خلُص التقرير الأوّل الصادر أمام الجمعية العامة عن لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل (المشار إليها فيما يلي بـ”لجنة التحقيق”)، إلى وجود أسباب معقولة تدعو للاستنتاج أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية بات غير قانونيًا بموجب القانون الدولي نظرًا لاستمراره وسياسات الحكومة الإسرائيلية للضم بحكم الأمر الواقع. ودعت لجنة التحقيق المؤلفة من ثلاثة أعضاء الجمعية العامة إلى إحالة طلبٍ عاجل إلى محكمة العدل الدولية لتقديم فتوى بشأن الآثار القانونية الناشئة عن استمرار إسرائيل برفضها لإنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية المحتلّة، مشيرةً إلى انه بموجب القانون الدولي الإنساني، احتلال أرضٍ ما خلال الحرب هو وضع مؤقّت ولا يحرم السلطة الواقعة تحت الاحتلال من وضعها كدولة أو من سيادتها. وصرّحت نافي بيلاي رئيسة لجنة التحقيق، قائلةً إن “التصريحات الأخيرة من قبل الأمين العام وعدد من الدول الأعضاء أوضحت أن أي محاولة لضم أراضي دولةٍ ما بشكلٍ أحادي الجانب من قبل دولة أخرى يعدّ انتهاكًا للقانون الدولي ويعتبر باطلًا ولاغٍ. والأسبوع الماضي، صوّتت 143 دولة عضو، بما في ذلك إسرائيل، دعمًا لقرار الجمعية العامة الذي يؤكّد على ذلك”. وأضافت “إذا لم يطبّق هذا المبدأ الأساسي من ميثاق الأمم المتحدّة بشكل عالمي، بما في ذلك على الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلّة، سيصبح لا معنى له”. الاستيطان الإسرائيلي وللوصول إلى نتائجها، نظرت لجنة التحقيق في سياسات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية للإبقاء على الاحتلال وضمّ أجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلّة. استند استعراض لجنة التحقيق إلى المقابلات مع الخبراء وأصحاب المصلحة والمعلومات التي حصلت عليها عقب الدعوة لتقديم المعلومات والإفادات الخطيّة التي أطلقتها في 22 أيلول/سبتمبر 2021. يركّز التقرير المؤلّف من 28 صفحة والذى نشرت نتائجه مساء أمس، على تعزيز المشروع الاستيطاني وتوسّعه، بما في ذلك البيانات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون يشرون فيها إلى النيّة على استمرار السيطرة الدائمة على الأرض، بما ينتهك القانون الدولي. واستنتجت لجنة التحقيق أنه تقع على إسرائيل، إثر استمرارها باحتلال الأرض بمفعول القوّة، مسؤوليّات دولية ولا تزال مسؤولة عن انتهاك حقوق الفلسطينيين فرادةً وجماعةً. وأردفت بيلاي قائلة “نتيجة تجاهل القانون الدولي في إنشاء المستوطنات أو تسهيل إنشائها، ونقل المدنيين الإسرائيليين بشكلٍ مباشر أو غير مباشر إلى هذه المستوطنات، مهّدت الحكومات الإسرائيلية المتتالية لوقائع على الأرض لضمان السيطرة الإسرائيلية الدائمة على الضفّة الغربية”. الهدم والتهجير وبغية إعداد هذا التقرير، راجعت لجنة التحقيق تدابير إسرائيل لمصادرة الأراضي والموارد الطبيعية واستغلالها، وسياسات إسرائيل التقييدية للتخطيط الحضري وتقسيم الأراضي في الضفّة الغربية. وتشير إلى أن غالبًا ما تتم مصادرة الأراضي لأغراضٍ عسكرية وبعدها تستخدم لبناء المستوطنات. ونظرت لجنة التحقيق في تصريحات أدلى بها مسؤولون إسرائيليون يشيرون بها إلى أن الأبنية الفلسطينية تشكّل عائقًا أمام المستوطنات الإسرائيلية وتتطلّب اتخاذ إجراءات كالمصادرة والهدم والتهجير. ولاحظت لجنة التحقيق أيضًا عمليات مماثلة في القدس الشرقية حيث ساهمت أنظمة التخطيط وتقسيم الأراضي التقييدية، التي أعاقت السكن اللائق والبنى التحتية وسبل العيش، في تقليص الحيّز المخصص للفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى سياسات الحكومة الإسرائيلية التي أدّت إلى آثارٍ خطيرة ومتعددة الأوجه على كل جوانب حياة الفلسطينيين، بما في ذلك الوصول إلى المياه النظيفة وبأسعارٍ ميسورة، ما أثّر بدوره على القطاع الزراعي الفلسطيني بأكمله وحدّ من فرص سبل العيش مرخية بظلّها على النساء أكثر من غيرهنّ. الصدمة النفسية وصرّح عضو لجنة التحقيق، كوثاري قائلًا “يظهر “الضرر الكامن” والصدمة النفسية بقوّة، وقد لا يبدو الأمر واضحًا على الفور، نتيجة الانتقاص من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. تؤدّي هذه العمليات المنهكة إلى آثارٍ جسيمة قصيرة وطويلة الأمد ويجب معالجتها على وجه السرعة”. وخصّصت لجنة التحقيق قسمًا كبيرًا من تقريرها لمراجعة تأثير سياسات الاحتلال الإسرائيلي والضم بحكم الأمر الواقع على حقوق الفلسطينيين، منوّهةً بالبيئة القسرية الرامية إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة منازلهم وتغيير التركيبة الديموغرافية لبعض المناطق. ولهذا الغرض، نظرت لجنة التحقيق في هدم المنازل وتدمير الممتلكات والاستخدام المفرط للقوّة من قبل قوى الأمن والاعتقالات الجماعية والعنف من قبل المستوطنين والقيود على الحركة والقيود المفروضة على الوصول إلى الأرزاق والخدمات والضرورات الأساسية والمساعدة الإنسانية. وشددت لجنة التحقيق على أن استمرار البيئة القسرية هذه شتّت المجتمع الفلسطيني وضمن عدم قدرة الفلسطينيين على ممارسة حقهم بتقرير المصير، من جملة حقوق أخرى. ولحظت لجنة التحقيق أيضًا الآثار الجسيمة للحصار المفروض على قطاع غزّة جوًا وبرًّا وبحرًا على حقوق إنسان الفلسطينيين. محكمة العدل الدولية ويظهر التقرير التأثير الضار على الأطفال خصوصًا الذين يشهدون على الوجود العسكري المستمر والاعتقال والاحتجاز والهجمات المتكرّرة وأعمال العنف والقيود على الحركة وهدم المنازل وتدمير البنى التحتية والممتلكات. وشدّدت لجنة التحقيق على أن الآثار التراكمية لممارسات الاحتلال، بما في ذلك القيود على الحركة، كان لها تأثير تمييزي واسع النطاق على الفلسطينيات، مشيرةً إلى أنّهن يخضعن للعنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهن اليومية. واستنتج التقرير أن بعض سياسات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية المفضية إلى استمرار الاحتلال والضم بحكم الأمر الواقع قد تشكّل عناصر من جرائم بموجب القانون الجنائي الدولي، بما في ذلك جريمة الحرب المتمثّلة بنقل، بشكل مباشر أو غير مباشر، جزء من سكّانها المدنيين إلى أراضٍ تحتلّها، والجريمة ضد الإنسانية المتمثّلة بالترحيل أو النقل القسري. وصرح عضو لجنة التحقيق، كريس سيدوتي قائلًا “إن إجراءات الحكومة الإسرائيلية التي نظرنا بها في تقريرنا تشكّل منظومة احتلال وضم غير شرعية ويجب معالجتها”. وأضاف “على النظام الدولي والدول أن تتحرّك وتفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويجب أن يبدأ ذلك بالدورة الحالية للجمعية العامة وإحالة الوضع إلى محكمة العدل الدولية”.
مشاركة :