الطلبة عن التعليم في الـ19 من شهر سبتمبر الماضي. ورغم كل ذلك، لم تستجب بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، ووزارة المعارف الإسرائيلية، لمطالب اتحاد لجان أولياء الأمور المقدسيين بشأن منع فرض المنهاج الإسرائيلي على الطلبة المقدسيين، ما ينذر بفرض الإضراب الشامل في كل مدارس المدينة المقدسة، وتهديد المستقبل التعليمي لما يقارب 99 ألف طالب وطالبة مقدسيين. تحريف المناهج المدارس المقدسية التي تدرس المناهج التعليمي الفلسطيني، ترفض توزيع الكتب التي تفرضها سلطات الاحتلال على طلابها، نظراً لمناهجها المحرفة، التي تتناقض مع هوية المدينة المقدسة وتاريخها. والمنهاج الإسرائيلي المحرف، الذي يسعى الاحتلال وبلديته لفرضه على مدارس المدينة المقدسة، يعد نسخة مشوهة للمناهج الفلسطينية الأصيلة، إذ يمحو المنهاج المحرف كل القيم الفلسطينية الوطنية والمجتمعية بين طيات صفحاته، إلى جانب فرض أفكار وآراء ومصطلحات إسرائيلية، أو حذف فقرات أو فصول فلسطينية كاملة، لترويج أفكار ومضامين يرفضها المقدسيون جملة وتفصيلاً، وذلك بحسب رئيس لجنة اتحاد أولياء الأمور في مدارس القدس، زياد شمالي. ويقول شمالي لـ«الإمارات اليوم»، في حديث خاص، إن «الاحتلال يسعى بشتى الوسائل لفرض المناهج الإسرائيلية على الطلبة المقدسيين، وتحريف المناهج الفلسطينية، لتهويد التعليم في القدس، وشطب التاريخ والذاكرة الفلسطينية من عقول طلبة القدس». ويضيف أن «بلدية الاحتلال بالمدينة المقدسة، ووزارة المعارف الإسرائيلية، تعيدان طباعة الكتب المدرسية التي تعتمدها المدارس المقدسية منذ عشرات السنين، بعد شطب العبارات التي تؤكد أن القدس عاصمة فلسطين المحتلة، وحذف كل ما يرمز إلى هوية الشعب الفلسطيني وتاريخه، وأبرزها مصطلح النكبة الفلسطينية». ومن بين المصطلحات والنصوص التي شطبها الاحتلال الإسرائيلي من المنهاج الفلسطيني بعد تحريفه الكتب المدرسية، بيت شعر يشير إلى نقاط التفتيش الإسرائيلية من قصيدة يتضمنها كتاب للغة العربية، ورسوم توضيحية لمفتاح اللاجئين الفلسطينيين قبل النكبة من كتاب لمادة الرياضيات، إلى جانب فقرة عن المعاهدات التي مزقت الشرق الأوسط في كتاب للجغرافيا. تأزم المسيرة التعليمية يبلغ عدد الطلبة في كل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في القدس حوالي 98 ألفاً و482 طالباً وطالبة، فيما يتوجه منهم 45 ألفاً و500 طالب وطالبة إلى 146 مدرسة تابعة لمظلة التعليم الفلسطينية، وتلك التي تدرس مناهجها، وهي مدارس الأوقاف، والمدارس الخاصة، ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أما البقية فيتوجهون إلى المدارس التابعة لإدارة وزارة المعارف الإسرائيلية، وبلدية الاحتلال في المدينة المقدسة. المسيرة التعليمية لأولئك الطلبة باتت على حافة الهاوية، جراء الممارسات الإسرائيلية التي نتج عنها تأزم العملية الدراسية، الأمر الذي ينذر بالإضراب الشامل، الذي ينادي به أولياء أمور طلبة القدس، رفضاً لسياسة تهويد التعليم في المدينة المقدسة. ويقول رئيس لجنة أولياء أمور طلبة مدرسة الكلية الإبراهيمية بالقدس، المحامي رائد بشير، إن «الأيام المقبلة ستكون حاسمة في مطالبنا المشروعة، فقد بعثنا باسم اتحاد لجان أولياء الأمور في القدس لبلدية الاحتلال في القدس، ووزارة المعارف الإسرائيلية، رسالة بمطالب الأهالي بإلغاء المنهاج المحرف، وفي حال عدم الاستجابة للمطالب، فإن أولياء الأمور سيتخذون مزيداً من الإجراءات القانونية، والفعاليات الاحتجاجية». ويبيّن أن الإجراءات التي سيتخذها أولياء أمور طلبة القدس، إضراب تحذيري عن التعليم، واعتصامات احتجاجية، والاعتراف بالمنهاج الفلسطيني، وتوزيع كتبه على الطلبة، وإرجاع نسخ الكتب من المناهج المحرفة، وصولاً إلى الإعلان عن الإضراب الشامل والمفتوح عن الدوام الدراسي في جميع مدارس المدينة المقدسة. ويضيف أن «الإضراب عن التعليم، وتنفيذ الخطوات الاحتجاجية، حق لأهالي الطلبة، بعدم إجبارهم على تدريس أبنائهم مناهج تشوه مستقبلهم، ومن أمثلة ذلك الإضراب الشامل الذي شهدته مدارس القدس في عام 1968 ضد المنهاج الإسرائيلي، حيث أجبر الاحتلال على إقرار المنهاج الأردني في حينه، لتفشل محاولاته في (أسرلة) تعليم المدينة المقدسة». تهويد الأنشطة اللامنهجية في نهاية شهر يوليو الماضي، أقر الاحتلال الإسرائيلي إلغاء التراخيص الدائمة لست مدارس فلسطينية بالقدس، واستبدالها بأخرى مؤقتة لمدة عام، تحذف خلالها المدرسة المعنية من مناهجها الدراسية «المضامين التحريضية». وهذه المدارس هي: الكلية الإبراهيمية في حي «المصرارة» المقدسي، التي تأسست في عام 1931، ومدارس الإيمان بفروعها الخمسة المنتشرة في أنحاء الأحياء المقدسية، والتي تأسست في عام 1984، والتي تصنف بأنها مدارس خاصة، تحتضن داخل فصولها 2000 طالب وطالبة. ويشير رئيس لجنة أولياء أمور طلبة الكلية الإبراهيمية إلى أن تحريف المناهج وتهويدها، لا يقتصر على الكتب الدراسية فقط، بل يطال الأنشطة اللامنهجية طوال المسيرة التعليمية، مضيفاً «هذا ما يراد أن يفرض على أبنائنا، حيث يوجد 100 برنامج مرتبط بالتهويد، تختلف عن أعرافنا». ويقول بشير إن «إجراءات بلدية الاحتلال في القدس ووزارة المعارف الإسرائيلية تجاه مدارس القدس لا تستند على القانون، بل تتم بفعل التخبط والعربدة، في محاولة لتجريم المنهاج الدراسي الفلسطيني». • نهاية يوليو الماضي، أقرّ الاحتلال الإسرائيلي إلغاء التراخيص الدائمة لست مدارس فلسطينية بالقدس، واستبدالها بأخرى مؤقتة لمدة عام، تحذف خلالها المدرسة المعنية من مناهجها الدراسية «المضامين التحريضية». تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :