زخم مؤقت للإعلام البيئي في مصر تزامنا مع قمة المناخ

  • 10/22/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حضرت قضايا البيئة بقوة في الإعلام المصري بمختلف ألوانه قبل أيام قليلة من انطلاق قمة المناخ “كوب 27”، ودخلت العديد من الهيئات التدريبية والإعلامية على خط القمة العالمية، وتم عقد ورش عمل ومؤتمرات سلطت الضوء على الصحافة العلمية وكيفية الارتقاء بها. القاهرة - تصدرت قضايا البيئة والتغيرات المناخية، التي كانت في طي النسيان لسنوات طويلة المشهد الإعلامي في مصر، قبل أيام قليلة من انطلاق قمة المناخ “كوب 27” في منتجع شرم الشيخ بجنوب سيناء ما طرح تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يشكل قاعدة يمكن البناء عليها لتطوير الصحافة العلمية التي اندثرت في الكثير من الصحف والفضائيات، أم أنه زخم مؤقت يحقق أهداف حكومة تسعى إلى الترويج لقمة المناخ وما تحقق من نجاح في مجال البيئة بمصر مؤخرا ضمن مساعي التعبير عن إيمان قيادتها بقضايا تغير المناخ. وأطلق موقع “اليوم السابع” مبادرة بعنوان “كن صديقًا للبيئة” بهدف التوعية بالمفاهيم البيئية والسلوكيات الصحيحة تزامنا مع انعقاد قمة المناخ في نوفمبر المقبل، مع تحديد قسم خاص بالبيئة في موادهما لمتابعة تفاصيل قمة المناخ. ودشنت الكثير من الصحف والفضائيات هاشتاغ “#قمة_المناخ_بشرم_الشيخ”، وبدا الاهتمام مقتصرا على جوانب أقرب إلى الدعاية منها إلى الإعلام، ما جعل هناك قناعة لدى الصحافيين العاملين في ملف البيئة بأن الزخم سيتراجع عقب القمة، وقد يترك أثرا إيجابيا على مستوى تعريف المواطنين بقضايا المناخ وتوعيتهم بالأخطار. ومضت على النهج نفسه بعض كليات الإعلام ومنظمات المجتمع المدني وشركات العلاقات العامة، والتي وجدت مساحة للعمل في ظل توسع دخول الرعاة والممولين من قطاعات مختلفة وعقد ورش عمل وجلسات توعية حول التغير المناخي. حازم بدر: لا توجد نوايا لتقديم صحافة علمية متطورة في مصر حازم بدر: لا توجد نوايا لتقديم صحافة علمية متطورة في مصر وشهد هذا المجال خلال الأيام الماضية نشاطا على مستوى المؤتمرات التي ناقشت قضايا المناخ، وجرى تدريب صحافيين وتعريفهم بكيفية التغطيات الإعلامية، مع استعداد مصر لاستقبال أكثر من ألف مراسل وصحافي أجنبي لتغطية فعاليات القمة. وتنظم الشبكة العربية للصحافة العلمية بالتعاون مع جامعة المستقبل (خاصة) مؤتمرها الأول بعنوان “الصحافة العلمية العربية في عصر الإعلام الرقمي”، وتنطلق أولى جلساته الأحد 23 أكتوبر، ويناقش كيفية إرساء أسس علمية سليمة ومبتكرة لتحسين أداء المؤسسات الإعلامية وتخصيص مساحة أكبر للقضايا الصحية والتكنولوجية وقضايا المناخ، ويتضمن عقد ثماني ورش تدريبية نوعية للصحافيين لتغطية قمة المناخ تساعدهم على إيجاد المعلومات العلمية في المصادر المفتوحة والتحقق منها. وقال رئيس تحرير منصة “أوزون” المتخصصة في قضايا التغيرات المناخية والبيئية أحمد شوقي العطار إن “الإعلام المصري يواجه معضلة التغطية السطحية لقضايا التغيرات المناخية منذ فترات طويلة، وإن كان هناك تزايد في معدلات المواد الإخبارية اليومية المرتبطة بالملف، لكن تقديمها للجمهور لا يكون بالشكل المناسب”. وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن التغطيات الإعلامية لقمة “كوب 27” تركز على التصريحات الرسمية الخاصة بالاستعدادات لانعقادها، غير أن القضايا الرئيسية وعشرات الملفات الفرعية المطروحة عليها ما زالت غائبة لقلة خبرة الإعلام المحلي في التعامل مع قضايا المناخ وعدم وجود كوادر تمتلك الفهم الصحيح لقضايا التغيرات المناخية، ما يجعل الاتجاه منصبا على التغطيات الإخبارية والتقارير العاجلة أثناء انعقاد القمة، وهو أمر بعيد عن واقع التغطية الصحافية للدولة المستضيفة. وأشار إلى أن أنظار العالم تتجه دائما نحو الدولة المستضيفة وأن القمم السابقة، في غلاسكو وباريس، كان تركيزالصحافيين الذين ذهبوا لتغطيتها على ما قدمته الصحافة الإنجليزية والفرنسية، وستكون القاهرة أمام مشكلة في تقديم قصص معمقة تستطيع من خلالها إبراز ما يدور من قضايا ونقاشات. محمود بكر: طبيعة ما يتم نشره لا يتناسب مع أهمية الحدث العالمي محمود بكر: طبيعة ما يتم نشره لا يتناسب مع أهمية الحدث العالمي ولدى العديد من الصحافيين العاملين في ملف البيئة قناعة بأن غياب الاهتمام بالأقسام العلمية والملفات المتعلقة بشؤون البيئة والتغيرات المناخية خلق مشكلات على مستوى توفير الكوادر المدربة على التعامل مع تغطية قمة المناخ وتقديم مواد علمية تغوص في تفاصيل المفاوضات المناخية بين القوى العظمى، وكيفية تأثير الدول الصناعية الكبرى على غيرها من الدول النامية والتعامل مع الأخطار البيئية المحيطة بها، بعيداً عن المحتويات التحريرية التي ترصد استعدادات مصر لاستضافة القمة. ومن إيجابيات استضافة مصر للقمة أنها أتاحت الفرصة أمام ظهور جيل جديد من الصحافيين لديه درجات أكبر من الحرفية والمهنية عبر التواصل مع الجهات الدولية التي توفر له دورات تدريبية لتعريفه بكيفية توصيل قضايا المناخ. لكن هؤلاء الصحافيين يصطدمون بمشكلات أخرى حال عدم رغبة مؤسساتهم في إبراز ما يقدمونه من محتويات حول البيئة ترصد بشكل فعلي الأخطار الداهمة، وتقدم خدمة إخبارية توعوية بعيداً عن الجوانب التجارية التي تبحث عنها بعض وسائل الإعلام في مصر. وقال نائب رئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية محمود بكر لـ”العرب” إن “الإعلام البيئي في مصر مر بالعديد من المراحل الصعبة بعد أن تقرر تحويل جهاز شؤون البيئة إلى وزارة البيئة في السبعينات من القرن الماضي، وكان هناك عدد محدود من الصحافيين يهتمون بتغطية أخبار الوزارة الوليدة، وجرى التوصل إلى صيغة تشجيعية بين الصحف والوزارة للاهتمام بالموضوعات التي تركز على قضايا البيئة من خلال دعم رمزي تحصل عليه الصحف لتخصيص مساحات يومية وأسبوعية وشهرية”. وأوضح بكر أن الدعم الرمزي استمر فترة ثم توقف مع جذب عدد أكبر من الصحافيين لتغطية الملف، وبدا واضحًا أن هناك زيادة في معدلات النشر البيئي ما أدى إلى تدشين صفحات علمية وبيئية في الكثير من الصحف قبل أن يتم إلغاؤها لأسباب مختلفة ارتبطت بزيادة معدلات الاهتمام بالأقسام الأخرى. أحمد شوقي العطار: الإعلام يواجه معضلة التغطية السطحية لقضايا المناخ أحمد شوقي العطار: الإعلام يواجه معضلة التغطية السطحية لقضايا المناخ وجذبت استضافة مصر لقمة المناخ عددا كبيرا من الصحافيين للكتابة عن قضايا البيئة، وإن كانوا بعيدين عن التخصص، ما أفضى إلى رواج إعلامي للخطوات التي أنجزتها الدولة لتحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء والاتجاه نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو اهتمام قد يكون قابلاً للاستمرار مع زيادة معدلات توعية الصحافيين بهذه القضايا، ووجود أخطار داهمة تتطلب التركيزعلى مشكلات التغير المناخي. ورأى محمود بكر أن طبيعة ما يتم نشره لا يتناسب مع أهمية الحدث العالمي، مطالبا بتحاشي تقصير القائمين على وسائل الإعلام في ظل الحاجة إلى المزيد من التوعية بقضايا البيئة والاستفادة من الإمكانيات المهنية لدى بعض الصحافيين المهتمين بالشأن البيئي. وتعد الصحافة البيئية إحدى أنواع الإعلام المتخصص الذي بحاجة إلى إمكانيات مادية وعلمية لتغطية الحوادث والفعاليات المرتبطة بالتغيرات المناخية، لكنها لا تتوفر في الكثير من الصحف، بجانب صعوبات الوصول إلى مصادر المعلومات الرسمية في مصر، وغياب البيانات العلمية الخاصة بطبيعة التغيرات. وأكد الكاتب المتخصص في الصحافة العلمية حازم بدر لـ”العرب” أن الإعلام المصري يتعامل مع قمة المناخ كمناسبة مهمة يجب التركيز عليها حاليا، ثم يعود إلى ما كان عليه من قبل، ما يجعل الزخم مؤقتًا إلى حين انتهاء القمة. وأرجع ذلك إلى عدم وجود رؤية في الصحف والمواقع تشير إلى وجود نوايا لتقديم صحافة علمية متطورة تتضمن قضايا البيئة والمناخ، فضلا عن غياب الصحافة الرصينة التي تقدم معلومات تحليلية للمواطن، بعيداً عن التغطية الإخبارية التقليدية. ومن أسباب تراجع الاهتمام بالصحافة العلمية بوجه عام في مصر وجود قناعة خاطئة لدى بعض المسؤولين عن المؤسسات الإعلامية بأن المادة العلمية غير جاذبة للجمهور، وهو اعتقاد يشي بأن هناك مشكلة في تقديم مادة علمية مبسطة وإنسانية وجذابة بعيداً عن فكرة إعادة نشر التقارير أو ترجمتها بشكل جامد.

مشاركة :